الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"بيارو" الطيّب احتسى فنجان قهوته الأخير مع الأحبّة

المصدر: "النهار"
إسراء حسن
إسراء حسن
الممثل الراحل بيار جامجيان.
الممثل الراحل بيار جامجيان.
A+ A-

لا اعتراض على القدر المرسوم لأنه إرادة عليا، والأعمار بيد الله، لكنّ الفراق صعب، خصوصاً للطيّبين الذين ملأوا الدنيا بسمةً وطيبة. فقد استيقظ الوسط الفنّي في لبنان أمس على خبر صادم حزين حين أعلن مجتمع أهل الفن رحيل الممثل بيار جامجيان عن عمر ناهز الـ72 عاماً.

 

المحزن أنّ جامجيان لم يشكُ من علّة صحيّة قبيل وفاته، وفق ما علمت "النهار"، لكنّه كان متعباً من المجهود الذي يبذله أثناء مشاركته بعدد من الأعمال الدرامية حالياً. ذلك ما أكّده نقيب الممثلين في لبنان نعمة بدوي لـ"النهار" قائلاً: "شعر مساء الأربعاء بتعب، استوجب من ابنة شقيقته نقله إلى أحد المستشفيات، حيث خضع للفحوص الطبيّة اللازمة، ثم ما لبثت حالته الصحيّة أن تفاقمت، وامتلأت رئتاه بالمياه، قبل أن يتوقّف قلبه تماماً".

 

لا يملك بدوي جواباً شافياً حول سبب الوفاة، وينتظر التقرير الرسميّ من المستشفى، مستبعداً فرضيّة إصابته بفيروس كورونا، فقد "أجرى الراحل الثلثاء فحص PCR، وكان ينتظر النتيجة في اليوم الذي زارنا فيه بدار النقابة (الأربعاء)، وجلس معنا لساعات، وكانت صحّته ممتازة".

 

يغصّ بدوي أثناء الحديث عن جامجيان، ويقول لـ"النهار": "منذ فترة طويلة لم ألتقِ به، علماً أنّنا من أقرب الناس لبعضنا البعض. لا أعلم لماذا قرّر هذه الزيارة المفاجئة إلى النقابة والاجتماع بزملائه، وكأنّه أراد أن يودّعنا. شربنا القهوة معاً، ضحكنا كما لم نضحك من قبل".

 

الممثلة ختام اللحام كان لها نصيب من وداع صديقها، وقالت لـ"النهار": "كلّنا في صدمة. لم يكن يشكو من شيء أمامنا، لا سيّما أننا حتى الساعة لا نعلم السبب الفعليّ للوفاة. هل هي سكتة قلبية أم عارض آخر". وتشير اللحام إلى أنّ "جامجيان قد يكون عانى من أمر صحّي لكنه سلك طريق التكتّم عنه، فالفنان اللبناني يخاف النطق بمعاناته الصحيّة، خصوصاً في هذا البلد". وتستحضر لقاءهما الأخير بكلمات مؤثّرة: "جلسنا، ومازحنا، وضحك وأضحكنا في دار النقابة. تنزّه هو والنقيب نعمة بدوي، حيث أراه الأخير آخر التحديثات التي أجريت في المبنى، وتباحثا في ما يتعلّق بصندوق التعاضد الموحّد للفنانين، خصوصاً في ظلّ غياب الدولة عنّا كفنانين".

 

رَثَت اللحام جامجيان، فقالت: "خسرنا فنّاناً لا يعوّض. مخلص ووفيّ، لأنّ الفن أخلاق، وهو كان طيّباً خلال تصوير الأعمال. يحبّ زملاءه، ولم يرغب يوماً في التسبّب بأذيّة أحد. خبر رحيله شكّل لنا صدمة، فالفراق صعب".

 

وتتمنّى اللحام بغصّة أن يتمّ تكريمه، وهنا نسألها: "من سيكرّمه؟" تتنفّس وتجيب بتردّد: "الدولة"، ثم تستطرد وتقول: "حالياً نحن لسنا في بالهم".

 

الممثل القدير عمر ميقاتي ودّع الأربعاء جامجيان، ويسرد لـ"النهار" انطباعاته: "جلسنا في مكتب النقابة ساعة ونصف السّاعة، حمل همّ تنقّله بين البقاع وجبيل بسبب مشاركته في عملين دراميين، وقال لنا إنّه يفكر في الاعتذار من أحدهما لأنّه لم يعد يملك الطاقة الكافية". ميقاتي قدّم له نصيحة أخويّة، وقال له: "لا تُتعب نفسك في هذه المرحلة من الحياة، اعمل ما يُريحك! اعتذر من أحدهما".

 

وداع جامجيان لميقاتي جاء على شكل مشهد يشبه روح القديرَين، ويروي الأخير: "عندما كنّا مغادرين، فضّلت المصعد الكهربائي فيما فضّل بيارو النزول على الدرج، وقال لي ممازحاً: ما زلت في مرحلة الشباب، سأنزل على الدرج بعكسك. استيقظت صباحاً على خبر رحيله من النقيب نعمة قائلاً لي: بيار جامجيان الذي شربنا معه القهوة... بيارو عطاك عمره".

 

يعترف ميقاتي أنّ صباحه لم يُشبه كل الصباحات، ويسرد: "لا أعلم ما خطر في بالي قبل تلقّي خبر رحيل بيارو. وقعت صباحاً بين يديّ صورة للراحلة هند طاهر. كانت هذه الإنسانة طيّبة جداً بابتسامتها المعهودة، لكن حظّها لم يكن إلى جانبها في الحياة الشخصيّة. تعبت، وبالرغم من ذلك لم نكن نراها إلا مبتسمة. أردت أن أضع صورتنا، وأرفقها بتعليق: "من زمان... هند طاهر الطيّبة"، فيما تردّدت في وضع عبارة "رحمها الله"، واكتفيت بكلمة "الطيبة"، وبعد قليل وصلني خبر رحيل بيارو".

 

وعن تكريم الفنان اللبناني بعد رحيله، يعلّق ميقاتي: "مرحبا دولة... أي دولة؟".

 

ينتمي الراحل إلى الرعيل القديم الذي واكب الفن الجميل بمسرحياته وأفلامه ومسلسلاته، ولعلّ أبرز ما هو عالق في أذهان الجمهور أدواره في "المعلمة والأستاذ" بدور بيارو، "سهرية" مع الفنان زياد الرحباني، "لولو" مع السيدة فيروز بشخصية رعد المجنون، "نزل السرور"، "فيلم أميركي طويل"، "ميس الريم"، "شي فاشل"، إضافة إلى "يسعد مساكم"، "إبراهيم أفندي"، "الدنيا لمين"، وأخرى حملت طابع الحداثة مثل: "الغالبون"، "لعبة الموت"، "قيامة البنادق"، "أولاد آدم"، "الهيبة" بدور أبو عيسى، وغيرها.

 

زرع بيار جامجيان في مسيرته الفنية شخصيّة الطيّب النقي، وجاءت مقولة السيدة فيروز تعبّر بغصّة عن خبر رحيله: " تاري الأحبّة ع غفلة بيروحو وما بيعطو خبر".

 

يحتفل بالصلاة لراحة نفسه الرابعة والنصف من بعد ظهر اليوم (الجمعة) في كنيسة مار تقلا- بقنايا. وبدأت عائلته بتقبّل التعازي أمس (الخميس) في صالة الرابطة الاجتماعية - بقنايا، وتتقبّلها اليوم (الجمعة) من الحادية عشرة من قبل ظهر إلى السادسة مساء.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم