معلّقة بين السماء والأرض... قلعة نيحا تدعوكم لعيش المغامرة والاكتشاف
Smaller Bigger

في أعالي الجبال اللبنانية وفوق قمة أحد المرتفعات في بلدة نيحا الشوفية، تنتصب قلعة صخرية يطلق عليها تسمية قلعة نيحا أو شقيف تيرون.

تبعد نيحا 33 كلم من بيروت، وهي تقع اليوم في نطاق محمية أرز الشوف المحيط الحيوي. أما اسم نيحا فهو سرياني الأصل يعني الهدوء والراحة، وهذا فعلاً ما تتمتع به بلدة نيحا الشوفية من جمال طبيعي وهدوء جعلا منها نقطة جذب للباحثين عن الراحة والاسترخاء .

 
 

تعدّ قلعة نيحا من أبرز المعالم السياحية والتاريخية في الشوف اللبناني، وهي عبارة عن مجموعة من المغاور المحفورة على واجهة جرف صخري، بشكل تبدو وكأنها معلَقة بين السماء والأرض.  ترتفع القلعة  1200 متر عن سطح البحر، وهي تتميز بموقعها الاستراتيجي الذي يشرف على وادي بسري والممر الذي يصل بين صيدا وسهل البقاع.

 
 

وبحسب المصادر التاريخية، شهدت القلعة أحداثاً تاريخيه وعسكرية عدة. فبسبب موقعها المميز، شكلَت مطمعًا للعديد من الغزاة الذين اتخذوا منها حصنًا دفاعيًا استراتيجيًا.

كانت القلعة أولاً ملكًا لشيخ درزي يدعى ضحاك بن جندل التميمي، ولقد تعرّضت فيما بعد للعديد من الاحتلالات والكرّ والفرّ ، فاحتلها الصليبيون وأطلقوا عليها اسم تيرون، ومن ثم سقطت القلعة بيد صلاح الدين الأيوبي.  ولقد احتلّها أيضًا الفرنجة، ووالي صيدا سعد الدين بن نزار شهاب الدين بن بحتر التتري الذي قام بتدميرها وإحراقها. وفي عهد المماليك استولى عليها  بيبرس وأمر حينها بترميمها وتحصينها.

 
 

وفي العام 1585، لجأ الى قلعة نيحا الأمير قرقماز، والد الأمير فخر الدين الثاني، بعد أن طارده العثمانيون بسبب اتهامه بالسطو على خزينة الدولة. ولقد مكث فيها الى أن انتقل إلى مغارة جزين حيث توفي . وفي عام 1633، اتخذ الأمير فخر الدين الثاني الكبير من القلعة ملجأً له ولأسرته وأقربائه بعد أن هُزم أمام العثمانيين في عهد أحمد باشا كجك.  وعندما اكتشف الكجك مكان لجوء الأمير، حاصره لفترة طويلة ولكن دون ان يستسلم. فقام الكجك بتلويث المياه الجوفية الجارية إلى القلعة من نبع الحلقوم بدماء البهائم. فاضطر فخر الدين الى مغادرة القلعة، ليلجأ الى مغارة جزين حيث ألقي القبض عليه.

 
تصوير د. رباب طوق
 
 

تتميز القلعة بتحصيناتها وتصاميمها التي شكّلتها الالتواءات الجيولوجية ويد الإنسان، فهي تحتوي على منافذ تشبه مداخل المغاور والكهوف والتي تسمح بالولوج الى الغرف والسراديب المحفورة في داخلها. وتحتوي القلعة على عدد لا بأس به من الصوامع وغرف التخزين التي كانت تُستخدم لتخزين الحبوب والمؤن والذخيرة. بالإضافة الى سبعة آبار كانت مخصصة لجمع المياه العذبة من الأمطار ونبع الحلقوم الواقع على بعد كيلومتر واحد من القلعة عبر القنوات والأنابيب الطينية. وتضم القلعة أيضًاً غرفاً ومطبخ وأدراجاً وممرات.

 
تصوير د.رباب طوق
 
 
 

 القلعة مجهّزة اليوم لاستقبال الزائرين، بعد أن رُممت وجُهّزت بممر آمن يتيح الوصول إليها بالرغم من خطورة المكان. وتعدّ القلعة من الأماكن التي تستحق الزيارة، لما توفره من مشاهد طبيعية ومذهلة وغنًى تراثي وتاريخي.

 

الأكثر قراءة

لبنان 10/12/2025 6:47:00 PM
تُظهر الصور المتداولة تكدّس الغيوم الماطرة فوق المرتفعات، في وقتٍ يشهد فيه الطقس تقلّبات خريفية واضحة.
لبنان 10/13/2025 4:37:00 PM
توقيف شركة “مياه تنورين” مؤقتاً عن تعبئة مياه الشرب وسحب منتجاتها