الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

إلى أيّ مدى يهدّد عمل المراقب الجوّي في ظروف صعبة سلامة الطيران؟

المصدر: "النهار"
فرح نصور
من مطار بيروت (نبيل إسماعيل).
من مطار بيروت (نبيل إسماعيل).
A+ A-
 
بعد أن أُشيع عن احتمال إقفال المطار ليلاً والبلبلة التي حدثت من جراء هذه الأخبار، تبيّن أنّ وراء هذه الأخبار أشخاصاً يعانون بصمت من جرّاء الأزمة الاقتصاديّة، ومعاناتهم تهدّد سلامة الملاحة الجوية. المراقبون الجويّون، هم مسؤولون بشكلٍ أساسيّ عن مراقبة الملاحة الجوية، وهم حاليّاً بأعداد قليلة بالنسبة إلى المطلوب. النقاش في الأسباب تمّ تداوله مطوّلاً. في هذا المقال نسأل عن سلامة الطيران من جرّاء عملهم في ظروف صعبة. 

رئيس جمعية الطيارين في لبنان، الكابتن مازن سمّاك، وفي حديث مع "النهار"، يفيد أنّ "عدد المراقبين الجويين في لبنان كان قرابة المئة مراقب، لكنّ هذا الرقم بدأ بالانخفاض بشكل كبير، من جرّاء عدم توظيف الأماكن الشاغرة، بعد أن تقاعد عدد كبير من المراقبين الجويّين"، وبالتالي، أصبحت هناك شواغر كثيرة كباقي دوائر الدولة، وهذه الشواغر أثّرت بشكل كبير على عمل المراقبين الجويين، الذين استمرّوا في العمل، وباتوا يداومون دوامين، وهذا أمر مُتعب بالنسبة إليهم. وكما في جميع مفاصل الدولة، فإنّ تعيين مراقبين جويّين يخضع إلى التوزيع الطائفي كذلك. 
 

لكن ما هو دور المراقب الجوّي في الملاحة الجوّية؟

يشرح سمّاك أنّ للمراقب الجوّي 3 وظائف أساسية:
 
- الفصل بين الطائرات ووضعها على مسافة آمنة في الجوّ، عبر مراقبة الطائرات التي تمرّ في سماء لبنان، والتي لا تحطّ في مطاره، ويوجّهها لضمان مسافة آمنة في ما بينها.  
- مراقبة المجال الجوّي اللبناني (ما بين 60 إلى 70 كيلومتر). ولدى دخول أيّ طائرة في هذا المجال، تتواصل مع لبنان عبر المراقبين الجويين للتنسيق معها، وهي لا تزال بعيدة عن المطار. 
- لدى اقترابها من المطار، يوجّه المراقب الجوّي الطائرة لتحديد الوقت الملائم لهبوطها، وسرعتها المطلوبة لتحطّ أو تقلع، أي توجيهها من وإلى المطار.

وعن ظروف عمل المراقب الجوّي الصعبة التي قد تعرّض سلامة الطيران إلى الخطر، يشرح سمّاك أنّ "عمل المراقب الجوّي هو أساسيّ جدّاً لسلامة الطيران، وتنفيذ مهامه يتطلّب دقّة ووعياً وراحة نفسية، وفقدان قيمة راتب المراقب الجوّي، كما باقي موظفي الدولة سيولّد الهموم لديه، ولن يكون مرتاحاً في مزاولة عمله، بينما طبيعة عمله تستوجب راحة نفسية، تماماً كالطيار، وعدم راحته النفسية قد تجعله يسهو". بالتالي، "فإنّ حياة الطيارين والركّاب مرتبطة براحة المراقب الجوّي، لذلك فسلامة الطيران والركّاب تتعلّق به، وأمر أساسيّ جدّاً أن يكون المراقب الجوّي مرتاحاً"، وفق سمّاك.

وعن الحاجة إلى توقيع مرسوم تعيين مراقبين جويين جدد، يؤكد سمّاك أنّ "من الضروريّ جدّاً توقيع هذا المرسوم، بدليل أنّ بسبب النقص في المراقبين الجوّيين، تمّ التعاقد مع مراقبين جوّيين متقاعدين، وهم بصحّة عقلية وجسدية ونفسية جيّدة، إذ لم يكن هناك مجال لتدريب مراقبين جدد". ويضيف أنّ "لم يستطع جميع المراقبين الجويين المتقاعدين تلبية الطلب هذا، فالنقص كبير جدّاً، والمراقب الجوّي يخضع لضغط نفسيّ كبير جدّاً، وغالباً ما يتزوّد بأدوات مزيلة للتوتّر، والمراقبون الجوّيون يريحون بعضهم بعضاً كلّ 20 دقيقة".

لذلك، فإنّ "طبيعة عمل المراقب الجوّي تتطلّب عدداً كافياً منهم، لذلك فمن الضروري أن يكون العدد كاملاً، ومن غير المقبول في أيّ دولة في العالم أن يكون هناك نقص في عدد المراقبين الجوّيين"، وفق سمّاك. 


وضع المراقبين الجوّيين لا يُحتمل

من جهته، وعن حال المراقبين الجويين والسبب وراء ما أُشيع عن إقفال المطار، يقول رئيس مطار بيروت بالإنابة، فادي الحسن، في حديثه لـ"النهار"، أنّ موظّفي الطيران المدنيّ، وخصوصاً الذين يعملون ليلاً ونهاراً، وفق دوامات لا تُقارن مع ساعات عمل موظّفي إدارات الدولة كافّة، فموظّفو المطار، وبحكم استمرارية العمل وتشغيل المطار 24\24 ساعة، يداومون وفق دوامات مختلفة تماماً، وبالتالي وضعهم المعيشيّ بات صعباً جدّاً ولا يُحتمل، نتيجة ارتفاع أسعار البنزين والمعيشة بشكل عام".
 
لذلك، يوضح الحسن أنّ "المراقبين الجوّيين يطالبون اليوم بحقوقهم وبتحسين أوضاعهم المعيشية، فهم وإن تقاضوا الساعات الإضافية التي يعملون فيها ليلاً، لكن لم يعد لها قيمة بسبب انهيار العملة، فهم يدركون وينقلون أنّ بعملهم في الخارج وخصوصاً كفنيّين متخصّصين، يكون وضعهم أفضل بكثير، وبالتالي يطالبون الدولة النظر في أوضاعهم وتأمين حوافزَ إضافية لهم، لأنّهم أعلنوا عدم قدرتهم على الاستمرار إذا بقي الوضع على حاله، ورفعوا الصوت إلى إدارة المطار، ووزير الأشغال في جوّ هذه المشكلة ليعملا على حلّها".

لكن يؤكّد الحسن أنّ "حتّى الآن، المطار يعمل بشكل طبيعيّ، والمسؤولون في جوّ هذه المشكلة ولا بدّ من حلّها".
 
وعن إمضاء مرسوم تعيين المراقبين الجويين، برأي الحسن  أنّ "إمضاءه حاجة مُلِحّة لأنّ هناك نقصاً في عدد المراقبين الجويّين، إنّما ليس المطلوب فقط إمضاء المرسوم، لكن أيضاً، يجب تأمين الاعتمادات اللازمة لتدريب المراقبين الجويين للحصول على الكفاءات المطلوبة، فهي سلسلة مترابطة". 
 
وعمّا إذا كان النقص في أعداد المراقبين الجوين عائداً أيضاً إلى ترك جزء منهم الوظيفة بداعي السفر، يقول الحسن:"كلّا، لم نشهد هذه الحالات".  

أمّا أوساط المراقبين الجويين، فأوردت لـ"النهار" أنّه "لا إقفال للمطار اليوم كما يُشاع، وفي حال قرّرنا الإضراب لأسباب مطلبية سيكون الأمر لساعات مع إنذار مسبَق، لأنّ السلامة العامة أولويّة".

وكان النائب بلال عبدالله قد نشر تغريدة له “لرفع الصوت بناءً على معلومات وردتني من معنيّين بشكل مباشر في ملفّ المراقبين الجوّيين"، بحسب ما أكّد في حديث لـ"النهار". وأضاف: "لأنّ أمن الطيران لا يُمَسّ به"، مضيفاً أنّ "هناك جزءًا من المراقبين الجوّيين الكبار في السن، والذين كان يُستعان بهم بسبب عدم التوظيف، لم يعد يستطيع الاستمرار في العمل، وجزءًا آخر ترك الوظيفة وغادر لبنان".
 
وتابع عبدالله أنّ "تمّ التواصل معي بأنّ هناك تفكير جدّي بتعليق نشاط الملاحة الجوّية الليلة، وتخوّف من تعليق النشاط الليلي للمطار والاكتفاء بالنشاط النهاري، بسبب النقص الفادح في المراقبين الجويين، وهذه مشكلة"، مشيراً إلى أنّ "لذلك، رفعنا الصوت لعلّه يُفرَج عن تعيينات المراقبين لضرورات استثنائية، فالمرسوم موجود لدى رئاسة الجمهورية منذ 3 سنوات، ولم يُمضَ لأسباب التوزيع الطائفي".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم