مشهد بكركي التاريخيّ على طريق "الاستقلال الثالث"

"ألقوا الشبكة إلى يمين السفينة تجدوا" (يو 21: 6).أثقلت الهموم كاهلهم وسيطر الحزن على يوميّاتهم، فهم منذ أشهر ينظرون من حولهم وليس باستطاعتهم الخروج من حالة تعبهم، وفي نظراتهم مشهدية وطنٍ ينزف اقتصاديّاً ويتألّم مجتمعيّاً، وقد بات أهله يعملون ولا يجنون سمكة مقابل كدّهم. لكنّ وجهة إبحارهم يوم 27 شباط 2021 قلبت رتابة الواقع الرّاكد ورسمت عناوين خلاص بلادهم، فيما كانت كلّ اتّجاهات الطرق وإشارات المرور تدلّ الذين استهلّوا عرباتهم إلى وجهة واحدة: بكركي. كلّ العوامل ساعدتهم على الوصول سريعاً رغم اكتظاظ حركة السير وتعدّد الأماكن التي أتى منها المواطنون على اختلاف مشاربهم ومناطقهم، إلّا أنّ الطريق إلى الصرح البطريركيّ قريبة ولا مسافات، وهذا ما يُستخلص من كلّ من يُسأل عن الأسباب التي دفعته إلى المشاركة في التحرّك الشعبي الداعم لمواقف البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ومبادرته القائمة على إعلان حياد لبنان وعقد مؤتمر دولي من أجله. قصدوا الصرح من كافة الفئات العمريّة يحملون صور البطريرك الراعي ويلوّحون بالأعلام اللبنانية وأعلام الفاتيكان ويرفعون لافتات التأكيد على أنّ "بكركي ما بتترك لبنان" و"أوعى تخافوا ع لبنان، عنّا بكركي ما بتمزح".وحضرت روحيّة بطريرك الاستقلال الثاني مار نصرالله بطرس صفير لتشهد على لحظات تاريخيّة كتبت مقدّمة حقبة الاستقلال الثالث، فرفعت صوره المترافقة مع شعار "خلّي عينك علينا". شكّل الحاضرون مشهداً لبنانيّاً موحّداً في المطالب والأهداف والهتافات وحرارة التصفيق...