السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

كيف ضغط بايدن على نتنياهو لوقف الحرب على غزة؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهة (أرشيف) - "أ ب"
الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهة (أرشيف) - "أ ب"
A+ A-

قبلت حركة "حماس" وتل أبيب بمقترح للهدنة تقدّمت به مصر، وقد دخلت حيّز التنفيذ الساعة الثانية من فجر اليوم الجمعة. على الرغم من ذلك، قال الطرفان إنّهما لا يزالان مستعدّين للردّ على أيّ انتهاك لوقف إطلاق النار. وتعهّد الرئيس الأميركي جو بايدن المساعدة بإعادة الإعمار في غزة على أن يتمّ تنسيق المعونات مع السلطة الفلسطينية "على نحو لا يسمح لحماس بإعادة ملء ترسانتها العسكرية". وقال أيضاً إنّه سيعيد تغذية منظومة "القبّة الحديديّة" التي أعلن أنّها أنقذت الكثير من الأرواح.

في السياسة، تحدّث بايدن عن رؤيته "فرصة حقيقية" للمضيّ قدماً نحو وضع يمكّن الفلسطينيين والإسرائيليين من "العيش بطريقة آمنة والتمتع بمقدار متساوٍ من الحرية، والازدهار والديموقراطية". وسيوفد بايدن وزير خارجيته أنتوني بلينكن إلى المنطقة لمناقشة الأوضاع مع أطراف داخلية وإقليمية ومناقشة جهود إعادة الإعمار. ويعيش في قطاع غزة المحاصر منذ وصول "حماس" إلى السلطة منذ عقد ونصف من الزمن تقريباً، حوالي مليوني فلسطينيّ. كذلك، ترسل مصر وفدين أمنيّين إلى الأراضي المحتلّة لمتابعة إجراءات التنفيذ والاتفاق على إجراءات مكمّلة للحفاظ على استقرار الأوضاع.

 

شراء الوقت

استمرّت الحرب على غزة في 2014 حوالي سبعة أسابيع. أمّا الحرب الحاليّة فلم تصل إلى فترة أسبوعين. حتى إنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو قال منذ أربعة أيام "إنّنا نتحرك الآن، طالما أنّ الأمر ضروري، لإعادة الهدوء... سيستغرق الأمر وقتاً". لكن يبدو أنّ الحسابات الأميركيّة تحديداً لم تكن مؤاتية كثيراً لرئيس الوزراء الإسرائيلي. في البداية، حاول بايدن كسب الوقت لصالح نتنياهو عبر التهديد بنقض مشاريع القرار الصادرة عن أعضاء مجلس الأمن للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار.

وفي تعليقه لـ"النهار"، يؤيّد البروفسور المشارك في "مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجيّة" التابع لـ"جامعة الدفاع الوطنيّ" ومقرّها واشنطن، الدكتور مايكل شارنوف هذه الفرضيّة:

"أعتقد أنّ إدارة بايدن أرادت إعادة تأكيد دعم الولايات المتحدة حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها من الصواريخ التي أطلقتها حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة. قد يفسّر هذا عدم استعجال بايدن فوراً للإصرار على وقف لإطلاق النار، ما قدّم لإسرائيل وقتاً كي تحقق أهدافها بتحييد قادة حماس والجهاد الإسلامي، تدمير ترسانة أسلحتهما ومخازنهما الصاروخية، والقضاء على شبكة الأنفاق الخاصة بهما".

وذكرت تقارير الاثنين أنّ الإدارة الأميركيّة تبحث بيع أسلحة متطورة إلى تل أبيب بقيمة 735 مليون دولار لاستخدامها في الحرب الدائرة. علماً أنّ الولايات المتّحدة تقدّم مساعدات عسكرية سنوية إلى تل أبيب بقيمة 3.8 مليارات دولار، وهو رقم يساوي خُمس الموازنة العسكريّة الإسرائيليّة.

 

الرياح تتبدّل

مع ذلك، يبدو أنّ الرئيس الأميركيّ عاد ورضخ للضغوط الحزبيّة الداخليّة. ألحّت شخصيّات من الجناح التقدّميّ في الحزب الديموقراطيّ على رفع بايدن الغطاء عن إسرائيل والدفع باتّجاه التهدئة. من بين هذه الأصوات، الأعضاء في مجلس الشيوخ بيرني ساندرز، رشيدة طليب (من أصول فلسطينية)، إليزابيث وورن وغيرهم.

وأبلغ بايدن نتنياهو يوم الاثنين أيضاً أنّه لن يستطيع الوقوف كثيراً في وجه الضغوط الصادرة من داخل حزبه، وفقاً لما نقلته صحيفة "نيويورك تايمس" عن مصادرها. وكانت مجموعة من الديموقراطيّين التقدّميين في مجلس النوّاب تخطّط لمسودة قانون يمنع إدارة بايدن من إتمام المساعدة العسكرية الأخيرة، على الرغم من أنّ حظوظ إقراره كانت ضئيلة.

وفي ما يخصّ الضغوط الأميركيّة على نتنياهو لوقف الحرب، تقاطعت معلومات "نيويورك تايمس" مع ما نقلته مجلة "بوليتيكو" عن مصدرين أشارا إلى أنّ الأميركيّين كانوا يحثّون الإسرئيليين على القبول بوقف إطلاق النار. لكنّ الإلحاح الأميركيّ مورس خلف الكواليس وليس علناً. وأضاف تقرير المجلّة أنّ الإدارة قرّرت منذ البداية أن يكون إطار النزاع الزمنيّ محدوداً، حتى إنّها قبلت بتلقّي اتّهامات دوليّة بأنّها منافقة في قضايا حقوق الإنسان، طالما أنّ ذلك يعني تقلّص أمد النزاع. وضغطت الولايات المتحدة على نتنياهو كي يمتنع عن شنّ توغّل برّي في القطاع، حيث كان للتأثير الأميركيّ أهمّيّة في منع حصول العمليّة البرّيّة وفقاً لما قاله أحد الأشخاص المطّلعين على الوضع للمجلّة نفسها.

لشارنوف أيضاً تحليل مشابه: "أرادت إدارة بايدن أيضاً تفادي وقوع إصابات بين المدنيين لدى كلا الجانبين وسعت إلى تفادي أزمة إنسانيّة في غزّة. إنّ الضغط المتزايد من الأعضاء التقدّميين في الحزب الديموقراطي أمكن أن يؤثّر أيضاً على قرار إدارة بايدن الإصرار على وقف إطلاق النار الذي تمّ التوصّل إليه البارحة من خلال وساطة مصرية".

 

 

سياسة بايدن لم تأتِ من عدم

لقد كانت إدارة بايدن محور جهد ديبلوماسيّ كبير خلال الحرب على غزة، مع العلم أنّ ذلك الجهد لم يكن ظاهراً بشكل جليّ. يوم الأربعاء، قالت كارين جان بيار، نائبة السكرتير الصحافيّ الرئيسيّ في البيت الأبيض، إنّه "كان لدينا أكثر من 60 مكالمة، بدءاً بالرئيس نزولاً إلى مسؤولين آخرين، مع كبار القادة في إسرائيل، والسلطة الفلسطينية وقادة آخرين في المنطقة" منذ بدء الصراع.

لكنّ تأثير الولايات المتحدة في هذه الأزمة لم يكن معزولاً عن حملة رأي عام دوليّ أرخت بثقلها على مسار الأحداث. فقد تزامن الجهد الأميركيّ مع هذه الحملة التي اكتسبت زخماً كبيراً هذه المرة بفعل وسائل التواصل الاجتماعيّ التي لم تنقل فقط صور الحرب بل أيضاً صور الأمن الإسرائيليّ وهو يحمي مستوطنين متطرفين يهتفون بالموت للعرب ويتنمّرون على الفلسطينيين، حتى قبل اندلاع النزاع، بحسب تحليل داود كتّاب في موقع "ألمونيتور". ومن بين الأمور اللافتة التي يذكرها، تكوين نتنياهو صورة سلبية عن نفسه، على الصعيد الدوليّ لكن أيضاً لدى نصف المجتمع الإسرائيلي، وتقوم على أنه زعيم يبذل كل ما في وسعه للتشبّث بالسلطة.

على الرغم من أهمية وقف إطلاق النار الذي حصل مؤخراً، يؤكّد شارنوف في ختام تعليقه لـ"النهار" أنّ الستاتيكو الحالي غير قابل للاستدامة وأنّ "استراتيجية وأفكاراً جديدة مطلوبة من أجل التوصل إلى حل سلمي ومنصف لهذا الصراع".

 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم