تعدّ قلعة الشقيف أرنون من قلاع جنوب لبنان الجميلة والمميزة بموقعها، وهندستها وتصميمها. نظرًا لموقعها المميز على قمة تشرف على المنطقة من الجهات كلها، شهدت القلعة أحداثًا تاريخية مختلفة بدأت مع العصور القديمة وانتهت بالانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان. واليوم هي من المواقع الأثرية التي تجذب العديد من الزائرين المحليين والأجانب.
موقعها
تقع قلعة الشقيف في منطقة أرنون الجنوبية، في قضاء النبطية، وهي ترتفع عن سطح البحر نحو 710 أمتار. تنفرد القلعة بموقعها المميز على قمة جبلية تطل على المنطقة بكاملها وعلى مجرى نهر الليطاني، حيث الطرقات التي تربط الساحل الجنوبي بالبقاع ودمشق. كما وتُشرف القلعة من جهة الغرب على الساحل، وعدد من القرى والبلدات اللبنانية المحيطة، أما من الشرق فيطالعك مشهد مذهل للوادي حيث مجرى النهر، وجبل الشيخ الشامخ وسلسلة جبال لبنان الشرقية. واذا كانت السماء صافية، ستتسنى لك رؤية الجولان السوري المحتل وقرى الجليل الأعلى في فلسطين المحتلة ووادي الأردن وغيرها من المواقع.
تسميتها
أطلقت عليها أسماء مختلفة؛ فأطلق عليها المؤرخون العرب اسم "شقيف أرنون" ولفظة الشقيف هي سريانية الأصل معناها الصخر الشاهق. أما الأجانب فسمّوها Belfort او Beaufort أي الحصن الجميل.
تاريخها
يختلف المؤرخون حول تاريخ بناء القلعة، يرجّح البعض أنها بنيت في الفترة الصليبية اي في القرن الثاني عشر الميلادي، فيما يذكر البعض الآخر أنّ القلعة بنيت في عهد الرومان أو البيزنطيين، ولقد استخدمها العرب قبل ان يدخلها الصليبيون الذين قاموا بدورهم بزيادة البناء وعملوا على تحصينها وتدعيمها حتى أصبح الحصن الأهم بين القلاع التي بنوها في لبنان. وهناك بعض النظريات التي تعتبر أن القلعة قد بُنيت على أنقاض مبنى فينيقي قديم.
تصميمها
تقوم القلعة على نتوء صخري مرتفع، ولقد تحكّمت طبيعة الموقع بشكلها الهندسي. فجاء شكل البناء متعرجا وشبه مستطيل. من جهة الشرق تطلّ القلعة على وادٍ سحيق يجري فيه نهر الليطاني، بينما أحيطت، من الجهات الأخرى الثلاث بخندق حفر في الصخر لعزل القلعة عن محيطها، كان قد أقام فيه فرسان الهيكل حصنًا أطلقوا عليه اسم الحصن الجديد .
كانت تتألف القلعة من ثلاث طبقات، الا ان الثالثة تهدمت بالكامل. ويحيط بها سور بني في القرن الثاني عشر. وفي القرن الثالث عشر، خضعت القلعة لتعديلات عدة إذ جرى تعزيز جهتها الجنوبية ببرجين دائريين ضخمين، ومن ثم أضيف برج مربع الشكل وآخر مسدس لتحصين القلعة، فضلاً عن قاعة مصممة على الطراز القوطي، وإنشاءات سكنية تعود الى الحقبتين العربية والعثمانية. تتألّف القلعة في قسمها السفلي من إسطبلات وقاعات للرماية والتخزين ومعاقل وترسانة. و عُثر في جهة الغرب على مجموعة كبيرة من الخزانات المحفورة في الصخر، إلى أحواض ضخمة داخل القلعة كانت تُستخدم لتجميع المياه اللازمة في أيام الشحّ أو الحروب.
تصوير ريم قمر
ولقد شهدت القلعة ورشة إعادة ترميم وتأهيل، سمحت باكتشاف العديد من الأقبية والجدران والقاعات غير المعروفة سابقاً في خرائط القلعة.كما وساعدت بالكشف مجدداً على الخندق الصخري المطمور منذ سنوات والذي يصل إلى مجرى نهر الليطاني.