الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

البلديات والتمويل... المعضلة المستمرة

المصدر: "النهار"
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
يمثّل تمويل العمل البلدي أحد أبرز التحديات التي تواجه البلديات في لبنان، نظراً إلى عدم وجود منهجية واضحة ومحددة تمكّن البلديات من تحصيل إيراداتها العادية، سواء من ضرائبها المباشرة أو من تحويلات الصندوق البلدي المستقل والمؤسسات العامة الأخرى. تكمن هذه المشكلات أساساً في انعدام الشفافية في طريقة احتساب الأموال المستحقة للبلديات، سواء من جانب الدولة أو من جانب المؤسسة العامة، وفي تعدد مصادر الرسوم والضرائب على نحو يصعّب إدارة الموارد بكفاءة، وفي عدم كفاءة آليات توزيع هذه الأموال، وتدني مستوى الجباية في عدد من الضرائب والرسوم التي تموِّل، بجزء منها، العمل البلدي، إضافة إلى عدم وجود آليات تمويل مدروسة المخاطر ومنسّقة بين الجهات المانحة كافة.
 
بحسب النصّ الرسمي، تدير البلديات الشؤون المتصلة بالصحة العامة والتمدن والبناء والخدمات العامة والأمن وتنظيم الطرقات وتخطيطها وتوسيعها وتنظيفها والتخلص من النفايات، وإنشاء الحدائق والساحات العامة، ووضع التصاميم العائدة للبلدة والمخطط التوجيهي العام (بالتعاون مع المديرية العامة للتنظيم المدني)، وإنشاء الأسواق والمتنزهات وأماكن السباق والملاعب والحمامات والمتاحف والمستشفيات والمستوصفات والملاجئ والمكتبات والمساكن الشعبية والمغاسل والمجارير ومصارف النفايات.
 
وتعتمد على موارد عدة لتمويل مشاريعها من الرسوم البلدية ورسوم الدولة والمساعدات والهبات والقروض، إضافة الى حاصلات الأملاك العامة البلدية وغيرها بالاضافة الى عائدات من مؤسسات عامة لصالح البلديات أو لصالح الصندوق المستقل للبلديات، كغرامات ونسبة من الضريبة على القيمة المضافة على استهلاك الماء والكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية، وخدمات أخرى حيث فرضت المادة 55 من القانون رقم 379 تاريخ 2001/12/14 أن تستوفى هذه الضريبة على القيمة المضافة لصالح البلدية التي يقع ضمن نطاقها الاشتراكات.
 
تعاني البلديات ما يشبه المأسأة، بعد الازمة الاقتصادية الحالية، فبالاضافة الى انهيار قيمة العملة اللبنانية، فهي لا تحصل على حقوقها او حصتها من الضرائب وخصوصاً تلك المتعلقة بوزارة الاتصالات او الكهرباء او المياه، وعلى الرغم من المناشدات لم تستجب وزراة المال الى تحويل مستحقاتها من دون سبب وخصوصاً ان هذه الاموال أصبحت كبيرة بسبب تغيير سعر الاتصالات ورفعها من دون اي تبرير قانوني او دستوري، بالاضافة الى خلاف بين مؤسسة الكهرباء والبلديات على المستحقات، لتصبح كل المهام على عاتق البلديات من دون ادنى تمويل.
 
وللعمل ضمن الامكان لجأت البلديات الى رفع الرسوم البلدية بنسب متفاوتة اقلها 10 مرات وهذا ما خلق اشكالية قانونية، اعتبرها البعض انها تجاوز مهامها.
 
وفي هذا الاطار يرى الخبير الدستوري الدكتور جهاد اسماعيل في حديث لـ"النهار" انه "لمّا كان قانون البلديات، رقم ١١٨/١٩٧٧، قانونا عاماً تستقي منه البلديات البناءات أو الاسنادات لقراراتها، فإنّ المادة 49 من هذا القانون، في إطار تعداد صلاحيات المجلس البلدي، تشير الى أن "تحديد معدلات الرسوم البلدية المعيّنة في حدود القانون"، والقانون، بدوره، وتحديداً رقم 60/1988( قانون الرسوم والعلاوات البلدية) كمصدر آخر للشرعية القانونية البلدية، كان قد رسم جملة من المعايير لتحديد الجهة المختصة لتعديل الرسوم انطلاقا من طبيعة الرسوم نفسها، فهناك الرسوم المفروضة ما بين الحد الأدنى والحد الاقصى (كرسم الاعلانات وتوثيق عقود الايجار على سبيل المثال لا الحصر) حيث فرض القانون على البلديات، في هذا المضمار، بسقف محدد لا تستطيع تخطيه إلا بموجب تعديل في أحكام القانون أيّ بوضع اقتراح قانون جديد أو في تعديل يجري في الموازنة العامة الّتي من الواجب أن تعدّل محل فرض الرسم في كلّ مرّة يتعلق الموضوع برسوم مستوفاة من الادارات والمؤسسات العامة لصالح البلديات كرسوم الاتصالات والرسوم الجمركي والكهرباء، باعتبار أن محل فرض الرسوم قد تعدّل، فيجب أن يؤدي، حكما، إلى تعديل المستحقات العائدة للبلديات، في حين أن الحكومة الحالية عدّلت قيمة الرسوم الّتي تستوفيها أصلا لصالح البلديات، وأبقت، في الوقت نفسه، على القيمة الحالية للمبالغ المخصصة للبلديات، خلافا للمنطق القانوني".
 
ويضيف: "كما أن هناك نوعا آخر من الرسوم يمكن للبلديات أن تعدّلها من تلقاء نفسها أيّ من دون العودة إلى مجلس النواب، أيّ الرسوم المحددة على أساس نسبة مئوية من قيمة بيعية وذلك على ضوء الظروف والتغيرات المستجدة، كالرسوم على القيمية التأجيرية والتخمينية للعقارات، ما يعني أن الجهة الّتي تعدّل الرسوم تتوقف، بالضرورة، على طبيعة أو ماهية الرسوم".
 
يُضاف إلى ذلك، تقاعس الحكومات المتعاقبة تسديد المستحقات المالية الخاصة للبلديات بشكل منتظم وفق القانون الذي يلزم توزيعها في أيلول من كلّ سنة بموجب مرسوم، وهو تصرفٌ اعتباطي يُفرغ اللامركزية الادارية من مضمونها أو محتواها، ويهدم ، في آنٍ، ما تبقّى من كيانٍ للدولة وسائر اشخاص القانون العام..
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم