الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

رسائل "التيار" القيادية الصادمة... حايك لـ"النهار": خطابي يُحاكي عقل المسيحيين

المصدر: "النهار"
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
القيادي في "التيار الوطني الحر" ناجي حايك (من حسابه في منصة "إكس").
القيادي في "التيار الوطني الحر" ناجي حايك (من حسابه في منصة "إكس").
A+ A-
فاجأ رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الأقربين والأبعدين بتعيين الناشط، أو القيادي السابق في "التيار الوطني الحر" المثير للجدل ناجي حايك نائباً للرئيس للشؤون الخارجية، بعد سنوات من محاولات التنصّل منه ومن مواقفه، من دون الوصول إلى نزع صفة "العونيّة" عنه.
 
لطبيب التجميل الجبيليّ (من بلدة بجّة) مواقف حادّة، تختلف عن مواقف "التيار" المعلنة، خصوصاً ما تعلّق منها بالتحالف مع "حزب الله"، الذي لم يوفّره من سهامه في أغلبية إطلالاته الإعلاميّة باعتماد أسلوب قد يكون أقسى ممّا يعتمده معارضو الحزب، عبر انتقاده (حايك) السلاحَ والسيطرةَ على الدولة، وتحميلِه مسؤولية الأزمة، في الوقت الذي يشدّد فيه حايك على مطالبته الحثيثة بالفيديرالية التي لا تنسجم أيضاً مع شعارات "التيار" كـ"أكبر من أن يُبلع وأصغر من أن يُقسّم"؛ زد على ذلك مواقفه عالية السقف بشأن النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، حتى أصبح يُناديه بعض المدافعين عن اللاجئين بـ"نازي حايك".
 
لكن على المقلب الآخر هناك من يرى أن خطاب حايك تجسيد لأدبيات المقاومة المسيحية التي ما زالت تستهوي جزءاً كبيراً من مناصري وحزبيي "التيار الوطني الحر"، بالإضافة إلى جمهور مسيحيّ عريض؛ وهذا ما بدا واضحاً من خلال الترحيب الكبير الذي ناله التعيين من فئتين داخل "التيّار": فئة القدامى الذين بأغلبهم من المنتمين السابقين إلى الجبهة المسيحية كالكتائب والأحرار، والذين انتقلوا في تسعينيّات القرن الماضي إلى صفّ العماد ميشال عون، في الوقت الذي ما يزالون متمسّكين فيه بخطابهم القديم، ويشكّلون فئة لا بأس بها في التيار، بالإضافة إلى جزء من جمهور الشباب، الذي يعارض التحالف مع "حزب لله"، ويتمسّك بالخطاب "البشيريّ" أو المسيحيّ اليمينيّ المعارض للفكر اليساريّ.
 
يوافق حايك في حديثه لـ"النهار" على أن خطابه يمثّل فئة كبيرة من أنصار "التيار الوطني الحر"، معترفاً بعدم تأييد فئات أخرى لهذا الخطاب، وهذا طبيعي ضمن المجموعات الكبيرة "لكنّه لا يؤثر عليّ".
ويعتبر أن الترحيب الذي لاقاه من أنصار الأحزاب المناوئة للتيار هو بسبب محاكاته لعقل ووجهة نظر المسيحيين عموماً، أو ما يُسمّى "الخطاب اليميني". ويؤكّد أنه لن يتراجع عن أيّ موقف أطلقه، وسيبقى يتحدث عمّا يؤمن به، لكنّه سيستعمل "خبراته التجميليّة" في السياسة عموماً، لأنه أصبح في واقع لا يمكن أن يتخطّاه وخطابه سيُلزم حزبه.
 
ويلفت إلى أنه لن يتوقف عند التعليقات السلبية التي طالته في الأيام السابقة، خصوصاً من "جمهور الممانعة" كما سمّاهم، "فهم بالأصل يكرهونني، فأنا قادم من خلفيّة "الجبهة اللبنانية"، ولا أراوغ بخلفيّتي السياسيّة"، مشيراً إلى أن تصنيف خطابه بالمستفزّ هو تصنيف جائر، مبرّراً بأن خطابه، في أغلب الأحيان، يأتي رداً على خطاباتهم.
 
ويقول: "هناك ظلم أتعرّض له، وهناك أفكار مسبقة عنّي، وهناك من يطلق الشتائم من دون أن يعرفني. بالمقابل، لم أكن عدائياً تجاه أحد، وأحمل عقلاً وفكراً حواريّاً، وأنا لبناني في الصميم، وطبيب ورئيس قسم في مستشفى جامعيّ، وأستاذ محاضر، ولم أفرّق يوماً بين لبنانيّ وآخر. حتى في علاقاتي الخارجية أدافع عن اللبنانيين و"حزب الله"، بغضّ النظر عن رأيي السياسيّ، فأنا متحيّز لأيّ لبنانيّ".
 
وعمّا يستطيع فعله على مستوى العلاقات الخارجية في ظلّ العقوبات الأميركية على رئيس حزبه، يشدّد حايك على أن بإمكانه فعل الكثير، ويعرف كيف سيوظّف هذه العلاقات، خصوصاً في الولايات المتحدة الأميركية، لمصلحة حزبه ولمصلحة اللبنانيين.
 
إلى ذلك، حمل تعيين حايك على ضفة القيادة العونيّة عدداً من الرسائل المدوّية. فحزبيّاً، يُعدّ حايك نائب الرئيس الوحيد السياسي الذي يتعاطى الشأن الإعلامي، وهو المعروف في الوسط السياسيّ والشعبيّ العام، بعدما بقي نواب الرئيس الآخرون مغمورين كنائبة الرئيس للشؤون السياسية مارتين كتيلي، ونائب الرئيس للشؤون الإدارية غسان خوري؛ وبهذا يكون حايك الوجه الأبرز في قيادة "التيار"، بغضّ النظر عن الملفّ الذي يتولّاه، بما يحمل من دلالات سياسيّة بالغة.
 
أما الرسالة الثانية فهي جبيلية بامتياز، وتتعلّق بالنائب المشاكس سيمون أبي رميا، الذي غاب مع زملائه الأربعة (مجموعة الخمسة الشهيرة) عن احتفال التسلّم والتسليم، وتتمثّل في إعادة إبراز أحد وجوه ومناضلي "التيار"، وتسليمه منصباً قيادياً، وما يمكن أن يتأّتى عن هذا التعيين في الانتخابات المقبلة. وهذه الرسالة أيضاً تشبه الرسالة إلى نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب بعد تعيين نائب رئيس أورثوذكسي من منطقة المتن.
هذا على المستوى الداخلي. أما على المستوى السياسي، فقد أتى تعيين حايك صادماً لجهة الحلفاء، خصوصاً "حزب الله"، الذي شنّ مناصروه حملة عنيفة على حايك، وعلى رئيس "التيار"، الذي أقدم على هذه الخطوة في لحظة الحوار والتنسيق الكامل معه، الأمر الذي يطرح أسئلة كثيرة عمّا يريده باسيل من الحزب، وعن مآلات هذا الحوار، بما يفهم أنه رسالة سلبية للغاية. هذا بالإضافة إلى تعيين ربيع عواد "الشيعي الجبيلي" ومرشح "التيار الدائم أيضاً في موقع نائب رئيس للشؤون الوطنية، مما يحمل رسالة انتخابية سياسيّة كبيرة باتّجاه الحزب.
يضاف إلى ذلك أن باسيل يكون أعاد محاكاة مزاج كان خافتاً في شارع التيار، ومبتعداً عنه في الشارع المسيحيّ عموماً، وهذا الجمهور نفسه هو الذي وقف إلى جانب العماد عون في الـ2005، وأصبح إلى جانب "القوات اللبنانية" حالياً. ومع الأوضاع السياسية المستجدّة بين "التيار" و"حزب الله"، أصبح يقيناً أنّ ناجي حايك انعكاس لبيئة مسيحيّة حاضرة جدّاً، ووجدان مسيحيّ لم يتبدّل، وقد أضحى ضرورياً العمل على استمالته أو استرجاع جزء منه، وهذا ما فُهم أيضاً من استبعاد نائبة الرئيس السابقة مي خريش المعروفة بعدائها للقوات اللبنانية، فيما إعطاء دور لناجي حايك دليل إضافي على التوجّه المسيحي-اليميني في القيادة الجديدة.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم