السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

سابقة لم يعرفها لبنان: رئيسا الجمهورية والحكومة يحتكمان إلى البرلمان

المصدر: "النهار"
مجلس النواب.
مجلس النواب.
A+ A-
سيتلو رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد غد الخميس رسالة رئيس الجمهورية امام النواب لأخذ العلم بها وكذلك لمناقشتها اذا ما أصرّ نواب على ذلك لاتخاذ القرار المناسب. اما رسالة رئيس حكومة تصريف الاعمال فتعدّ سابقة في توقيتها ومضمونها. فما المنتظر من البرلمان؟

صحيح انها ليست المرة الاولى يستخدم رئيس الجمهورية صلاحياته الدستورية، ولا سيما بالنسبة الى توجيه رسالة الى مجلس النواب، إذ سبق للرئيس ميشال عون ان استخدم تلك الصلاحية مراراً خلال عهده. والمفارقة انها الرسالة الثانية التي تتضمن طلب النظر في تكليف رئيس تأليف الحكومة، حيث سبق لعون ان وجّه رسالة الى المجلس في أيار من العام الفائت للنظر في تكليف سعد الحريري تأليف الحكومة بعد 7 أشهر على تكليفه، واعتبر رئيس الجمهورية حينذاك أن "أسباب التأخير في استيلاد الحكومة لا يجوز أن تبقى موضع التكهن أو الالتباس أو الاجتهاد، داخلية كانت أم خارجية، كما لا يجوز أن تأسر التأليف إلى أفق زمني غير محدد، فتؤبّد التصريف، ولا سيّما أنّ الحكومة المنتظرة إنما هي حكومة إنقاذ لبنان من أزماته الخانقة، وأنّ تأليف الحكومة هو عمل دستوري وجوبي وليس من قبيل الاستنساب والترف" (...)

صحيح ان مجلس النواب لم يأخذ وقتذاك اجراء جوهرياً وانما اكتفى بعبارات عمومية على طريقة "الصلحة التي يجريها مختار الحيّ بين الاهالي"، وجاء في الخلاصة :"يؤكد المجلس ضرورة المضي قدماً وفق الأصول الدستورية من قِبل رئيس الحكومة المكلف للوصول سريعا الى تشكيل حكومة جديدة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية". كل ذلك حتى لا يتحول المجلس الى حلبة للمنازلة بشأن صلاحيات "الطوائف" وما كان سيستتبع ذلك من انقسامات وخلافات.
اما اليوم فالمسألة مختلفة حيث ان المجلس سيطّلع على رسالة رئيس الجمهورية الخميس، أي بعد انتهاء ولاية عون. فكيف سيتصرف بشأنها، وماذا عن توجيه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي رسالة الى المجلس؟

الثابت ان رئيس الجمهورية قد وجّه رسالته ضمن فترة ولايته الدستورية، وبالتالي فهي صادرة عن المرجع الذي منحه الدستور صلاحية مخاطبة مجلس النواب، وبحسب استاذ القانون الدستوري عصام اسماعيل فإن المجلس "ملزم بالاستماع إلى هذه الرسالة واتخاذ موقف أو قرار منها، ولا عبرة لكون انعقاد المجلس سوف يحصل بعد انقضاء الولاية، لأن لا المادة 53 من الدستور ولا النظام الداخلي لمجلس النواب يشترطان لصحة هذه الرسالة أن تتم كل الإجراءات المرتبطة بها ضمن فترة الولاية الرئاسية".

من جهته، رئيس منظمة "جوستيسيا" الحقوقية الدكتور بول مرقص يشرح لـ"النهار" الآلية الدستورية انطلاقاً من الفقرة 10 من المادة 53 التي اعطت الصلاحية لرئيس الجمهورية في ان "يوجه عندما تقتضي الضرورة رسائل الى مجلس النواب"، وان "المجلس عملاً بأحكام نظامه الداخلي ولا سيما المادة 145 ينص على الآلية التي يتّبعها المجلس في التعاطي مع رسالة رئيس الجمهورية ومناقشتها عندما تكون موجهة بواسطة رئيس المجلس، وبعد المناقشة يتخذ الموقف او الاجراء او القرار المناسب".

رسالة رئيس الحكومة ومفاعيلها
لم ينص الدستور على منح صلاحية رئيس الحكومة بتوجيه رسالة الى المجلس، ولكن ثمة آراء ترى ان رئيس الحكومة لجأ الى ذلك الاجراء بعدما طلب رئيس الجمهورية من المجلس اتخاذ القرار المناسب بشأن اعتبار الحكومة مستقيلة وكذلك تكليف رئيس الحكومة. ويشرح اسماعيل ان "الرسالة التي وجّهها الرئيس السابق للحكومة والتي بمقتضاها يُعلم مجلس النواب بأنه سيستمر بتصريف الأعمال، فإن هذا الكتاب إنما يدلّل على معرفته بأن مرسوم قبول استقالة الحكومة أصبح نهائياَ بصفته عملاً حكومياً داخلاً في إطار علاقة الحكومة بمجلس النواب، وحيث إنه بهذه الصفة يخضع للرقابة البرلمانية".

ويشير اسماعيل الى ان ميقاتي "يلفت بكتابه الى مجلس النواب إلى ضرورة اتخاذ موقف صريح بالطلب منه الاستمرار بتصريف الأعمال أو حتى ضمنياً من خلال عدم الاعتراض على ما ورد في هذا الكتاب". اما في حال سكت المجلس فيوضح ان "سكوت المجلس يعني قبولاً باستمرار عمل حكومته، خصوصاً أنه لم يصر إلى أي تحرّك نيابي لمساءلته حول مضمون هذا الكتاب إن من خلال توجيه استجواب أو سؤال".

في سياق متصل، يرى مرقص ان "لا صلاحية لرئيس الحكومة بمخاطبة مجلس النواب، لكن رسالته جاءت كردٍّ على رسالة وجّهها رئيس الجمهورية الى المجلس وهي تعني في مضامينها رئيس الوزراء المكلف، وارتأى الاجابة من هذا المنطلق، ولكن ليس هناك حيثية دستورية في المبدأ ان يتوجه بتلك المخاطبة".

ويؤكد مرقص ان رئيس مجلس النواب يبقى ملزماً بتلاوة رسالة رئيس الجمهورية حتى وان انتهت ولاية الاخير، واتخاذ القرار او الموقف المناسب منها.

لا ريب في ان لبنان امام سابقة دستورية فريدة من نوعها، وعليه فإن ما سيصدر عن مجلس النواب في حال اصرت كتل نيابية على مناقشة الرسالة الرئاسية، وهذا ما سيحدث سواء من نواب تكتل "لبنان القوي" او حلفائهم، سيشكل ايضاً سابقة في الرد على رسالة رئيس الجمهورية، وان كان من المنتظر ان تتحول الجلسة الخميس الى "حلبة صراع وخلاف بشأن الصلاحيات وضمناً الدفاع عن حقوق الطوائف في نظام الحكم".





الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم