الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

هل لِمواقع الكواكب تأثير على الزلازل؟

المصدر: "النهار"
فرح نصور
زلزال تركيا (أ ف ب).
زلزال تركيا (أ ف ب).
A+ A-

تصدّر الخبير والباحث في شؤون الزالزل فرانك هوغيربيتس الأخبار ومنصّات التواصل الاجتماعي بعد توقّعه الذي حصل، بوقوع زلزال في تركيا وسوريا، ليصبح "مرجعاً" للكثيرين، ولا سيما لوسائل إعلام عالمية، في أخبار الزلازل ومستقبلها. 

لكن هل لِموقع الكواكب فعلاً تأثير على الزلازل؟ 

 

"علمياً، لا شيء يثبت تأثير مواضع وحركة الكواكب على الزلازل"، هذا ما يؤكّده رئيس قسم وأستاذ فيزياء الفلك في جامعة سيدة اللويزة، الدكتور باسم صبرا. 

وفي حديثه لـ"النهار"، يوضح أنّه بالرجوع إلى الوراء آلاف السنين، وإذا ما أخذنا مواقع الكواكب بتواريخها وأحصينا بالمقابل عدد الزلازل، فسنجد أنّ هناك مصادفة تصل إلى حد 50 في المئة. وهنا نتحدّث عمّا نسمّيه بالعامية "طرّة نقشة"، أي إنّها مصادفة لا أكثر ولا علاقة علمية ولا منطقية في ما بين هذه المتغيّرات، على عكس ما ثبت علمياً وهو أمر مفروغ منه أنّ "لِحركة القمر وتموضعه تأثيراً على المدّ والجزر، فطبعاً المدّ والجزر يتبعان حركة القمر".

 

لكن أيّ متغيّرين أو حدثين يتحرّكان بحركة عشوائية، إذا ما وضعناهما في تسلسل زمني، فسيكون في ما بينها تقارب، لكن هذا التقارب لا يعني علاقة سببية أو ترابطاً، فهناك أحداث تجري دون أي علاقة في ما بينها. ويمكن البدء بالتفكير في علاقة بين هذه المتغيّرات عندما تصدق نسبة 70 أو 80 في المئة من هذه المصادفات.

 

وبرأي صبرا، لا يمكن توقّع حدوث الزلازل ولا بأي شكل من الأشكال، لا سواء عبر تحديد الزمن والتاريخ ولا عبر رمي تنبّؤات عن إمكانية حدوثها بعد 10 سنوات، "فهذا أمر ليس علمياً ولا منطقياً عندما نتحدّث عن زلازل".

 

والعالم الهولندي، بنظر صبرا، أطلق نظريته وشرع يدافع عنها دون أيّ أساس علمي، إذ إنّ المنطقة التي وقع فيها الزلزال في تركيا هي منطقة يلتقي فيها فالقان ضخمان، وهو فالق اليمّونة الواقع في لبنان، وفالق الأناضول الآتي من قبرص. ويلتقي هذان الفالقان في النقاط التي وقع فيها الزلزال في تركيا.

وفي الشرح عن السبب العلمي لهذه الزلازل، يوضح صبرا أنّ نقاط الزلازل هذه كانت مضغوطة منذ أكثر من 100 سنة، وكان لا بدّ من أن تتحرّك بعد هذا الضغط كلّه، وهو بالتالي عامل جيولوجي بحت لا علاقة له بالكواكب.

فهذه الجبال تقع حيث تقع الفوالق في مناطق عديدة، فمثلاً فالق اليمونة يقع إلى جانب السلسلة الغربية وفالق سرغايا يقع جنب السلسلة الشرقية، وفالق الأناضول يقع جانب جبال طوروس، وكذلك الأمر في إيران. وهنا تشهد هذه البقع ضغطاً من وجود هذه الفوالق. ونتيجة ضغطها وتحرّكها، تنزلق هذه الجبال. وكلّما استغرق وقتاً أطول لتتحرّك هذه الفوالق، يكون الزلزال أقوى.

 

ماذا تقول بعض الدراسات؟

وبحسب هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، من المرجَّح أن تحدث الزلازل في الصباح أو في المساء بنفس القدر. وفيما أظهرت العديد من الدراسات في الماضي عدم وجود ارتباطات ذات دلالة إحصائية بين معدّل حدوث الزلازل والمدّ والجزر شبه اليومية عند استخدام كتالوغات الزلازل الكبيرة، فقد وجدت العديد من الدراسات الحديثة وجود علاقة بين المدّ والجزر (بسبب موقع القمر بالنسبة للأرض) وبعض أنواع الزلازل. 

خلُصت إحدى الدراسات، على سبيل المثال، إلى أنّه خلال أوقات ارتفاع المد والجزر في الأرض والمحيطات، مثل أوقات اكتمال القمر أو القمر الجديد، تكون الزلازل أكثر احتمالاً بالقرب من أطراف القارات وفي مناطق الانغماس (تحت الماء).

ويمثّل خسوف القمر أو الخسوف الشمسي، حالات خاصة للقمر الكامل والقمر الجديد، ولكنها لا تسبب أي تأثيرات مدّية خاصة أو مختلفة من القمر الكامل والقمر الجديد.

كانت هناك أيضاً بعض الارتباطات الصغيرة ولكن المهمة، بين المد والجزر شبه النهاري ومعدل حدوث توابع الزلزال في بعض المناطق البركانية، مثل بحيرات ماموث.

في السياق نفسه، يُفترض بحث بعنوان "المحاذاة الكوكبية للنظام الشمسي تؤدّي إلى المد والجزر والزلازل"، المنشور عام 2021 على منصّة Nature  Springer للبحوث الأكاديمية، أنّ المد والجزر والزلازل ناتجة عن مواقع كواكب النظام الشمسي، بحيث تعمل جاذبية الكواكب كقوة دافعة على تغيير سرعة دوران الأرض. 

حدوث المد البحري هو فقط نتيجة للتباطؤ النسبي في سرعة دوران الأرض، وهذا يحثّ ألواح الأرض على التحرّك. وبحساب سرعة دوران الأرض لثمانية أحداث زلزالية، اتضح أنّ السرعة كانت مختلفة لكل حالة. وعُثر على تناسب سلبي بين الزلزال وسرعة دوران الأرض. 

وأثناء تكوين كوكب المشتري وزحل خطاً مستقيماً مع الأرض خلال شهر يوليو 2019، حدث ألف وسبعة وثلاثون زلزالاً حول العالم تم تحليلها إحصائياً بمقياس 2-6. وقد احتُسبت طاقة الجاذبية الكامنة للأرض عند خط الاستواء وعند 45 درجة لإظهار كيف تؤدّي سرعة الدوران إلى الصفائح.

وتتفاعل الكواكب بعضها مع بعض لتؤثّر على الزلازل عن طريق ضغوط الجاذبية الناشئة عن تكوين كواكب النظام الشمسي التي تسبّب تباطؤاً في سرعة دوران الأرض، ما يحفّز صفيحة الأرض على التحرك لتوليد الزلزال الناتج عن تفعيل الصدوع.

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم