مغارة الزحلان... كنز طبيعي فريد في الضنية

تقع مغارة الزحلان الطبيعية في الضنية، وسط ثلاث تلال بين بلدة سير والقطين وحقل العزيمة، وهي تشبه بخصائصها وتشكيلاتها مغارة جعيتا الشهيرة.

تعدّ هذه المغارة من المواقع الطبيعية المميزة في لبنان، نظراً لتكوينها الرائع. فهي تحتوي على مجموعة من الردهات والتجاويف والشعاب الضيقة والواسعة والهياكل والقاعات التي نحتتها الطبيعة وحوّلتها الى سراديب أفقية وعمودية، والتي تتخللها المياه العذبة والمشبعة بالكلس. ولقد تسرّبت هذه المياه إلى المغارة من مرتفعات بلدة سير وجبال الأربعين، لتُشكّل مع مرور الزمن عالماً من القباب والمنحوتات والأشكال والتكوينات العجيبة التي يقدّر عمرها بملايين السنين.

أظهرت الدراسات الجيولوجية، أن المغارة تشكّلت أولاً خلال العصر الجوراسي المتأخر أي الفترة نفسها التي تشكّلت فيها الكثير من المغاور والكهوف في لبنان.

تصوير ريم قمر 

ولقد عُثر داخل المغارة، أثناء أعمال التنقيب والتأهيل، على بقايا بشريّة يقدّر عمرها بثلاثين ألف سنة وأخرى حيوانية يقدر عمرها بخمسين ألف سنة؛ وهي عبارة عن هياكل وجماجم متحجرة من المرجح أن يعود تاريخ وجودها الى العصر الحجري. كما وعثر في داخلها على بعض الفخاريات المحطمة التي يعود تاريخها إلى نحو سبعة آلاف سنة، بالإضافة إلى السكاكين والأدوات الصوانية التي قد تعود الى ما قبل العصر البرونزي.

تصوير ريم قمر 

تتألف المغارة اليوم من ثلاثة أجزاء؛ جزء مؤهل لاستقبال الزوّار، ومغارة سفلية ثانية، ومغارة سفلية ثالثة يخرج منها نبع الزحلان الذي يتشكل منه النهر. من المرجّح أن تكون الأجزاء الثلاثة من المغارة عبارة عن مغارة واحدة، تفصل بينها الردميات والترسبات التي تكوّنت عبر الزمن.

تصوير ريم قمر 

 
عند زيارة المغارة يمكن الاستمتاع بمشاهدها الرائعة، حيث تتلألأ عند مدخلها الرئيسي الصواعد والنوازل التي تشكّلت عبر الزمن. كذلك تفترش جدران المغارة مساحات واسعة من الترسّبات الكلسية المتدرجة الألوان من الأبيض الشفاف الى الزهري فالأحمر، والتي تشكّل منحوتات فريدة رائعة الجمال. وتتكون المغارة من عدة غرف طبيعية، فتحتوي الغرفة الكبيرة على مجموعة من الأبواب الدائرية الشكل التي تصلها بالغرف الأخرى، والتي تحافظ بدورها على نفس النمط والمشهد المذهل.

تصوير ريم قمر 

وتتميز هذه المغارة بجمالها الطبيعي من الخارج أيضاً، بسبب موقعها في الوادي الذي تحيط به التلال الخضراء من جميع الجهات. وتمر عبر هذا الوادي معظم أنهار الضنية التي تتدفق منها ثلاثة شلالات من اتجاهات مختلفة.

تصوير ريم قمر 

حوّلت المغارة إلى معلم سياحي، وافتتحت أمام الزوّار بعد تجهيزها بالخدمات الضرورية. فيمكنكم الاختيار بين مجموعة من النشاطات أبرزها النزول على درج طويل في وسط الطبيعة، أو ركوب قطار السكة الحديد الذي يأخذكم إلى مدخل المغارة. ولا تفوّتوا تجربة الجسر المعلّق الذي يربط المغارة بالقرى المحيطة في سير وحقل العزيمة، حيث ستستمتعون بالتأكيد بمنظر طبيعي رائع للوادي. ونشير إلى أنه بإمكانكم تناول وجبة الغداء في الموقع حيث يوجد مطعم يقدّم المأكولات المحلية.

تصوير ريم قمر 

لا زالت أعمال التنقيبات مستمرة في المغارة لاكتشاف المزيد من أعماقها الأفقية وتجويفاتها، بالإضافة الى العديد من التجهيزات التي ستساهم بجذب المزيد من الزائرين إليها.


تصوير ريم قمر