الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الحياة تعود ببطء إلى الباغوز بعد عامين على هزيمة تنظيم "الدولة الإسلاميّة"

المصدر: أ ف ب
مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية يشاركون في عرض عسكري في حقل العمر النفطي في محافظة دير الزور الشرقية (23 آذار 2021، أ ف ب).
مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية يشاركون في عرض عسكري في حقل العمر النفطي في محافظة دير الزور الشرقية (23 آذار 2021، أ ف ب).
A+ A-
تقضي دلال أيامها في السعي خلف تحقيق حلم زوجها المتوفي بتشييد منزل جديد لعائلتها في الباغوز، البلدة الصغيرة التي أعلنت قوات سوريا الديموقراطية منها قبل عامين القضاء على "خلافة" تنظيم الدولة الإسلامية.

فقدت دلال الخالد (40 عاما)، الوالدة لسبعة أطفال أكبرهم في الثالثة عشر من العمر، زوجها جراء انفجار لغم قبل عامين ونصف خلال سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على الباغوز في أقصى شرق سوريا.

أمام منزلها قيد الإنشاء، تقول لوكالة فرانس برس: "كنت أتمنى لو كان زوجي إلى جانبي، لو أنه لم يمت لنكمل بناء هذا المنزل معا، ونبدأ حياتنا من جديد. لكن الحرب منعتني من تحقيق أمنيتي".

قبل أشهر عدة، عادت دلال إلى الباغوز، التي فرت منها مع بدء المعارك قبل عامين، لتجد منزلها السابق مدمراً. لكنها قررت أن تحقق حلماً قديماً لزوجها بإكمال بناء منزل آخر كان وضع أساساته قبل مقتله.

وتقول السيدة، التي ترتدي عباءة سوداء وتضع حجاباً على رأسها: "أوضاعنا سيئة. جمع الناس المال لنا لبناء المنزل وإيواء أطفالي اليتامى".

تصر دلال على العودة إلى الباغوز برغم غياب الخدمات الرئيسية، على حد قولها، فضلاً عن خطر الألغام وبقايا الذخيرة التي خلفها الجهاديون في منازل وأحياء البلدة.

كل صباح، تغادر منزلاً نصفه مدمر لجأت إليه وأطفالها في بلدة السوسة القريبة، متوجهة إلى الباغوز.

تسير في شوارعها الضيقة، التي لا تزال آثار المعارك بادية عليها. وتصل منهكة إلى منزلها، حيث تتبادل الحديث مع العمال لتطمئن على سير العمل. 

وتقول: "عندما أسير في هذا الطريق، أبكي (...) هذه الحرب أفقدتنا كل شيء".

- حقول القمح -
قبل عامين، خطفت الباغوز، هذه البلدة الصغيرة عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات، أنظار العالم.

خاضت قوات سوريا الديموقراطية المدعومة أميركياً فيها آخر هجماتها ضد التنظيم المتطرف.

استمر الهجوم عدة أشهر. وخلاله، حوصر آلاف الجهاديين وعائلاتهم في جيب صغير في البلدة، قبل أن يخرجوا تدريجاً على وقع القصف والمعارك.

وفي 23 آذار 2019، أعلنت قوات سوريا الديموقراطية من الباغوز القضاء على "الخلافة" التي بثت الرعب لسنوات في مناطق شاسعة في سوريا والعراق.

قبل عامين، كانت الباغوز عبارة عن بلدة مقفرة ومهجورة، وقد يبست أشجار الرمان في حقول منازلها. ودمرت أو تضررت بيوتها، التي بخلاف مناطق أخرى في ريف دير الزور الشرقي، بدت اشبه بقصور صغيرة.

أما اليوم، فقد طغى اللون الأخضر على حقول البلدة ومحيطها. وأعاد سكان كثر ترميم وإعمار بيوتهم، وإن كانت منازل كثيرة لا تزال خالية من أهلها.

في شارع فرعي، شهد قبل عامين خروج جهاديين وعائلاتهم، يركض عشرات الأطفال متوجهين إلى منازلهم بعد انتهاء الدوام المدرسي.

من التلة المطلة عليه، حيث ترفرف راية قوات سوريا الديموقراطية، بدا الجيب الأخير الذي حوصر فيه الجهاديون وحولوه إلى مخيم لهم ولعائلاتهم، مقسماً جزئين: حقول مزروعة بالقمح تمكن أصحابها من إحيائها، وأراض بدت أشبه بساحة خردة ضخمة من هياكل سيارات محترقة وبقايا خيم.

- "أنتظر الخبز" -
تلاحق اثار الحرب سكان البلدة، وإن كانت عشرات المحال فتحت أبوابها.

ويقول أبو خالد (40 عاماً)، الذي يعمل مياوماً: "انظروا من حولكم (...) لا يوجد كهرباء أو مياه للشرب، ولا عمل... والوضع الصحي سيئ، وليست هناك أدوية كافية ولا مستشفى".

عند مدخل البلدة، يتفقد مقاتلون من قوات سوريا الديموقراطية هويات القادمين في إجراءات أمنية خشية من عناصر متوارين لتنظيم الدولة الإسلامية.

وبرغم القضاء على "الخلافة"، يتبنى التنظيم مراراً هجمات بعبوات ناسفة أو اغتيالات ضد قوات سوريا الديموقراطية أو مدنيين يعملون لصالحها في قرى شرق دير الزور.

وحذرت قوات سوريا الديموقراطية الثلثاء في ذكرى مرور عامين على معركة الباغوز أن المرحلة الحالية تُعدّ "الأصعب في مواجهة الارهاب، وأصعب من مرحلة مقارعة داعش وجها لوجه".

قبل عشرة أشهر، رمم أبو نورس (50 عاماً) منزله الواقع قرب مخيم الجهاديين سابقاً، لكنه يشكو أيضاً من غياب الخدمات والمساعدات.

وبرغم أن الوضع الأمني "بات أفضل من السابق"، على قوله، إلا أن هذا لا يكفي.

ويقول: "ليس هناك سوى فرن واحد في البلدة... أنتظر منذ الفجر للحصول على الخبز".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم