السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

طوابير في طرابلس تنوء بالفقر والذل... يقفون ساعات لتوفير 1000 ليرة من ثمن ربطة الخبز!

المصدر: النهار
جودي الأسمر
جودي الأسمر
أمام فرن شعبي في طرابلس. (النهار)
أمام فرن شعبي في طرابلس. (النهار)
A+ A-
يُصبح المواطنون في لبنان ويُمسون على طوابير الذلّ، ولا مؤشرات تبشّر بقرب انتهاء هذا المشهد المُهين، الذي يبدو صارخاً بالخوف والغضب والفقر أمام فرن شعبي في محلة "باب الحديد" في طرابلس، حيث تكثر الأفران المهجورة، التي لا تبيع الخبز، ومنها ما أقفل.
 
تتبدّل الوجوه بين نساء ورجال وأطفال، وتتبدّل مواقع الأفران، لكن الثابت واحد: أزمة الخبز في طرابلس تبلغ أشدّها، والمواطنون مستسلمون لخوف فقدان الرغيف. يُمضون ساعات ليشتروا خبزاً؛ غدا وحده العنصر الذي يساعدهم على كسب "معركة البقاء" في لبنان، وسط ضبابيّة مستمرّة في ملف رفع الدعم، يوازيها سقوط حرّ لإمكانيات الشراء لدى المواطن الطرابلسي، وتعمّق للفقر الشديد؛ وفي ما يلي مؤشره الصّارخ: "يقفون في الطابور أمام هذا الفرن لتوفير مبلغ ألف ليرة، إذ يسعّر ربطة الخبز بـ 4 آلاف ليرة فيما جاره يبيعها بـ 5 آلاف!"

هذا تفسير المواطنة سلوى الصعيدي، التي قصدت هذا الفرن لشراء ثلاث ربطات خبز، ولم تطل الحديث لأنها تريد أن تستفيد من الكهرباء في بيتها لتحضير طعام الغداء.

أما محمود الخباز، فحاول منذ الخامسة فجراً الانتظار أمام الفرن، مغالباً الربو ومخاطر ثلاث جراحات في قلبه تحت الشمس وفي الزحام لخمس ساعات، ولم يحن دوره. " مرّ جاري بقربي فناوب عني ساعتين لحجز دوري ريثما أرتاح"، يخبرنا الأب لولدين.

وتتأبط جمانة باشا (72 سنة) 4 ربطات خبز كأنها تخشى إضاعة غرض نفيس. تقول "لحسن الحظ، في الفرن هنا يمرّرون النساء قبل الرجال. ذكّرتني هذه الأوضاع بالحرب التي وقعت في طفولتنا، حين كان أبي يتركنا وإخوتي في صف الفرن ويذهب لشراء حاجيات المنزل". وحين سألناها عن التاريخ أشارت إلى الخمسينيّات، وهي فترة شهدت خلالها طرابلس حصاراً، وفقدت الموادّ الأساسيّة خلال ثورتها ضدّ رئيس الجمهورية يومها كميل شمعون.

ولم يستطع أحد المواطنين الانتظار أكثر، فترك الطابور غاضباً، خالي الوفاض، وقال لنا "يقتّرون بالخبز لأنّه مدعوم. كل الأصناف المصنوعة من الطحين متوافرة ما عدا الخبز. شعب أسوأ من حكّامه".

وفي جولة للتحقق من أوضاع الأفران في المنطقة الشعبية الممتدة من باب الحديد حتى التلّ، يتّضح أن الفرن المجاور في شارع الكنائس يبيع بالفعل ربطة الخبز بخمسة آلاف ليرة، ولا ازدحام إطلاقاً أمام الباب، ولم يعطِ أصحاب الفرن تفسيراً لهذا التفاوت. وتزداد غرابة المشهد في الزاهرية التي تُعرف بكثرة الأفران، حيث بقي "فرن المير" مغلقاً منذ الصباح، وهو أكبر أفران المنطقة، فيما فتحت أفران صغيرة أبوابها لتبيع الكعك والمناقيش والتوست وكاتو الصفوف.

وفي حيرة من سندان رفع الدعم ومطرقة طمع التجار، تتساءل المواطنة صبا مسعود ساخرة "هذا المازوت الذي يخبزون به التوست والكرواسان الفرنسي، ألا يخبزون به الخبز العربي؟".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم