الجمعة - 03 أيار 2024

إعلان

البابا فرنسيس أمام مجلس حكماء المسلمين في البحرين: "نحن مدعوون إلى تعزيز السّلام بطرق السّلام"

المصدر: النهار
البابا فرنسيس والشيخ الطيب خلال لقائهما أعضاء مجلس حكماء المسلمين، في مسجد قصر الصخير الملكي في مدينة الصخير بالبحرين (4 ت2 2022، أ ف ب).
البابا فرنسيس والشيخ الطيب خلال لقائهما أعضاء مجلس حكماء المسلمين، في مسجد قصر الصخير الملكي في مدينة الصخير بالبحرين (4 ت2 2022، أ ف ب).
A+ A-
دعا البابا فرنسيس الى "تعزيز العدالة الاجتماعيّة والقيَم الأخلاقيّة والسّلام والحريّة لجميع الناس". وقال إن "من يُسيئون إلى الله ينبوع السلام، هم الذين يؤمنون بأساليب القوّة، ويدعمون العنف، والحرب وتجارة السّلاح، وتجارة الموت التي تحوّل بيتنا المشترك ترسانة كبيرة".
 
بعد ظهر الجمعة، كان للبابا فرنسيس لقاء خاص مع إمام الأزهر الشيخ أحمد الطيب في مقر إقامته في البحرين، قبل أن يتوجه الرجلان معا إلى مسجد قصر صخير الملكي للمشاركة في لقاء مع أعضاء مجلس حكماء المسلمين.
 
وهناك، القى البابا فرنسيس خطابا نشره موقع Vatican News، وقال فيه إن "الله هو ينبوع السَّلام. فليمنحنا أن نكون قنوات سلامه في كلّ مكان! أودّ أمامكم أن أكرّر أنّ إله السّلام لا يقود أبدًا إلى الحرب، ولا يحرّض أبدًا على الكراهية، ولا يؤيّد العنف أبدًا. ونحن، الذين نؤمن به، إنّنا مدعوّون إلى تعزيز السّلام بطرق السّلام، مثل اللقاء والمفاوضات الصّابرة والحوار، الذي هو أكسجين العيش المشترك معًا. ومن بين الأهداف التي تقترحونها، نشر ثقافة السّلام المؤسّس على العدل. أودّ أن أقول لكم إنّ هذا هو الطّريق، بل هو الطّريق الوحيد، بما أنّ السّلام هو "عمل العدل".
 
 
 
 
وقال: "جئت إليكم مؤمنًا بالله وأخًا وحاجَ سلام. جئت إليكم لنسير معًا، بروح فرنسيس الأسيزي". وتساءل: "كيف يتمكّن المؤمنون من مختلف الديانات والثّقافات من العيش معًا، والتّرحيب واحترام بعضهم بعضًا إن بقينا غرباء بعضنا عن بعض؟ لنسترشد بقول الإمام علي: "النّاسُ صِنْفان، إمّا أَخٌ لَكَ في الدِّيْن، أو نَظِيرٌ لَكَ في الخَلْق"، ولنشعر بأنّنا مدعوّون لرعاية كلّ من وضعهم المخطّط الإلهيّ بالقرب منّا في العالم. لنحث أنفسنا على أن ننسى الماضيّ وندَرِّب أنفسنا بصدق على أن نفهم بعضنا بعضًا، ولننشر ولنعزّز معًا العدالة الاجتماعيّة والقيَم الأخلاقيّة والسّلام والحريّة لجميع الناس".
 
ولفت البابا إلى أن "كلّ الشّرور في العالم متجذّرة في رفضنا لله وللأخ: في إغفال نظرنا عن خالق الحياة وعدم اعترافنا بأنّنا لم نعد حرّاسًا للإخوة. كما أنّ الشّرور الاجتماعيّة والدوليّة، والاقتصاديّة والشّخصيّة، وكذلك الأزمة البيئيّة المأسويّة التي تميّز هذه الأوقات تأتي في النّهاية من ابتعادنا عن الله وعن الآخر. لذلك، نحن لدينا مهمّة وحيدة وأساسيّة هي أن نساعد في إعادة اكتشاف مصادر الحياة المنسيّة هذه، وأن نُعيد البشريّة إلى أن تَستَقي من الحكمة القديمة، وأن نقرّب المؤمنين من جديد من عبادة إله السّماء والنّاس الذين من أجلهم خلَق الله الأرض".
 
وشدد البابا في هذا السياق على الصّلاة والأخوّة. وقال: "هذه هي أسلحتنا المتواضعة والفعّالة. يجب ألّا نسمح بأن تجرّبنا وسائل أخرى، وطرق مختصرة لا تليق بالله العليّ. اسمه السَّلام ويُسيء إليه الذين يؤمنون بأساليب القوّة، ويدعمون العنف، والحرب وتجارة السّلاح، و”تجارة الموت“ التي تحوّل بيتنا المشترك ترسانة كبيرة".
 
وختم قائلا: "علينا مسؤوليّة كبيرة أمام الله والناس، وعلينا أن نكون قدوة لِمَا نعظ به، ليس في جماعاتنا وبيوتنا فحسب، إنما ايضا في العالم الموحّد والمعَولَم".
 
- الطيب -
بدوره، القى الشيخ الطيب كلمة نشرها موقع Vatican News، وأشار فيها إلى أن "هذا اللقاء يعتبر خطوة إيجابية في مسيرة الحوار بين الأديان والتي أثمرت في زيادة الوعي الجماعي بتحديات الوحدة وزرع الأمل في استحضار الضمير العالمي للاستجابة لهذه التحديات".
 
وأكّد أن "المرء لا يعرف من أين يبدأ بكل الأزمات العالمية، سواء كانت إنسانية أو اقتصادية أو أخلاقية أو متعلقة بالمناخ والبيئة. والأسوأ من ذلك، هو حقيقة أن عالمنا اليوم لم يعد لديه سلطة مرجعية لتوجيهه كلما شوه أو خلط بين الحقيقة والأكاذيب، والخير بالشر".

تابع أنّه "منذ أواخر القرن العشرين، واجهت الإنسانية أزمات لا تعد ولا تحصى، لا سيما الهوة الشاسعة بين الأغنياء والفقراء وتوسعها المستمر، وما يصاحب ذلك من اختلال في التوازن بين الإنسان والطبيعة، مع ظلمه واستبعاده لغالبية الناس... وليس من المبالغة القول إن أزمة عالمنا الحديث هي في الأساس أزمة أخلاقية وأزمة إيمانية (الإلحاد)، لأنَّ غالبية المشاكل والقضايا التي تواجه الإنسان اليوم هي العواقب الحتمية لهذه الأزمة الجذرية، التي جرحت الإنسان وطغت على أفكاره وسلوكه".
 
كذلك تابع يقول ليس من المستغرب أن نشهد آثار هذا الانحراف عن الأخلاق، سواء في المجتمعات المنفتحة للغاية ، أو كجواب على الدعوات التي تحاول فرض الانحراف عن الأخلاق. ويمكننا قول الشيء نفسه عن ما يعرف بأزمة البيئة وتغير المناخ. هناك الكثير ليقال عن هذا الوضع المؤلم. ولكن باختصار، هذه الأزمة كارثة سببها تحرر الإنسان من قيود الدين والأخلاق. إنها إحدى آثار "الأنانية" واقتصاد السوق، وكذلك الفلسفة الرأسمالية وخطابها الذي يفضل "تحقيق أكبر قدر ممكن من الربح، حتى لو كان ذلك يعني بيع كل شيء".

وقال: "لا أعتقد أن لدينا الوقت الكافي لتفصيل المنظور القرآني للبيئة والأرض ونشر الفساد فيها؛ ولكن إذا قرأنا القرآن أكثر حول هذا الموضوع ، فيمكننا أن نجد العديد من الآيات التي تمنعنا بوضوح شديد من القيام بالفساد على الأرض. تظهر هذه الآيات بوضوح أن الإنسان مكلف بواجب إصلاح الأرض وأن العلاقة بين الجنس البشري والمخلوقات الأخرى يجب أن تكون علاقة صداقة وشركة عالمية. كما أنها تحرِّم إحداث الفساد في الأرض ، وأنها محاكمة عواقبها الوخيمة على الجميع ، وليس فقط لمن تسبب فيها".

وخلص إلى القول إن "المبالغ الفلكية اللازمة لمعالجة أزمة المناخ، بينما تتمسك الدول الصناعية الكبرى بالتمويل الأخلاقي والبشري، مخيفة جدًّا. إن واجبنا كعلماء ورجال دين تجاه هذه الظروف الدولية المحبطة هو رفع أصواتنا والصراخ للسلطات وأصحاب الثروة الفاحشة وتذكيرهم بمصيرهم ومصيرنا جميعًا، إذا لم يتحركوا قريبًا. ولكن يجب الا يعنينا ما إذا كانوا يستجيبون أو يسترون آذانهم، لأن طريقنا كممثلين للأديان الإبراهيمية هو طريق من أمر من فوق السماوات السبع: "إن عليك إلا البلغ" (القرآن، ٤٢: ٤٨)".
 
 
 
- الحوار بين الاديان -
وكان اللقاء مع مجلس حكماء المسلمين والقيادات الدينية في الكنيسة الكاثوليكية بمملكة البحرين بعنوان "الحوار بين الأديان وتحديات القرن الواحد والعشرين". وقد 
افتتحه المستشار محمد عبد السلام، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، بكلمة  أكّد فيها أن "لقاء اليوم هو إحدى المحطات المضيئة التي تؤكد أن الحكمة التي يحتاج إليها عالم اليوم، يجب الا يبحث عنها بعيداً عن الجهود المشتركة التي يتمُّ بذلها لإسعاد البشرية. كما يعكس شعورا مشتركا بين رموز الأديان الكبيرة، في تحمل المسؤولية الأخلاقية تجاه التحديات المشتركة التي تواجه عائلتنا الإنسانية الواحدة".

وكانت مداخلة للكاردينال ميغيل أنخيل أيوزو غيكسوت، عميد دائرة الحوار بين الأديان، شدد فيها على ان "هناك حاجة ملحّة لأن يتّحد المؤمنون من مختلف الأديان لتعزيز نظام اجتماعي مسؤول إيكولوجيًّا قائم على القيم المشتركة حيث إن الأزمة البيئية وحماية البيئة فيما يتعلق بالناس والكوكب والازدهار والسلام والعيش الاجتماعي تُعد أمورًا أساسية لجميع الأديان وترتبط بعضها ببعض ارتباطًا وثيقًا".

ورأى أن "القلق إزاء التدهور البيئي واقع مشترك بين الأديان ويمكن للأديان أن تحدث التغييرات اللازمة في أنماط حياتنا للتغلّب على تدهور أوضاع الكوكب". وخلص إلى انه "يجب أن يحفِّزنا الوعي بإنسانيتنا المشتركة ومصيرنا المشترك والمسؤوليّة التي نتشاركها تجاه الآخرين والعالم، على مواصلة تطوير هذا التضامن الضروري بين الأديان من أجل رفاهية العائلة البشرية".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم