الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

المسيحيّون والحرب على غزّة... "هفوات" تعكّر التضامن

المصدر: "النهار"
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
ساحة عوكر. (نبيل اسماعيل)
ساحة عوكر. (نبيل اسماعيل)
A+ A-
يعيش الشارع اللبناني يوميات الحرب في غزة باعتبارها قضية تعنيه في المباشر، ومنذ بدايتها يتفاعل مع الحدث لحظة بلحظة، من ناحية عقائدية وسياسية تتعلق بالقضية الفلسطنية من جهة، من ناحية تداعياتها العسكرية والسياسية على لبنان من جهة أخرى.
 
يمكن الجزم بأن الحرب الدائرة في غزة وحّدت اللبنانيين من حيث مشاعر التضامن والرفض، وأظهرت بما لا يقبل الشكّ أنّ فكرة العداء لإسرائيل تكبر إلى حدّ كبير وحتى ضمن المجموعات التي كانت تنادي بالسلام.
 
اتجهت العيون إلى الشارع المسيحي، المتأثر بالترسبات التاريخية بطريقة مباشرة، وبتداعيات الحرب اللبنانية، إلّا أنّ هذه الحرب أكدت تحولات كبيرة في هذا الشارع على المستوى الشعبي والسياسي، ويمكن الحديث عن تعاط مختلف مع الحروب السابقة الذي كان يتعاطى معها بلا اهتمام أقلّه.
 
ارتباط الحرب بغزة للمرة الاولى مباشرة في لبنان عبر نظرية "وحدة الساحات"، والحديث عن فتح جبهة من لبنان، أثّرت بشكل كبير ضمن هذا الشارع بالذات، وهنا بدا الافتراق واضحاً عن مكوّنات المجتمع اللبناني بشكل عام، وعن البيئة الإسلامية بشكل خاص التي يبدو واضحاً دفعها لفكرة الجبهة.
 
تكاد تجمع الأحزاب والرأي العام المسيحي على رفض إدخال لبنان في أيّ حرب، ولو كانت من باب نصرة غزة أو فلسطين الذين أبدوا التعاطف والتضامن معها.
لا فروقات جوهرية في الخطاب السياسي للأحزاب السياسية المسيحية، سوى بعض التعابير الشعبوية، التي تخلص إلى نتيجة واحدة وعامة وهي العودة إلى مبادرة الملك عبدالله في قمة بيروت، ورفض أن يكون لبنان منطلقاً لأيّ حرب لأنّه اكتفى من الحروب ولم يعد يحتمل.
 
من دون شكّ يعيش هذا الشارع حالة من القلق على المستويين الشعبي والسياسي، فعلى المستوى الشعبي، هناك تخوف من أيّ حرب لا يستطيع تحملها هذه المرّة في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ما سيؤدّي إلى حالة من هجرة جديدة وصعبة بما لها من تأثيرات ديموغرافية أساسية، أمّا على المستوى السياسي، فالخشية من نتائج الحرب وتداعياتها على الحياة السياسية وعليهم مباشرة.
 
أظهرت ليلة القصف الوحشي على المستشفى المعمداني في غزة تضامناً وتعاطفاً وغضباً غير مسبوقين في هذا الشارع، ما لبث أن تبدّدت بعد ساعات قليلة اثر تظاهرتين أمام السفارة الأميركية في عوكر انتهتا بتخريب وتكسير واعتداء على الاملاك الخاصة.
 
وفي قراءة للبيانات الصادرة عن الأحزاب الموجودة لا يمكن المرور فوق بيان "التيار الوطني الحر" الذي استعان بتعابير الجبهة اللبنانية أيام الحرب، وتحدّث عن طريق فلسطين التي لا تمرّ بعوكر، وكما جرى استبدال جونيه بعوكر ستبدل غداً بأيّ منطقة أخرى في جبل لبنان أو في أقضية الشمال أو في البقاع، فيما ذهبت القوات والكتائب بالاتجاه نفسه عبر التذكير بأحداث سبعينات القرن الماضي، التي أدّت إلى حرب استمرّت ثلاثين سنة.
 
تجمّع الأحزاب المسيحية في تصاريحها على التضامن مع الفلسطينيين ورفض الغطرسة الإسرائيلية، إنّما تبدي خشيتها من تصرّفات كالتي جرت في أنطلياس وضبية، ما يمكن أن يخلق ردّات فعل معاكسة، لا تخدم القضية التي من أجلها يتظاهرون، ويمكن أن تخلق خوفاً يضرب التضامن الوطنيّ في حال تمّ إدخال لبنان في حرب.
 
وترفض مصادر الأحزاب (القوات-التيار-الكتائب) الحديث عن إقفال منطقة في وجه أحد أو رفض لاستقبال نازحين لبنانيين هاربين من الحرب، "بل انّ الشقق في جبل لبنان وفي جبيل والبترون وزحلة" أصبحت مؤجّرة بنسبة كبيرة جداً وهي مفتوحة لجميع اللبنانيين، أمّا الأماكن العامة في المدارس والمستوصفات فهي بالطبع بتصرّف الناس، بل ما يجري حالياً عكس ما يُقال حرفياً إذ يعمل عدد من الأحزاب والمجموعات على تشكيل فرق للمؤازرة والمساعدة في حال وقوع حرب.
 
لا زالت هذه الأحزاب تعتبر أنّ أمنها وأمن سكانها في عهدة الجيش اللبناني والقوى الأمنية، ولا حراسات ليلية ولا شبّان أحياء ولا شيء من هذا القبيل، ويمكن لمن يريد أن يتأكّد أن يجول في هذه المناطق، أمّا في حالة سقوط الدولة نهائياً ومعها قواها الأمنية، فعندها نرى.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم