الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"نعرف تاريخهم"... هذا أبرز ما قاله الأمير بندر بن سلطان لـ"العربيّة"

المصدر: "العربية"
الأمير بندر بن سلطان خلال مقابلته مع "العربية"
الأمير بندر بن سلطان خلال مقابلته مع "العربية"
A+ A-
في مقابلة من ثلاثة أجزاء أجراها تلفزيون "العربية" مع السفير السعودي السابق في واشنطن والأمين السابق لمجلس الأمن الوطني السعودي الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز، تحدّث الأخير عن كيفيّة تعامل المملكة العربيّة السعوديّة والدول الخليجيّة والعربيّة مع القضيّة الفلسطينيّة. وأعرب الأمير بندر عن حزنه بسبب الانتقادات التي توجّهت بها القيادات الفلسطينيّة للإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين بعد اتّفاقي السلام، والتي وصفها بأنّها ذات مستوى هابط. ورفض كلّ تجرّؤ من هذه القيادات على دول الخليج، مشيراً إلى أنّ القضيّة الفلسطينيّة التي اعتبرها "قضيّة وطنيّة وقضيّة عادلة" يمثّلها "محامون فاشلون" وقد "نهبتها إسرائيل والقيادات الفلسطينية".

"نحن معهم قولاً وفعلاً"
انتقد الأمير بندر عدداً من الخطوات التي قام بها الرئيس الفلسطينيّ الراحل ياسر عرفات من بينها زيارته بغداد سنة 1990. وقال إنّ السعوديين شاهدوا "شباباً مغرراً بهم في نابلس يرقصون فرحاً لضرب الرياض في حرب تحرير الكويت". وأوضح أنّ السعوديّة أيّدت القادة الفلسطينيّين "حتى وهم مخطئون" تفادياً لانعكاس ذلك سلباً على الشعب الفلسطينيّ. وذكر كيف حاول كلّ من رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن ورئيس المكتب السياسيّ السابق لحركة "حماس" خالد مشعل التآمر على بعضهما البعض بعدما جمعهما الملك الراحل عبد الله بين عبد العزيز.

وقال إنّ عرفات "حاول الاستيلاء على الأردن والسعودية وقفت مع الأردن" مضيفاً أنّ لبنان "يدفع حتى الآن ثمن الحرب الفلسطينية". وذكّر الأمير بندر بأنّ الجيش السعوديّ قاتل إلى جانب السوريّين في الجولان سنة 1973. فبعدما رفض الأردن المشاركة في تلك الحرب، نقلت الرياض قوّاتها التي كانت موجودة هناك منذ حرب 1967 إلى سوريا للقتال إلى جانب الجيش السوريّ وظلّت هناك حتى سنة 1978 و 1979. وقال إنّ السعوديّة تشارك وتبني الأفراح العربية، "لكن إذا جاءت المصائب، نحن معهم، قولاً وفعلاً".

"هنالك دائماً فرص تضيع"
ذكر السفير السعودي السابق أيضاً أنّ الفلسطينيّين رفضوا القرار 181، ووقف السعوديّون بجانبهم. ثمّ عاد الفلسطينيّون بعد سنوات طويلة وقبلوا بالاتّفاق بحيث بات القرار "مطلبهم الرئيسي" بعدما أصبح غير موضوع على الطاولة وغير مطروح للنقاش.

وانتقد ازدواجيّة تركيا لأنّها سحبت سفيرها من الإمارات بعد اتّفاق السلام لكنّها لم تطرد سفير إسرائيل في أنقرة أو تسحب سفيرها من تل أبيب. ولفت النظر أيضاً إلى أنّ مقاطعة مصر بعد كمب دايفد كانت "خطيئة".

وفي الجزء الثاني، ذكر الأمير بندر عدداً من الأمثلة التي أظهرت إفشال أبو عمّار للمبادرات التي تقدّمت بها السعودية. وقال إنّ الرئيس كارتر كان مستعدّاً سنة 1977 للاعتراف بـ"منظّمة التحرير" وفتح مكتب لها مقابل اعترافها بالقرارين 242 و338 وبحق جميع دول المنطقة في العيش بسلام. وعرض الملك الراحل فهد بن عبد العزيز آل سعود هذه المبادرة على عرفات، فبدأ يرقص ويقول إنّ فلسطين تحرّرت، لكنّ الملك دعاه للتمهّل بما أنّ القضيّة لم تزل في بداياتها.

وبدلاً من أن يسارع أبو عمّار للموافقة على العرض بناء على نصيحة من الملك، أصرّ على السفر إلى الكويت للتشاور مع القيادات الفلسطينيّة على أن يعود في اليوم التالي بجواب نهائيّ. وتابع الأمير بندر أنّ الردّ لم يأتِ إلّا بعد عشرة أيّام، وفيه شكرٌ للملك فهد على مبادرته مع وضع عشرة شروط على الولايات المتحدة للقبول بها. لكنّ الملك فهد أبقى الخطاب في السعودية على عكس ما نصحه به مسؤولون ووجّه رسالة للرئيس كارتر مفادها أنّ الرياض لم تقتنع بالعرض بعد التفكير به وفضّلت عدم تسليمه للفلسطينيّين. كان ذلك من أجل عدم تحميل القيادة الفلسطينيّة مسؤولية الفشل. والعرض الذي تقدّم به كارتر جاء على الرغم من عدم موافقة مستشاريه عليه.

وذكر الراوي نفسه أنّ السعودية استخدمت مساعدتها للرئيس رونالد ريغان في نيكاراغوا كي تعلي من شأن القضيّة الفلسطينيّة سنة 1986 فوافق ريغان وأعرب عن استعداده للاعتراف بالمنظّمة إذا قبل الفلسطينيّون بما كان قد عرضه كارتر قبله. وعندما عرض عليه الأمير بندر هذا الأمر في تونس، رقص عرفات هاتفاً أنّ "فلسطين تحرّرت". وأصرّ أبو عمّار حينها على الذهاب إلى المملكة لشكر الملك فهد، لكنّه توجّه بدلاً من ذلك، وعبر طائرة الأمير بندر الخاصة، إلى جنوب اليمن ثمّ كوريا الشماليّة ودول أفريقية وآسيوية قبل الوصول إلى السعودية، وفقاً لحديث الأمير نفسه. وأوضح الأخير كلامه قائلاً: "ما أحاول قوله، دائماً هنالك فرص تضيع" مؤكّداً أنْ ليس لدى السعوديّة مزايدات وشعارات للبيع.

"أنا لا أحكي مع والدتي نصف ساعة على الهاتف!"
في الجزء الثالث من السلسلة نفسها، تحدّث الأمير بندر عن كيفيّة تدخّله في مؤتمر مدريد للسلام حين طالب الوفد الإسرائيليّ بخروج شاب فلسطينيّ يرتدي الكوفيّة. فتساءل قائلاً "أخذوا أرضه والآن يريدون أخذ الكوفيّة التي على كتفيه؟" ثمّ هدّد بانسحاب الوفد الخليجيّ لو لم يُسمح للشاب بدخول القاعة وفقاً للّباس الذي يريده. ثمّ أضاف أنّه مستعدّ شخصيّاً لسحب الكوفيّة منه إذا نزع أعضاء الوفد الإسرائيلي "الكيباه" عن رؤوسهم.

وذكر كيف أضاع الفلسطينيّون فرصة التوصّل إلى اتّفاق مع الإسرائيليّين برعاية الرئيس بيل كلينتون أواخر عهده على قاعدة أنّ التوقيع مع رئيس أميركيّ جديد سيكون أفضل بما أنّ بوش الابن هو نجل رئيس مقرّب من السعوديّة. فأوصاهم السفير السابق بأنّ مصلحتهم تكمن في الحصول على كلّ ما أمكن أن تقدّمه إدارة كلينتون. ومع ذلك، أضاف الأمير بندر كيف اتّصل، بطلب من الفلسطينيّين، بالرئيس بوش الابن لاستطلاع الأجواء فأوضح له الأخير ثلاث نقاط طلب منه أن يوصل الأولى إلى الفلسطينيّين مع حرّيّة الحديث أو عدم الحديث عن النقطتين الثانية والثالثة:

النقطة الأولى أنْ ليس في أميركا إلّا رئيسٌ واحد في وقت واحد.

النقطة الثانية أنّ كمب دايفد ليس "موتيلاً" وأنّ بوش يستخدم المنتجع كي يرتاح برفقة عائلته أو كي يلتقي بمسؤولين أميركيّين. "لا أفتح كمب دايفد كفندق كما كان يفعل كلينتون".

النقطة الثالثة: "أنا لا أحبّ التكلّم عبر الهاتف. بلغني أنّ الرئيس كلينتون أحياناً يحكي أربع ساعات مع أبو عمّار على الهاتف. أنا لا أحكي مع والدتي نصف ساعة". وتابع الأمير نقلاً عن بوش قوله إنّ ما يجده موقَّعاً من الرئيس الأميركيّ سيلتزم به، ولا شيء أكثر من ذلك. وعلى الرغم من ذلك، أعادت القيادة الفلسطينيّة الطلب منه التوسّط لإجراء لقاء مع وزير الخارجيّة المقبل حينها كولن باول.

لكنّ الأمير بندر علّق على ذلك بالقول "كأنّهم يتهرّبون من الحلّ، كأنّهم لا يريدون شيئاً يحرّك أمورهم من أجل أن ينتهي الشعب الفلسطينيّ من محنته". وأخبر كيف ظلّت القيادة تناور حتى اللحظات الأخيرة حول عرض تقدّمت به إدارة كلينتون وكانت الحكومة الإسرائيليّة بقيادة إيهود باراك قد قبلت به على مضض. وحاولت السعوديّة مرّة أخرى إحياء ال
مفاوضات مع إدارة بوش الابن قبل أن ينتهي التفاوض مع أحداث 11 أيلول 2001.
وقال الأمير إنّه فعل ذلك كي يعلم السعوديّون ومواطنو الخليج العربيّ ما فعله قادتهم دعماً للقضيّة الفلسطينيّة وبإخلاص.

"نكران الجميل"
وأضاف أنّ "نكران الجميل أو عدم الوفاء الذي نراه الآن بالصوت والصورة من القيادات الفلسطينيّة لن يؤثّر في تعلّقنا بقضايا الشعب الفلسطينيّ". "لكن مع هؤلاء الناس صعب أن تثق فيهم أو أن تعتقد أنّه يمكنك أن تحقق شيئاً لخدمة فلسطين بوجودهم" ولفت النظر إلى أنّ القيادة الفلسطينيّة صارت ترى طهران وأنقرة أهمّ من الرياض والكويت وأبو ظبي ودبي والمنامة وعمان ومسقط والقاهرة.

وانتقد تركيا لأنها تقول إنّها تريد تحرير القدس بينما هي تحتل ليبيا، وإيران التي تقول الشيء نفسه لكنّها تنفّذ قولها عن طريق الحوثيين في اليمن و"حزب الله" في لبنان وسوريا. وقال إنّ كلامه موثّق ومعروف وسيفتح صفحة على وسائل التواصل الاجتماعي وسيضع كلّ هذه الوثائق عليها، مع تفاصيل أكثر.

وأعلن الأمير بندر ختاماً عدم القبول "من كذابين وغشاشين غير أوفياء وناكرين للمعروف" أن يفرضوا تقاليدهم وأسلوبهم الذي يستخدمونه في التعاطي مع بعضهم البعض، على السعوديّين. "نحن لنا تاريخنا أيضاً ونعرف تاريخنا ونعرف تاريخهم".
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم