"نهاريون" في زمن الحروب... تمسّك "بكيانيّة لبنان" وإصرار على النضال

اسمها "النهار" واسمهم "النهاريون". الى هذا الحدّ يتم التماهي بين الجريدة التسعينية وصحافييها. خلال هذا التاريخ الطويل من العمل الصحافي – النضالي، مرّت "النهار" بالكثير من التحديات، ومرّ معها "النهاريون" بأوقات عصيبة. هكذا كانت "النهار" في زمن الحرب، أو الأصح في زمن الحروب، وكان صحافيوها يتعايشون مع التهديد والخطف فالقتل والاستشهاد!...الى هذه الدرجة، هو التماهي القويّ، لأن بعد الموت قيامة. وعند كل استشهاد، كانت " النهار" تنفض عنها لغة الإجرام والدم والبكاء... من أجل أن تستمر. على مرّ الأعوام والحقبات، لا بل منذ تاريخ استقلال هذا البلد الصغير، وصحافيوها يتعايشون مع الصعاب. لعلّها هي مراحل ثلاث يُضاء من خلالها على أبرز التحديات التي عاشها صحافيو "النهار"، في زمن الحروب، فتشكل عيّنة من الأسماء والتجارب، لا بل من مسيرة حياة ونضال، من دون أن تختصر هذه المراحل كل الحقبات أو جميع الأسماء.استقلال... وغسّان توينيهو غسان تويني. هو عميد "النهار" الذي اختبر بنفسه تجربة السجن، وخلال مرات عديدة. في تموز 1949، اعتُقل الشاب الصحافي يومها، للمرة الأولى، بعيد إعدام زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعادة. عامها، كتب تويني مقالة بعنوان "سعادة المجرم الشهيد"، اعتبرتها الشرطة العسكرية موجّهةً ضدّها، فأمرت بسجنه، وقضت المحكمة العسكرية بحبسه ثلاثة أشهر، فردّ تويني كاتباً: "المستقبل للشباب، لا للذين يريدون ترويع الأحرار". وبعد أقل من عام، تعرّض للاعتقال ثانية، حين كتب في شباط 1950 افتتاحية وُصفت بـ"النارية" إثر إعدام سبعة متهمين في "الثورة القومية"، فمثل أيضاً أمام المحكمة، ودخل في مواجهة جديدة مع السلطة العسكرية. فكان الرد بمقالة أيضاً بعنوان "شمسهم أذنت بالمغيب". حوكم غيابياً، وصدر الحكم بسجنه شهرين.عام 1951، كانت المقالة الشهيرة بعنوان "بدنا ناكل جوعانين" إثر تظاهرة شعبية في بيروت احتجاجاً على احتكار الطحين وارتفاع أسعار الخبز... وما أشبه اليوم بالأمس! لكن اليوم لم يعد هناك غسان تويني! في ذلك الحين، طالب تويني، بسيف قلمه، بأبسط حقوق الناس. وقف الى جانب من نزلوا الى الشارع بعفويتهم وهتفوا "بدنا ناكل، جوعانين"... فكان...