السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

حردين... لوحة من القداسة والتاريخ

المصدر: النهار
ريم قمر
محابس حردين- تصوير مارك فياض
محابس حردين- تصوير مارك فياض
A+ A-

تقع حردين في قضاء البترون، وتبعد 80كم عن العاصمة بيروت، وهي تتميز بعراقة تاريخها وأهمية معالمها الأثرية. 

 يعود تاريخ البلدة الى عصور ما قبل التاريخ حيث استوطن الإنسان القديم مغاورها وكهوفها الطبيعية وخصوصاً تلك الواقعة في وادي كفرشير المطلّ على نهر وسهل الجوز فوق كفرحلدا وبيت شلالا.

  

كما وينتشر في البلدة عدد من المدافن التي تعود الى الفترة الفينيقية، وأطلال المعابد القديمة خصوصاً في محلة "المحليصة والرام". و عُثر في الوادي على ثلاثة تجويفات صخرية ضخمة ومجموعة من الثقوب المربعة المحفورة في الصخر، وخزّان كبير للمياه وقناة جر وأدراج ومقاعد، حُفرت في الصخر وبطريقة متقنة. ونظراً لأهمية موقعها وتلالها المرتفعة المشرفة على المنطقة، اختار الرومان أعلى تلالها لبناء أحد أضخم معابدهم.

 

تصوير مارك فياض

 

 وتعتبر حردين أول قرية عرفت المسيحية في جبل لبنان، بشهادة المؤرخ الأب اليسوعي لويس شيخو. فشُيد فيها عدد كبير من الكنائس والأديرة التي يصل عددها إلى الثلاثين. وهي تحتضن أحد مراكز البطريركية المارونية، وقد عاش فيها أربعة بطاركة على مدى 140 سنة، واستقرت فيها، أيضاً، أول حبيسة في لبنان. وتشتهر حردين بكونها بلدة القديس نعمة الله الحرديني الذي وصل بتقواه الى حدود القداسة.

 
تصوير مارك فياض

 

 اسم "حردين" يعني الورعون، الواجلون والخائفون على الإيمان، كما تعني النظر في الدين، ويفسّرها آخرون بأنها تعني حارة الدين أو حار في الدين.

 
تصوير مارك فياض
 

تصوير مارك فياض

 

تعدّ بلدة حردين من المناطق اللبنانية التي تحلو زيارتها لما تحتويه من معالم تاريخية وأثرية شاهدة على أهميتها التاريخية والدينية. كما وأنها تتمتع بجمال طبيعي مميز فتستقبل حردين محبي المشي في الطبيعة في ربوعها وغابتها الخضراء حيث أشجار السنديان والصنوبر تغطي المكان، وهي توفر بسبب موقعها مشاهد طبيعية وبانورامية مذهلة تسمح بتأمل جمال طبيعة لبنان بجبالها ووديانها وبحرها الأزرق.

 
 
تصوير مارك فياض
 
 
تصوير مارك فياض

 

المعبد

ابدأ جولتك بزيارة المعبد أو "القصر" الذي يعدّ من أشهر معالم حردين. وهو يعتبر من أضخم المعابد القديمة التي بنيت في الحقبة الرومانية. ويتميز المعبد بموقعه الاستراتيجي  المشرف على جبال عكار والمكمل والمنيطرة بالإضافة إلى الساحل اللبناني من البترون إلى طرابلس، ومناطق زغرتا وإهدن.

ولقد تحول هذا المعبد كغيره من الهياكل القديمة إلى انقاض بسبب العوامل الطبيعية والزلازل التي ضربت لبنان في منتصف القرن السادس الميلادي. وكان قد أسس الرهـبان الموارنة ديراً لهم عرف بدير مار ريشـا على أنقـاض ساحة الهيـكل العـظيم. وفي عهد الصليبيين تم ترميم  الكنيسـة والدير ليصبح مركـزاً للأساقـفة السريان. ولكن ما لبث  أن تعـرّض للحـريق والتدمير على يد الجيش العثماني في صيف 1640 م. ولقد اكتشف بداخله مائدة مذبح الكنيسة وذلك في باحة المعبد الكبير.

 
تصوير مارك فياض
 
ومن أبرز معالم حردين، الكنائس الأثرية والتاريخية الشاهدة على قداسة المنطقة وتاريخها العريق، فلا تفوت عليك فرصة اكتشافها والتعرف عليها.
 
  كنيسة مار جرجس

بنيت  كنيسة مار جرجس في القرن السادس الميلادي بحجارة معبد فينيقي قديم، وهي تتميز بعمارتها المتواضعة على شكل صليب ولها ثلاثة مداخل وقبة كبيرة. ولا تزال آثارها ظاهرة حتى اليوم في أبنية الدير الكائن حالياً على اسم مار فوقا ومار جرجس الذي بناه رهبان اليعاقبة السريان حين  تسلموا وقفية دير مار جرجس.

 

تصوير مارك فياض

 

تصوير مارك فياض

 

تصوير مارك فياض

 

كنيسة مار جرجس وادنا

 تتميز هذه الكنيسة بنقوشها ورموزها المسيحية الأولى؛ فنقش على بعض حجارة جدرانها  عدد من الصلبان التي يعود أحدها إلى أوائل العهود المسيحية، إضافة إلى نقوش تمثل السمكة.  بنيت الكنيسة على أنقاض معبد وثني ما زالت بعض أحجاره القديمة تشكل المداميك السفلية لجدران الكنيسة. ويحمل حائط الكنيسة عقدين مزينين بحنيتين شرقيتين تختلفان في عمقهما وشكلهما.

 

كنيسة مار شليطا ونهرا

تقع هذه الكنيسة القديمة تحت شير صخري قرب مجرى نبع حردين، وهي مزدوجة الحنايا وصحنها يتكون من صخرة واحدة ممتدة على انحدار خفيف من الشرق إلى الغرب. وراء الحنيتين جرن منقور في الصخر تصب فيه مياه عين نابعة من داخل الشير. وتحتوي الكنيسة على رموز هندسية منقوشة في صحنها الصخري إلى جانب  نقوش الصلبان المحفورة في حجارة مدخلها.

 

 

دير مار سركيس "القرن"

هو من الأديار القديمة في حردين الذي شيده الرهبان الموارنة في القرن الثامن. ولقد سكنه عدد من بطاركة الموارنة فعرف بـ"دير الرئاسة".

يتألف الدير من أبنية عدة مستقلة تضم كنيسة ومسكناً للرهبان، وكنيسة صخرية صغيرة ومجموعة من الخزانات المحفورة في الصخر. لم يبق من كنيسة الدير سوى آثار لثلاثة أروقة، وحائط شمالي مبني من الحجارة الضخمة.

في محبسة مار سركيس القرن الصامدة حتى اليوم في وسط الجرف الصخري شعّت أنوار الراهبة "سارة الحردينية" التي توفيت عام 1199 م، وهي تعتبر  أولى الحبيسات التي عرفت في لبنان.

 
  

تصوير مارك فياض

 

تصوير مارك فياض

 

دير مار يوحنا الشقف

شيد هذا الدير رهبان اللاتين السيسترسيين في العهد الصليبي، ومحبسته معرفة اليوم بمحبسة القديس.
 

تصوير مارك فياض

 

تصوير مارك فياض

 

 المحابس

اشتهرت حردين بمحابسها الصخرية القديمة التي تعود إلى بدايات عهد التنسّك. أشهرها محبسة سيدة القلعة وهي تقع في وسط شير معبد حردين، وتتضمن مزاراً على اسم سيدة البزيزات وحولها تدور أسطورة هدداية سكان المنطقة على يد ابنة ملك حردين الوثني صاحب القصر. ومحبسة مار يوسف في شير كفرشيرا، ومحابس مار انطونوس ومار يعقوب ومار اسطفان ومحبسة مار سركيس التي شاعت تسميتها بمحبسة الحرديني بسبب لجوء القديس نعمة الله الحرديني إليها للصلاة.

 
تصوير مارك فياض

 

تصوير مارك فياض

 

تصوير مارك فياض

 
تصوير مارك فياض

 

تصوير مارك فياض

 

بلاطة حردين

لا تكتمل زيارة حردين دون اكتشاف "البلاطة" التي أصبحت اليوم من معالم البلدة المميزة. وهي عبارة عن بلاطة صخرية شهيرة بامتدادها الفريد على منحدر يبلغ طوله نحو 300 متر وعرضه نحو 1000 متر، وهي تحتوي على أعداد كبيرة من المتحجرات البحرية. تظهر هذه البلاطة حركة الصفائح التكتونية منذ ملايين السنين والتي شكلت تضاريس جبل لبنان.

 

تصوير مارك فياض

 

تصوير طوني فرنجية

 

بيت القديس الحرديني

ومن المواقع الجديرة بالزيارة، بيت القديس نعمة الله كسّاب الحرديني الذي ينحدر من هذه القرية. تم شراء هذا البيت في العام 1973 من تبرعات أهل حردين المقيمين والمغتربين، وهو بتسلّم الرهبانية اللبنانية المارونية التي انتمى إليها الحرديني. في هذا المكان يمكنك التعرف إلى حياة القديس وعجائبه. علماً بأن قداسة البابا يوحنا بولس الثاني قد أعلنه "قديساً" في السادس عشر من أيار 2004.

 

تصوير طوني فرنجية

 

 تصوير مارك فياض
 
تصوير مارك فياض
 
تصوير مارك فياض
 
تصوير مارك فياض
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم