اشترِك في نشرتنا الإخبارية
"من بعد تفجير 4 آب، شيء ما بداخلي دفعني لإعطاء الأولويّة لهذا الموضوع"، تقول ألين كرم رئيسة مبادرة "النداء الإبداعي" التي تُعنى برعاية وتطوير الفنانين ذوي الاحتياجات الخاصّة. هي المبادرة الأولى من نوعها في لبنان والمنطقة، والتي تقع تحت جناح ريادة الأعمال الاجتماعيّة. يأتي الفنّانون من ثلاث جمعيّات أساسيّة في لبنان هي: الجمعيّة اللبنانيّة للتوحّد، ومركز "Zvarnotz" الذي يُعنى بإعادة تأهيل الأشخاص ذوي الاضطراب السلوكي، والمدرسة اللبنانيّة للضرير والأصم.
شغلت كرم مناصب عليا في مجال الاتصالات والعلاقات العامة والمسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة في العديد من الشركات الكبرى داخل وخارج لبنان. وهي الآن تشغل منصب نائب رئيس الجمعية اللبنانية للتوحّد. وتنظّم النسخة الأولى من المعرض الفنّي للفنّانين ذوي الاحتياجات في 28 تمّوز، بالتعاون مع كاليري أوبرا في وسط العاصمة بيروت.
"يهدف هذا المعرض، الذي يستمر ثلاثة أيّام متتالية، إلى عرض لوحات رسمها ذوو الهمم معبّرين فيها عن أنفسهم. كما يسعى إلى دمجهم في المجتمع كأعضاء فعّالين، لتأمين معيشتهم كفنّانين وتحسين ظروف الجمعيّات التي تصارع باللحم الحيّ. هذا إنجاز كبير لي وللمبادرة ولكل من ساهم فيها، وأشكر السيدة سلوى شلهوب و"كاليري أوبرا" العالمي على إيمانهم بمواهب ذوي الاحتياجات الخاصّة"، تردف كرم.
عند وصولكم إلى هذا المعرض، سيتردّد في أذهانكم صدى أصوات الصمّ والبكم، وعناق المتوحّدين. سوف تشعرون حقيقةً بكل من صعب عليه التعبير مباشرةً.
أحبّت رئيسة "كاليري أوبرا" في لبنان سلوى شلهوب فكرة المعرض منذ البداية خصوصاً بعدما رأت نماذج عن أعمال الفنانين. وأصرّت على أن تتبنّى "أوبرا" عرضها والإضاءة عليها لتكون مثالًا لكافة فروع "الكاليري" في العالم. "ذهلت بما رأيته من إبداع في أعمالهم وتمكنّا من بيع أكثر من نصف اللوحات قبل افتتاح المعرض بعد نشر الدعوة على مواقع التواصل الاجتماعي".
إنّ شغف مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصّة وُلد مع كرم، وكان للجوّ العائلي الذي كبرت فيه دور أساسيّ في تنميته. وتستذكر جدّتها قائلة: "كنتُ أذهب معها إلى مختلف المراكز لمساعدة ذوي الهمم". وتعتبر أنّ هذا الفعل رسالة، يجب نقله من جيلٍ إلى آخر. كما ترى في الفنّانين الذين تتعامل معهم مصدراً للأمل والفرح، "أنا متأكّدة من أنّ الله لن يترك هذه الفئة المميّزة من الناس مهما وصلت صعوبة الأوضاع إلى ذروتها".
ترتكز مبادرة "النداء الإبداعي" على خلق الكثير من الفرص للفنّانين في مختلف المناطق اللبنانية. اختير الفنّانون من خلال ورش تدريبيّة مجانيّة، تحت إشراف أهمّ المدرّبين والخبراء في مجال الرسم والفنون. تُمنَح المواد الفنيّة وعمليّة الإنتاج من قِبَل المبادرة. كما تباع هذه اللوحات على منصّات "النداء الإبداعي" على مواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال معارض تُنظّم دورياً. "الكثير من الحبّ والفرح ساد هذه التدريبات، وكان الفنّانون متفاعلين جدّاً في التدريبات"، تقول كرم.
لا جهات مانحة خلف هذه المبادرة، بل تموّل من أعضاء مجلس الإدارة. وتتكفّل "كاليري أوبرا" بكافّة التفاصيل المرتبطة بالمعرض من ناحية التجهيزات. هي بارقة أمل ليس لأصحاب الهمم العالية فقط، بل لكل من يُهمَّش في هذه البقعة الحالكة. لا تزال المبادرات الفرديّة تضفي على الواقع اللبناني سلاماً، ليكن ستارةً تفصل بين هلاك وربيع مؤقّت.
