الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

طرق علمية للوقاية... هل تحمل مياه المنازل الكوليرا؟

المصدر: "النهار"
فرح نصور
مواطنة تملأ غالونات المياه. (أرشيفية. "النهار").
مواطنة تملأ غالونات المياه. (أرشيفية. "النهار").
A+ A-

تزداد أعداد الإصابات بالكوليرا في لبنان، بحيث فاقت الأعداد 500 حالة مثبَتة. وفي غياب البنى التحتية السليمة، وقدرة الدولة على تجهيز محطات التكرير للآبار، إلى جانب الأزمة الاقتصادية التي تضرب جيوب المواطنين الذين يصعب عليهم التكرير والتعقيم، أنذرت منظمة الصحة العالمية من تفشّي وباء الكوليرا في لبنان. وهذا الانتشار في لبنان الآن، هو الأول منذ الإبلاغ عن الحالة الأخيرة في عام 1993.

تعبئة غالونات. (أرشيف النهار").

 

بالتوازي مع ذلك، وبحسب تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية، أكّدت فحوص مياه الصرف الصحي التي أُجريت في عين المريسة في بيروت ومحطة الغدير وبرج حمود في جبل لبنان في جبل لبنان، وجود الكوليرا في  المصادر الثلاثة.

 

يحدّد مدير برنامج التغيّر المناخي والبيئة في معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت، الدكتور نديم فرج الله، مشكلة المياه الراهنة في أمرين أساسيين:

 

–     شراء صهاريج مياه مجهولة المصدر وملوّثة، وصبّها في خزان المياه الخاص بالمنزل.

–     تعبئة الآبار الخاصّة بكل مبنى بمياه مجهولة المصدر.

 

لذلك، عندما تُمدّ مياه الدولة النظيفة لتعبئة الخزان أو البئر، وإذا ما كانت المياه هذه أصلاً ملوّثة بأيّ نوع من البكتيريا، أوتوماتيكياً ستحمل المياه التي تُستخدم في المنزل آثار تلوّث. 

 

مياه الينابيع في لبنان معظمها ملوَّث، وإن تكرّرت يمكن أن تصبح صالحة للشرب. لكن فرج الله يعود بالتاريخ إلى الوراء لشرح أمر تسبّب جزئياً بما وصلنا إليه اليوم. العمران العشوائي الذي كان خلال الحرب واستمرّ بعدها، سبق البنى التحتية، وهاجر المواطنون ليعمّروا في الجبال لكونها أرخص. حينها لم تكن المجارير تتصرّف في أماكن كثيرة من هذه المباني، وبدأ اعتماد ما يُسمّى "الجوَر الصحّية". وكان المقاولون يفجّرون أصابع الديناميت في هذه النقاط لكي تطول مدة ملء المجارير، ومن ثمّ، تصريفها في بقع أخرى لمعالجتها. في هذا الوقت، كانت المجارير تتسرّب إلى المياه الجوفية وتلوّثها، واستمرّ هذا السلوك حتى اعتماد تركيب شبكات الصرف الصحي. ولا تزال بعض من الجوَر الصحية لم تُشبك بشبكات الصرف الصحي لتفادي تكاليف إضافية. وهذه المياه الجوفية التي أصبحت ملوّثة، طريقها الطبيعي إلى الينابيع التي يشرب منها الناس.

 

لكن نقاط الينابيع الأعلى من المناطق السكنية هي عادة أنظف من الأكثر انخفاضاً منها، وفق فرج الله، لذلك، "ليست كل مياه لبنان ملوّثة ولا تحمل كلّها الكوليرا"، رغم أنّ 80 في المئة من أنهارنا تحمل مياه المجارير، والمياه الجوفية الساحلية كلّها تقريباً تدخل عليها مياه البحر، وبعض مصادر المياه الجوفية الملوثة في الجبال. لكن البقاع وضعه أفضل بقليل لناحية المياه الجوفية العميقة.

 

وعن ثبوت وجود الكوليرا في فحوص مياه الصرف الصحي التي أُجريت في عين المريسة في بيروت ومحطة الغدير وبرج حمود، يشير فرج الله إلى أنّ هذه النقاط الثلاث هي مياه مجارير. أمّا في ما يخصّ عين المريسة بالتحديد، فهناك محطة لضخ المياه، وأحياناً، بغياب الكهرباء يفلت هذا المجرور في البحر، لكن بوجود الكهرباء تصل مياه المحطة حتى نهر بيروت. وهناك قسطل كبير داخل البحر يرمي المجرور في البحر، لكن محطة التكرير الخاصة بهذا المجرور لم تُنجز منذ عقود.

 

وفي عين المريسة حيث يسبح بعض الرواد، قد تشكّل هذه البقعة نقطة عدوى للكوليرا. لكن تجدر الإشارة هنا إلى أنّه لا يمكن الحكم نهائياً على هذه البقعة على أنّها ناقلة للكوليرا من عيّنة واحدة فقط، بحسب فرج الله، إذ يجب أخذ عيّنات المياه على مدى زمني، إمّا عدة مرات في الأسبوع، أو أقلّه مرة في الأسبوع لعدة أسابيع، لترصّد تفشي الوباء في المياه، فيمكن أن تكون إيجابية العينة آنية لحظة أخذها فقط.

 

لكن ما وضع مياه المنازل في لبنان حالياً؟

 يجيب فرج الله بأنّ مياه الشرب (للطبخ وسواها...) الآتية من مؤسسة مياه لبنان نظيفة لدى خروجها من المؤسسات، تُرسل معقّمة إلى المنازل. لكن ما يقوم به الناس من خلط هذه المياه بمياه أخرى ملوثة، يعرّضهم للخطر.

 

لذلك ينصح فرج الله بالآتي:

–     شرب المياه المختومة، ومَن ليس باستطاعته شراء هذه الزجاجات من المياه يمكنه فلترة المياه العادية وغليها للشرب.

–     إذا تعسّر تكرير مياه الصهاريج التي تُعبّأ في المنازل، فعلى الفرد عدم "بلع" المياه أثناء الاستخدام. أمّا لاستحمام الأطفال فيمكن استخدام مياه الخزان بعد غليها لسكبها على رؤوسهم.

–     الغسل والتعقيم المنزلي العادي المعتمَد للخضار يمكن أن يكون كافياً.

–     يمكن نقع الخضار والفاكهة بالخلّ أو مزجه ببعض الملح، لقتل كل الخلايا الحيّة، ثم شطف هذه المنتجات بمياه للشرب مختومة أو مغليّة سابقاً.

–     يمكن استخدام الأقراص المعقِّمة الموجودة في السوق لتعقيم الخضار وخصوصاً الورقية منها، ومن ثم شطفها بمياه الشرب، أو مياه الخزان إن كانت مفلتَرة مئة في المئة.

–     عدم تناول الخضار والفاكهة من أماكن مشكوكة المصدر.

وبرأي فرج الله، يجب الابتعاد عن المناطق التي تكثر فيها حالات الكوليرا والوقاية بالطرق المذكورة آنفاً، و"لا داعي لاتخاذ أكثر من هذه التدابير". 

 

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم