الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

لماذا لم تنخرط "حماس" في جولة التصعيد الأخيرة بغزة؟

المصدر: "النهار"
جاد ح. فياض
جاد ح. فياض
مشاهد من القصف أثناء الحرب الأخيرة (أ ف ب).
مشاهد من القصف أثناء الحرب الأخيرة (أ ف ب).
A+ A-
لماذا لم تتدخل حركة "حماس" في الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وحركة "الجهاد الإسلامي"؟ ولِمَ كانت الأخيرة وحيدة في ميدان الحرب، إلى جانب فصائل ثانوية، في حين كانت تُساند الفصائل الفلسطينية في الحروب السابقة، لا سيما في حرب أيار الأخيرة التي وقعت في العام 2021؟
أسئلة يطرحها المراقبون والمتابعون للمستجدات التي طرأت على الساحة الفلسطينية – الإسرائيلية مع تفاقم التوتر بُعيد تنفيذ تل أبيب عملية اغتيال استهدفت القيادي في حركة "الجهاد"، تيسير الجعبري.

فارق في القدرات العسكرية
من المعلوم أن حركة "حماس" هي الأقوى عسكرياً بين الفصائل الفلسطينية، إذ يتمتّع جناحها العسكري، "كتائب عزالدين القسّام"، بقدرات صاروخية متقدّمة، استطاعت من خلالها تهديد مدن إسرائيلية عدّة، لاسيما تل أبيب، في الحرب الأخيرة التي وقعت في أيار من العام 2021، وذلك نسبةً للخبرات التي نقلها قادة إيرانيون إليها، بسبب قرب الحركة من طهران، إضافةً إلى قدراتها المالية.

أما بالنسبة لحركة "الجهاد الإسلامي"، فإن جناحها العسكري، "سرايا القدس"، يمتلك قدرات عسكرية متواضعة مقارنةً بقدرات حركة "حماس"، خصوصاً الصاروخية منها، ولم تستطع صواريخ الحركة بعد من الوصول إلى مناطق إسرائيلية حساسة. ولا تمتلك "الجهاد الإسلامي" عدداً كبيراً من الصواريخ بعيدة المدى كـ"حماس".

لماذا لم تتدخل "حماس" في الحرب؟
اكتفت "حماس" بإصدار بيانات الاستنكار للعملية الإسرائيلية، ولم تتدخل عسكرياً فتركت قيادة وتنفيذ الرد الفلسطيني بعهدة حركة "الجهاد"، وكان ذلك مستغرباً من قبل المتابعين للحرب، خصوصاً أن "الجهاد الإسلامي" ساندت "حماس في حربها الأخيرة في أيار 2021.

ومع انكفاء "حماس" عن المشاركة، بدا الصراع الأخير أقل حدّة، دموية، ودماراً مقارنة بحرب العام الماضي، التي راح ضحيتها أكثر من مئتي شخص، بينهم أطفال، وأدّت إلى تدمير مناطق واسعة في قطاع غزّة، الذي تُسيطر عليه "حماس"، من ضمنها أبراج سكنيّة وتجاريّة. وقدّرت اللجنة الحكومية العُليا لإعمار غزة حينها إجمالي خسائر القطاع بنحو 479 مليون دولار، فيما لم يتعدَ عدد ضحايا العملية الأخيرة العشرات.

منذ بداية العملية، لم تستهدف القوات الإسرائيلية قيادات "حماس" أو مواقعها، وركّزت على قيادات "الجهاد الإسلامي" والمواقع المتعلّقة بالحركة الأخيرة، وكأنها تُحيّد "حماس" عن الحرب، وتُشير إلى أن العملية مرتبطة بـ"الجهاد الإسلامي" فحسب، وأنها لا تريد حرباً طويلة وعنيفة، بل عملية سريعة. ولا شك أن دخول "حماس" على خط الصراع سوف يؤجّج الحرب ويجعلها أكثر خطراً على طرفي النزاع، نسبةً للقوّة العسكرية التي تتمتع بها الحركة، فيتكرر سيناريو حرب أيار 2021، التي كانت لها تبعاتها على إسرائيل.

وفي هذا السياق، أشارت وسائل إعلام عبرية إلى أن تل أبيب تأمل في بقاء حركة "حماس" خارج الصراع الدائر، لأن انخراطها في الحرب سيغيّر من سير المعارك، كما ذكرت أن الحركة منحت "الجهاد" قيادة الحرب، لكن الإعلام الإسرائيلي لفت إلى أن "حماس" قد لا تكون قادرة على البقاء خارج الصراع لوقت طويل، وذلك نسبة لدورها من جهة، وبسبب الانتقادات التي قد تلقاها جرّاء موقفها بعدم التدخل من جهة أخرى. ولهذا السبب قد تكون الحرب سريعة وليست طويلة. وما هي الهدنة التي تم التوصّل إليها، وحديث رئيس الوزراء الإسرائيلي عن إنهاء العملية وعدم وجود فائدة من استمرارها، إلّا إشارات في هذا السياق.

ومن المحتمل أن يكون الصراع الدائر في فلسطين المحتلة مرتبطاً بشكل مباشر بالتطورات الإقليمية، أو قد تكون له تبعاته على المنطقة، وهو تزامن مع العودة إلى طاولة المفاوضات النووية، فأطراف الاتفاق النووي أرسلت مبعوثيها إلى فيينا لاستكمال المفاوضات التي ترفضها إسرائيل وتُحاول الحؤول دون نجاحها، وقد يكون انكفاء "حماس"، المقربة بشكل كبير من إيران، عن التدخّل بالحرب إشارة إيرانية إلى أن طهران لا تريد أي تصعيد ينسف المفاوضات الحاصلة، خصوصاً أنها تركّز على مطالبها برفع العقوبات عن نظامها الاقتصادي المالي، ورفع الحرس الثوري عن قوائم الإرهاب، إلى جانب ضمانات أميركية بعدم الانسحاب من الاتفاق مجدّداً.

إن حركة "الجهاد الإسلامي" مرتبطة بإيران أيضاً وقد يكون الارتباط وثيقاً أكثر من العلاقة بين طهران و"حماس"، لكن دورها في الحرب جاء رداً على هجوم استهدفها، فليست الحركة التي حدّدت توقيت الحرب وأطلقت شرارتها، كما أن سقف المعارك مع "الجهاد الإسلامي" ليس نفسه مع "حماس"، وعدم إقحام الأخيرة في الصراع قد يُشير إلى نيّة إيران عدم التصعيد أيضاً، وهذا ما تؤكّده مصادر متابعة للشأن الفلسطيني.
 
لا رغبة إسرائيلية في توسيع رقعة الحرب
وفي الإطار، قد لا تكون إسرائيل راغبة في حرب طويلة ومدّمرة مع "حماس" بعد سنة من تدمير جزء كبير من غزّة وتحقيقها الأهداف التي أرادتها في ذلك الحين، خصوصاً أنها قد لا تحظى بالدعم الأميركي السياسي اللازم مع عودة مفاوضات فيينا بين واشنطن وطهران، إلى جانب التشتت السياسي في الداخل الإسرائيلي، وقرب تل أبيب من بدء استخراج النفط شمالاً وتصديره إلى أوروبا، الأمر الذي يحتاج إلى الاستقرار الأمني والسياسي، وبالتالي، جميعها أسباب قد تكون حالت دون تدخّل "حماس" وتوسيع رقعة الحرب، وحصر ما حصل بعملية عسكرية استباقية تحقق أهدافها وتنتهي.

المصادر المتابعة للشأن الفلسطيني أكّدت على فكرة وجود سقف منخفض للحرب الحالية، ولا نوايا من كلا الطرفين لتخطّيه والتوجّه نحو سيناريوهات مشابهة لما حصل في أيار العام الماضي، خصوصاً من قبل الفصائل الفلسطينية، التي فُرضت عليها الحرب جرّاء العملية العسكرية الإسرائيلية.

وأشارت المصادر إلى أنها ليست المرّة الأولى التي تقع حرب لا تتدخّل فيها "حماس" عسكرياً، إذ إن للحركة حسابات خاصة، وهي ترى أن التوقيت غير مناسب، خصوصاً أن مشاركتها تعني دخول قطاع غزّة في حرب واسعة وعنيفة. لكن المصادر كشفت عن غرفة عمليات مشتركة بين "حماس" والجهاد الإسلامي" تُنظّم مجريات الميدان.

حرب محكومة بسقف محدّد؟
لكن المصادر لفتت إلى أن "تمادي إسرائيل وإطالتها لأمد العدوان" لربما كان سيدفع "حماس" للانخراط بالدور العسكري. وانطلاقاً من هذه النقطة، بدأت وساطات خفض التصعيد، ومنذ تنفيذ إسرائيل الاقتحامات الأخيرة، وذلك لتفادي التصعيد وإبقائه محكوماً بسقف محدد، وهذا ما أرادته إسرائيل.

وذكرت المصادر أن "توقيت ما جرى إسرائيليٌ، فتل أبيب تترصّد الوقت المناسب لتنفيذ عمليات استباقية، ويبدو أنها وجدت الوقت المناسب فقامت بعمليتها العسكرية"، إلّا أن المصادر لم تخف أن من خلف استهداف قيادات في "الجهاد الإسلامي" وتحييد "حماس" هدف أسرائيلي، وهو إحداث شرخ بين الحركتين وفك الارتباط بينهما. 

لكن المصادر استبعدت أن يتحقق هذا الهدف، لأن الفلسطينيين يتحدون بمواجهة إسرائيل، كما أن إيران تجمع ما بين الطرفين، والعلاقة قوية بينهما، إضافةً إلى أن حركة "الجهاد الإسلامي" لم تُصدر أي بيان أو موقف يلوم حركة "حماس" على موقفها من عدم التدخل عسكرياً في الحرب.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم