الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

تيار التغيير في الجنوب... لتحرير الناس من أوهام الأساطير

محمود فقيه
محمود فقيه mahmoudfaqih
مؤتمر الإطلاق
مؤتمر الإطلاق
A+ A-
إذا كان تحرير الجنوب عام 2000 قد كسر أسطورة الجيش الذي لا يُقهر إلاّ أنه كرّس جملةً من الأساطير التي بسطت سطوة الثنائي الشيعي على المجتمع الجنوبي، بذريعة الإنماء الغائب والتحرير المجمّد والحماية المزيّفة والبناء القائم على الزبائنية. 

على مدى 30 عاماً، تم إخضاع أهل الجنوب قسراً لقوى الأمر الواقع، بعد تنحّي اليسار وتسليمه مرغماً لإملاءات السوريين وشركائهم آنذاك وحصر البندقية الجنوبية في أيدي تنظيم "حزب الله"، الذي كان في بداية التسعينيات جديد النشأة وغريباً عن محيطه في آنٍ واحد. 
 
وبقوانين انتخابية هجينة وبدوائر مركبة وبتزوير وقح استأثر ثنائي "أمل" و"حزب الله" بالتمثيل البرلماني والمؤسساتي عبر المحسوبيات، وتم بسط النفوذ الأمني على الأراضي والأماكن بحجة أنها أماكن أمنية في مواجهة الإحتلال آنذاك. انحسر اليسار والناس انصاعت للبروباغندا وفائض القوة. 
 
رغم النجاح في بسط النفوذ إلا أن ذلك لم يشكّل ارتياحاً للفصيلين الشيعيين وظلت محاربة الشيوعيين واقصائهم نهجاً ممارساَ عند كل استحقاق. إلا أنّ غياب المواجهة لدى اليسار أدى إلى تشظي جمهوره الذي بات ملحقاً بالأحزاب الطائفية مبهوراً بمشاهد الإعلام الحربي والخطابات المناصرة للقضية الفلسطينية. 
 
رغم كل هذه الممارسات لم يتم القضاء على فئات رفضت الواقع ساعية دائماً للتغيير وعبّرت عن تواجدها البارز في الانتخابات البلدية والاختيارية. كانت انتخابات أيار 2022 مفصلية لقوى التغيير التي استعادت زخمها وحماسها بعد ثورة 17 تشرين الأول 2019. 
خرق التغييريون الحلقة الأضعف واقتربوا من جدران حصن التنظيميّن الشيعيين. النتائج المحققة كانت دافعاً لتتظيم الصفوف من جديد للانخراط في تجربة  سياسية لا بدّ منها لذلك أطلقوا الأحد الفائت تيار التغيير في الجنوب. 
 
كان دخول المجتمعين سهلاً هذه المرّة، ولم تشهد قاعة صالة "لافيتا" على طريق عام زوطر- النبطية ما شاهدناه من أعمال ميليشياوية مسلّحة أيام الانتخابات. حضر الإطلاق النواب فراس حمدان وميشال دويهي ومارك ضو ومرشحون كانوا على لوائح التغييرين في لبنان إضافة إلى شخصيات ناشطة على مستوى الجنوب ولبنان ككل. 
 
وتلا علي مراد الذي سبق وترشّح في مواجهة الثنائي البيان السياسي للتيار، وسلّط الضوء على سطوة النهج الالغائي الذي يعيشه الجنوب منذ 30 عاماً، نهج قائم على الزبائنية والفساد ومحاولة شراء ولاءات الناس وابتزازهم بلقمة عيشهم وحقوقهم الأساسية. نهجُ فائض القوة واستخدام النفوذ السياسي والزبائني والأمني لخنق الفضاء السياسي العام. نهج التخوين والاتهامات ونظريات المؤامرة التي تُستخدم ضد كل المعارضين للقوتين المهيمنتين في الجنوب. هذا الجنوب، باسم تضحيات أبنائه سُلب المال العام وتم تعطيل الدولة، سعوا الى الغاء التعددية بالترهيب والترغيب والتخوين، ومصادرة قرار الجنوبيين والجنوبيات، واحتكار تمثيلهم وادعاء الدفاع عن مصالحهم.
 
وأكد أن تيار التغيير في الجنوب يرى أن فرصـة التغييـر تستند إلى ركائـز ثـلاث متلازمة، في مقدمتها، بناء أسس الجمهورية الجديدة القائم على علاقة مباشرة بين المواطن والدولة التي تقوم أولاً على احترام الدستور وأحكامه. كذلك اطلاق أسس الإصلاح الدستوري والحوار الوطني والشعبي الهادئ حول إلغاء الطائفية السياسية انطلاقا مما جاء في الدستور واتفاق الطائف، وضمان فعالية الدولة وفعالية الضوابط والتوازنات الديمقراطية.
 
 وبالنسبة لتيار التغيير فإن الخروج من الازمة الحالية، لا يتحقق إلاّ من خلال اعتماد نموذج اقتصادي جديد يقوم بداية على التوزيع العادل لكلفة الانهيار، وتحقيق العدالة الضريبية وبناء شبكة الأمان الاجتماعية، ورفض بيع أصول الدولة لتسديد الخسائر، وصولا الى وضع تصور بديل عن المقاربة الاقتصادية التي سادت طيلة عقود خلت من أجل الاقتصاد المنتج والمستدام. نظام اقتصادي يُعيد الاعتبار للمزارع ويسهّل تصريف إنتاجه ويحميه. 
 
ولم ينس القيّمون على البيان السياسي موضوع السيادة مؤيّدين سيادة دولة القانون والقضاء النزيه وسيادة الدولة الداخلية في الميادين الدفاعية والأمنية كافة وكذلك سيادتها على السياسة الخارجية وسيادتها الاقتصادية والاجتماعية في ضمان شبكة أمان اجتماعية لجميع مواطنيها. سيادة الشعب على أرضه ومياهه واقتصاده ومؤسساته الدستورية.
 
إن هذا التيار وبحسب مطلقيه هو كيان سياسي يرتكز في الوسط بين أن يكون حزباً أو تجمعاً سياسياً، إلا أنه يعكس الفهم المشترك للتنوع. يسعى الى التغيير السلمي الديمقراطي وبناء الدولة والمؤسسات واحترام القانون وضمان احترام العدالة الاجتماعية بغية تحقيق جمهورية ديمقراطية برلمانية على أساس المواطنة وحكم القانون انطلاقا من أن الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة. 
 
قد تكون هذه الخطوة متواضعة إلا أنها أشبه بحجر أساس لمشروع ضخم، تتضح معالمه مع الجهود التي يمكن أن تبذل يوماً بعد يوم ويتطلب ذلك جدية متواصلة كي لا يعدو الأمر نشاطاً عادياً ينساه الحضور والقيمون عليه.
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم