الأحد - 19 أيار 2024

إعلان

تسعة نوّاب يرفضون تجريم المثليّين عبر اقتراح قانون... عبد المسيح انسحب، وريفي يردّ!

المصدر: "النهار"
رنا حيدر
رنا حيدر
مظاهرة لدعم المثليّة الجنسيّة.
مظاهرة لدعم المثليّة الجنسيّة.
A+ A-
ليس الجدل حول المثليين في لبنان جديداً، لكنّه يعود إلى الواجهة بطريقة توحي بأنّها مبرمجة، ولا سيّما من قبل مستفيدين من التقاء الأضداد في السياسة حول المسألة. إقحام وزير الثقافة الموالي للثنائي، لمواقف البطريركية المارونية من المسألة قد يكون دليلاً. في المجتمع، ثمّة من يعتبر القضية متّصلة بصون الحريات الفردية واحترام حقوق المختلفين وعدم تجريمهم، في مقابل من يرى أنّ تكريس حقوق هذه الفئة المهمّشة سيكون سبباً لـ"تفكّك الأسرة"، فضلاً عن مقولة وجود "أجندة غربيّة" لفرض مفاهيم ثقافية معيّنة. ويبرز في السياق الانقسام النيابيّ بعد اقتراح القانون الموقّع من تسعة نوّاب لإلغاء المادّة القانونية المتعلقة بتجريم المثلية. 
 
شهدنا في الآونة الأخيرة خطابات رجال دين وسياسيين عبّروا عن رفضهم التامّ لما سمّوه الظاهرة "الشاذّة"، ومن أبرز المواقف، خطاب الأمين العام لـ"حزب اللّه" السيّد حسن نصراللّه الذي اعتبر أنّ "المثلية مصدّرة إلى المجتمع اللبنانيّ من الولايات المتحدة وأوروبا"، داعياً اللبنانيين إلى رفضها، ومشدّداً على أنّها "معركة تتطلّب توحيد جهود الجميع، أي العائلات المسيحية والإسلامية، لمواجهة هذا الخطر المستورد من الغرب، وهي معركة أعراضنا وشرفنا وأخلاقنا وأولادنا وبناتنا ومستقبل عائلاتنا".
 
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قد تطرّق الأسبوع الفائت، خلال لقاء تشاوريّ جمعه ووزراء مع البطريرك المارونيّ مار بشارة بطرس الراعي في الديمان، إلى موضوع "المثلية الجنسية"، ليعلن بعدها أنّ "هناك إجماعاً على التمسّك بالقيم اللبنانية الروحية الأخلاقية والأسرة".
وفيما اتّفق أضداد السياسة من مسلمين ومسيحيّين على محاربة المثليين، برز انقسام داخل صفوف المجلس النيابيّ.
 
الجدل على المادة 534
تقدّم تسعة نوّاب باقتراح قانون يهدف إلى إلغاء المادة 534 من قانون العقوبات، التي تنصّ على أنّ "كلّ مجامعة على خلاف الطبيعة يعاقب عليها بالحبس حتّى سنة واحدة"، وبدأ العمل بهذه المادة في عام 1943، وما زال سارياً حتّى اليوم.
 
 
 
ويستند القضاء اللبنانيّ إلى هذه المادة في أحكام تجريم العلاقات المثلية ومعاقبة المثليين والمثليات وعابري الجنس، مع العلم بأنّ النصّ لم يحدّد مفهوم الطبيعة وما يُعدّ مُخالفاً لها. كما تلاحق القوى الأمنية الأشخاص غير المنمّطين جندريّاً بناءً على هذه المادة، وفي بعض الأحيان يكفي الشكّ في مظهرهم أو طريقة لبسهم لتوقيفهم والتحقيق معهم.
 
وأثار هذا الاقتراح انقساماً في الآراء بين المدافعين عنه من النوّاب وبين المعارضين، خصوصاً أنّ طلب منع التجريم "لا يعني تأييد المثلية"، وهذا ما أكّده النائب أديب عبد المسيح في حديث لـ"النهار"، بعدما سحب توقيعه من العريضة.
 
ويشير عبد المسيح إلى أنّ السبب الرئيسيّ لانسحابه هو لعدم "زيادة الطين بلّه"، خصوصاً بعد الموجة الشرسة التي شنّها روّاد مواقع التواصل الاجتماعيّ على النوّاب، مشدّداً على أنّ الهجوم طاله من دون معرفة خلفيّة قراره، مضيفاً: "أعارض الشذوذ في جميع أشكاله، لكوني رجلاً مسيحيّاً أؤمن بمعتقداتي الدينية، لكن لاقى توقيعنا منحى مختلفاً عن النيّة الأساسية، وأتمنّى أن يفتح انسحابي المجال للمناقشة في وقت لاحق، ويمكننا أن نؤجّل المسألة بغية الاهتمام بالملفّات التي لها الأولوية، ومنها الفراغ الرئاسيّ، ولعدم انقسام الرأي العام".
 
وعن اقتراح القانون، لفت عبد المسيح إلى أنّه شارك في العريضة لإلغاء المادة 534، وليس لدعم المثلية، مشيراً إلى أنّ "التجاوزات تتكاثر اليوم في القضاء مع قضاة يفسّرون هذه المادّة على طريقتهم الخاصّة، بما يخدم حاجاتهم، وهذا الأمر جليّ مع مصادرة ميليشيات هواتف شباب مشكوك في أمرهم، وبعدها توقيفهم قضائياً، مهمّتنا هي معالجة أمورهم وليس محاسبتهم، إذ إنّ المادة تفاقم الحالة ولا تصحّح الخطأ، ومن الممكن زيادة عدد المثليين في السجن".
 
 
 
على المنوال نفسه، أعلن نائب كتلة "الجمهورية القويّة" جورج عقيص على منبر منصّة "X" تبرير قراره المشاركة في العريضة النيابية بعد حملة شرسة طالته، ونشر الرواية الكاملة، وفيها:
"الرواية الكاملة لقضيّة "المثليين والشذوذ".
- وقّعت منذ أشهر مع نوّاب آخرين على اقتراح قانون يلغي المادة 534 من قانون العقوبات التي تعاقب بالحبس سنة كلّ من يرتكب جرم المجامعة على خلاف الطبيعة.
- ليس في معظم التشريعات العربية أو الأجنبية الحالية نصّ مماثل.
- يُستعمل هذا النصّ القانوني في كثير من الأحيان في التحقيقات الأوّلية في غير محلّه القانوني، ولا سيّما أنّه ليس هناك تعريف واضح للجرم، مع العلم أنّ أحكاماً قضائية عديدة رفضت تطبيق المادة 534 باعتبارها تحطّ من كرامة الإنسان، وأصبحت obsolete، أي غير متوافقة مع البيئة التشريعية للدولة.
- لا علاقة للاقتراح الذي تقدّمنا به لا من قريب ولا من بعيد بتشريع المثلية أو زواج المثليين، حيث كان هناك إجماع بين النوّاب الموقّعين على رفض ذلك".
 
من جهتها، أشارت محامية "المفكّرة القانونية" غيدة فرنجية في حديث لـ"النهار" إلى أنّ المؤسسة طعنت في قرارات وزير الداخلية السابقة بمنع تجمّعات المثليين لاعتبارها مخالفة للدستور والقوانين التي تضمن حريات التعبير والتجمّع والتظاهر. وقد قرّر مجلس شورى الدولة وقف تنفيذ قرار المولوي لاعتباره أنّ أسباب الطعن جديّة".
 
وتطالب "المفكرة القانونية" بإلغاء المادة 534 منذ سنوات عدّة، وذلك تماشياً مع الاجتهادات القضائية التي رفضت تطبيق هذه المادة لتجريم العلاقات الجنسية المثلية، ونظراً للضرر الكبير الذي تلحقه هذه المادة بحقوق الأشخاص المثليين، ولا سيّما لجهة تعرّضهم للتوقيف الذي غالباً ما يترافق مع العنف وصولاً الى التعذيب، والمحاكمة وللتمييز في سوق العمل".
 
ولفتت فرنجية إلى أنّ اقتراح تجريم "الترويج للمثلية" كما يُطرح حالياً ليس في مكانه، لأن الميول الجنسية ليست سلعة قابلة للترويج، بل هي مشاعر تعتري العديد من الأشخاص، وقد يؤدّي اقتراح مماثل إلى مخاطر عدّة أبرزها:
 
- تضييق النقاش حول المثلية الجنسية، الذي بات مطروحاً بشكل واسع أمام القضاء وأمام مؤسسات الدولة، ولا سيّما من الناحية القانونية والصحّية.
- التضييق على الخدمات التي تمنحها الدولة والمؤسسات الخاصّة للمثليين وغيرهم من ذوي الميول الجنسية أو الهويّات الجندرية المختلفة، ومنها الخدمات القانونية والصحّية والتوعوية، ما يفاقم القمع والتمييز الذي يواجهه هؤلاء.
- إنّ إدخال التوعية الصحّية الجنسية في المناهج التربوية أمر ضروري عموماً، لحماية جميع الشابّات والشباب قبل مباشرتهم النشاط الجنسيّ.
 

مشروع قانون قيد التحضير
من ناحية أخرى، يبرز نشاط لمنع ترويج المثلية مرفقاً بعنوان "القيم العائلية"، ومن أبرز المعارضين النائب أشرف ريفي، إذ علمت "النهار" أنّه يعمل مع فريق قانونيّ لإنجاز اقتراح قانون يكون جاهزاً الأسبوع المقبل يدعو إلى "حصر ترويج المثلية".
وأكّد ريفي أنّ "مجتمعنا شرقيّ وتربّينا على الأسس الأخلاقية، لذا أعارض فكرة ترويج الشذوذ".
 
ولفت ريفي إلى "الأبعاد الأخلاقية والعائلية لهذه المسألة، إذ تدمّر مجتمعنا وبيئتنا، خصوصاً في ظلّ الدمج الغربي الذي يحاول التعمّق والتغلغل لترويج المثلية واعتبارها جزءاً من الحداثة". وقال لـ"النهار" إنّ "قوّتنا بالرغم من صعوبة العيش في منطقتنا تكمن في تركيبتنا الاجتماعية والعائلية، كما أنّ المكوّن الأساسيّ لمجتمعنا يرتكز على العائلة، ففي الغرب للأسف فقدوا قيمهم وسعادتهم"، مشدّداً على أنّ "موقفه لن يتغيّر وسيلتزم بقناعته بالرغم من الآراء المختلفة".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم