الأربعاء - 01 أيار 2024

إعلان

فقر الدورة الشهريّة "مشكلة واقعيّة" في لبنان: "أمّ استخدمت حفاضات أطفالها وأكياس بلاستيكية!"

المصدر: "النهار"
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
يُعتبر اليوم العالمي للنظافة الصحية أثناء الدورة الشهرية مناسبة مهمة لكسر المحرمات واكتساب الحقوق المتعلقة بالحيض. فالأخير، المعروف بـ"فترة الحيض أو الدورة أو الدورة الشهرية"، هي فترة طبيعية في الحياة تحدث لـ 1,9 مليار فتاة وامرأة في سنّ الإنجاب على مستوى العالم، وفق اليونيسف، منهنّ 107 مليون في المنطقة العربية.
 
تُعدّ الدورة الشهرية فترة لا مفرّ منها في حياة كلّ أنثى في سنّ الإنجاب، إذ يجب أن تمرّ بها كلّ شهر وأن تكون إدارتها بكرامة حقاً أساسيّاً. ومع ذلك، فإنّ الواقع ليس كذلك، لأنّ ملايين الفتيات والنساء في العالم ما زلن يعانين عند الحيض، خاصة في البلدان الفقيرة، حيث يفتقرن إلى الوصول إلى المستلزمات الصحية ومرافق المياه والمعرفة والإرشاد في شأن نظافة الدورة الشهرية. ويمكن تلخيص هذا الوضع في ثلاث كلمات: فقر الدورة الشهرية.
 
يُعدّ فقر الدورة الشهرية مشكلة عالميّة من مشاكل الصحة العامة، وتؤثّر حتى على البلدان الأكثر تقدّماً. فعلى سبيل المثال لا الحصر، أشارت الأبحاث في عام 2020 إلى أنّ ما يقارب ثلثي النساء في الولايات المتحدة الأميركية ذوات الدخل المنخفض لا يستطعن شراء منتجات الدورة الشهرية، وفق "ميديكل نيوز توداي" (Medical News Today). وبالمثل، فإنّ 12 في المئة فقط من النساء في الهند يتمتّعن بإمكانية الوصول إلى المنتجات الصحية، وفق كلية "ريجيس" (Regis). ويتسبّب فقر الدورة الشهرية في تحدّيات عدّة تؤثّر على تنقّل النساء والفتيات ومشاركتهنّ في جميع أنشطة الحياة بما في ذلك الذهاب إلى المدرسة والعمل.
 
علاوة على ذلك، يؤدّي عدم القدرة على شراء منتجات الدورة الشهرية في كثير من الحالات إلى مشاكل نفسيّة لأنّ النساء والمراهقات يشعرن بالخجل بسبب الحواجز الثقافية التي توصم الحيض وتمنعهنّ من الحديث عنه.
 
في الواقع وعلى مرّ التاريخ، اعتبر الناس أنّ "دم الحيض هو لعنة". أمّا في العصر الروماني، فكان هناك اعتقاد سائد بأنّ فترة الحيض تؤدي الى تدمير المحاصيل والنبيذ الحامض. والأكثر من ذلك، فإنّ العار الديني خلال العصور الوسطى أنتج مفاهيم خاطئة حيث كان هناك رأي مفاده أنّ تقلّصات الدورة الشهريّة كانت "تذكيراً بخطيئة حواء الأصلية"، لذلك لم تسمح الكنيسة بتقديم أيّ مسكنات لألم الحيض بسهولة.
 
لا يختلف لبنان عن دول كثيرة حول العالم في هذا الموضوع. فمنذ عام 2019، تشهد البلاد وضعاً اقتصاديّاً غير مسبوق مع أزمات متفاقمة تؤثّر على الفتيات والنساء بشكل خاص، ولا سيما في المناطق المحرومة من خلال تعميقهنّ في أنواع الفقر جميعها، بما في ذلك فقر الدورة الشهريّة نتيجة ارتفاع أسعار المنتجات المصنّعة محليّاً كفوط الدورة الشهريّة ومستلزمات النظافة الأخرى بنسبة تتراوح بين 98 في المئة و 234 في المئة، من دون أيّ رقابة أو دعم من الحكومة.
 
وتالياً، فقد أصبح فقر الدورة الشهرية مشكلة واقعية في لبنان، إذ أشارت دراسة أجراها صندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان في عام 2020 إلى أنّ "النساء اخترن استخدام قطع قديمة وغير معقّمة من ملابسهنّ عند الدورة الشهرية من أجل توفير مبلغ شراء الفوط الصحية لبناتهنّ". وأيضاً يَمِلنَ نحو استخدام بدائل أخرى عوضاً عن الفوط الصحية، وهي مسألة تمّ التأكد منها من خلال دراسة للأمم المتحدة عام 2021، أظهرت أنّ نحو 44 في المئة من النساء اللبنانيّات يعتمِدنَ على خيارات بديلة وفي أكثر الأحيان غير ملائمة أو غير صحيّة، كوسيلة خلال الدورة الشهرية.
 
هانيا (27 عاماً) أم لثلاثة أطفال، استخدمت حفاضات أطفالها لبعض الوقت بالإضافة إلى الأكياس البلاستيكية غير المعقّمة في إدارة النظافة الصحية خلال الدورة الشهرية. وبالمثل، تميل النساء إلى استخدام الفوط الصحية، إذا توافرت، لفترة أطول من اللازم، لعدم توافر كمّية كافية منها، ممّا قد يعرّضهنّ لخطر أكبر للإصابة بالإلتهابات.
 
استجابةً للتخفيف من أثر فقر الدور الشهرية في لبنان، اعتمد صندوق الأمم المتحدة للسكان تدابير عدّة للتصدّي لهذه الآفة، بما في ذلك شراء رزم الكرامة التي تحتوي على المستلزمات الأساسية مثل الفوط الصحيّة والصابون والملابس الداخليّة وغيرها وتوزيعها على النساء والمراهقات الأكثر فقراً والمستفيدات من برامج الصندوق في جميع أنحاء البلاد.
 
فمنذ عام 2021، تمّ توزيع أكثر من 76 ألف رزمة من خلال شركاء محليّين. بالإضافة دعم الصندوق حملات توعية من أجل نشر المعرفة حول إدارة النظافة الصحية أثناء الدورة الشهرية وكسر المحرمات ذات الصلة. كذلك، قام صندوق الأمم المتحدة للسكان بتعزيز قدرات ومعارف مقدّمي الخدمات بهدف نقل المعلومات الصحيحة والموثوقة إلى المستفيدات من أجل تشجيعهنّ على إدارة الدورة الشهريّة بشكل صحيح في الوقت المناسب وبطريقة فعّالة.
 
في الآونة الأخيرة، ومع ارتفاع أسعار الفوط الصحية وزيادة نسبة الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر في لبنان، أصبح الحصول على هذه الفوط أمراً صعباً للغاية، وتالياً، فقد دخل الصندوق في الإنتاج المحلي للفوط الصحيّة القابلة للاستخدام والتي تحظى بتقدير كبير من قبل المستخدمات وتشعرهنّ بالحفاظ على كرامتهن، وتُعتبر صديقة للبيئة ومريحة للاستخدام.
 
في السابق، لم تكن النساء والفتيات على استعداد لاستعمال الفوط الصحيّة القابلة للاستخدام، ولكن الظروف القاسية التي يمرّ فيها لبنان أجبرتهنّ على التأقلم مع بعض المتغيّرات. فناديا (35 عاماً) كانت خائفة من اعتماد الفوط الصحية القابلة للاستخدام، ولكن منذ ذلك الحين وهي لا تستعمل غيرها، حتى أنّها أقنعت صديقاتها عن حسنات هذه المسائل البديلة، وهي اليوم تُعد مناصرة قوية لاستخدام هذه المستلزمات الصديقة للبيئة.
 
اليوم وأكثر من أي وقت مضى ، تُعدّ النظافة الصحيّة خلال الدورة الشهريّة والوصول إلى مستلزمات الدورة الشهرية حقاً أساسيّاً يُعزّز قدرة المراهقات والنساء على الحفاظ على كرامتهنّ.
 
في وقت تمّ إحراز بعض التقدّم وفق ما ذُكر سابقاً، إلّا أنّه لا يزال هناك طريق طويل لكسر المحرمات وتعزيز ثقافة الحديث والنقاش حول الدور الشهريّة من دون الشعور بأيّ خجل أو وصمة. ويلتزم صندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان بمواصلة جهوده وتحقيق المساواة في الدورة الشهرية للنساء والفتيات جميعهنّ.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم