مجموعة الأزمات: اختراقات للحركة الاحتجاجية ولكن الانتخابات أبقت سيطرة القوى التقليدية

سياسة 28-05-2022 | 00:00

مجموعة الأزمات: اختراقات للحركة الاحتجاجية ولكن الانتخابات أبقت سيطرة القوى التقليدية

مجموعة الأزمات: اختراقات للحركة الاحتجاجية ولكن الانتخابات أبقت سيطرة القوى التقليدية
مجموعة الأزمات.
Smaller Bigger
في تقويم تفصيلي لنتائج الانتخابات النيابية في لبنان اعتبر الخبير لدى مجموعة الأزمات الدولية ديفيد وود ان "حزب الله، وحلفاءه خسروا أغلبيتهم البرلمانية. وحققت الأحزاب الجديدة الناشئة من المجتمع المدني والحركة الاحتجاجية لعام 2019 اختراقات مهمة. لكن في النهاية، فإن الأحزاب السياسية التقليدية ،التي تشمل كتلة حزب الله وخصومه التقليديين ، ظلت تسيطر على 90 بالمئة من المقاعد التشريعية". وأضاف "رغم ذلك فإن تحولاً حصل في ميزان القوى في البرلمان، دون وجود ائتلاف يشكل أغلبية واضحة أو مسار سهل لتشكيل حكومة. "
 
واكد "أن نجاح القوى السياسية الجديدة يعكس الرفض المتنامي للنخبة الحاكمة في لبنان من قبل جزء وازن من الناخبين منذ انتخابات عام 2018. في تشرين الأول 2019، عندما خرجت احتجاجات في سائر أنحاء لبنان، حمّل المتظاهرون المسؤولية لقادة البلاد على عقود من الفساد والإهمال. وقد أدت هذه الإخفاقات الى الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعدّها البنك الدولي واحداً من أكبر الانهيارات المالية منذ خمسينيات القرن التاسع عشر، والتي تستمر في التفاقم. وفي البداية، ظلت الحركة الاحتجاجية متحررة من خطوط التصدع الطائفية والسياسية سيئة السمعة في البلاد، والتي تستخدمها الأحزاب التقليدية من أجل تفريق السكان وحكمهم. شكل المحتجون تحالفاً واسعاً حول مطلب الإطاحة بالطبقة السياسية برمتها – بصرف النظر عن هويتها الطائفية أو السياسية – تحت الشعار الجامع (كلّن يعني كلّن) (يجب أن يرحلوا) . يبدو أن انتخابات 15 أيار قد أحيت شيئاً من هذه الروح الموحدة، التي بدت حتى ذلك الحين وكأنها قد تفككت. باتت المظاهرات الجماهيرية نادرة بعد تشرين الأول، باستثناء بارز تمثل في الاحتجاجات المتعلقة بالانفجار الكارثي في مرفأ بيروت في آب 2020. في الحملة الانتخابية، تنافست الأحزاب التي ادعت انضواءها تحت عباءة حراك عام 2019 مع بعضها بعضاً بدلاً من تقديم لوائح موحدة. وبدا أن التنافس بين اللوائح المختلفة للمعارضة قد يضعف فرصها، لكن تبين أن ذلك لم يحدث. ففي معظم المناطق، تجمع الناخبون الداعون إلى التغيير لصالح لائحة حزبية واحدة، فحققوا نتائج تجاوزت توقعات معظم المراقبين بالنسبة لنجاح الانتخابات.
 
لكن ينبغي أن ينظر إلى ذلك النجاح في سياقه. فرغم السجل المزري للقوى السياسية اللبنانية التقليدية في المناصب العامة فإنها ما تزال تسيطر على 90 بالمئة من مقاعد البرلمان. وهذه الشعبية المستمرة تشير إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالانتخابات، فإن أساليب الحشد والتعبئة التي اختُبرت على مدى زمن طويل، مثل استعمال الزبائنية وإثارة المخاوف الطائفية، ما تزال تحقق أثراً كبيراً.

ويمكن القول إن الزبائنية باتت أداة سياسية أكثر فائدة من أي وقت مضى. إذ إن العمق المروع للانهيار الاقتصادي جعل الكثير من اللبنانيين أكثر اعتماداً من ذي قبل على المنافع المادية المختلفة، التي تتراوح بين الوظائف والإعانات النقدية، التي يقدمها الزعماء السياسيون التقليديون منذ عقود. لقد تدهورت المستويات المعيشية بشكل جذري في سائر أنحاء البلاد منذ تشرين الأول 2019. ولبنان الذي يعتمد بشكل كبير على الاستيراد، حرق معظم احتياطياته المتضائلة من العملة الأجنبية اللازمة لشراء السلع الأساسية. إن الافتقار إلى العملة الأجنبية يعني أن الدولة لم تعد قادرة على تغطية دعم الوقود وغيره من المواد المدعومة. ولا توفر شبكة الكهرباء أكثر من ساعتين من الكهرباء يومياً، والكثير من الأسر لم تعد تستطيع تحمل كلفة فواتير المولدات العاملة على المازوت والتي ارتفعت بشكل صاروخي.

لقد دفع التراجع الهائل في قيمة الليرة اللبنانية إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة، الأمر الذي أدى إلى حدوث تضخم تزداد معدلاته ارتفاعاً، حيث بلغ 84.9 بالمئة في عام 2020 و145 بالمئة في عام 2021. وبينما كانت 150,000 ليرة لبنانية تشتري 100 دولار أميركي في مطلع عام 2019، فإن نفس المبلغ بات يساوي نحو 5 دولارات اليوم. وقد أثر انهيار العملة بشكل غير متناسب على اللبنانيين ذوي الدخول المتدنية، الذين يصارعون للتمكن من شراء الغذاء، والدواء والضروريات الأخرى.

وسط هذه الفوضى، فإن النخب السياسية اللبنانية في موقع يمكّنها من شراء دعم ناخبين يعانون من أوضاع بائسة. فقبل الانتخابات، انتشرت تقارير كثيرة تفيد بعرض الأحزاب للمال والحوافز المادية الأخرى على المواطنين مقابل دعمهم في صندوق الاقتراع. وفي المناطق الأكثر فقراً في لبنان، يُزعَم أن بعض الأحزاب عرض على الناخبين دفعات مقدمة بمبلغ مليون ليرة، أي أقل من 35 دولاراً، مقابل أصواتهم. وفي حالات أخرى، يُزعم أن مرشحين وعدوا بمكافأة الناخبين بتحسين وصولهم كأفراد إلى الخدمات الأساسية مثل الكهرباء، والوقود والرعاية الصحية. في السنوات القادمة، وما لم تتحسن الآفاق الاقتصادية، فإن الناخبين المحتاجين سيواجهون إغراءً أكبر بالاستفادة من شبكات الرعاية والمحسوبية التي يسيطر عليها الزعماء التقليديون".

وفي سياق الحديث عن احتمالات الفراغ الرئاسي رأى "إن حدوث فراغ سياسي على شكل مفاوضات مطولة واستعصاء طويل الأمد بشأن من يحكم البلاد سيعني استمرار الانهيار الاقتصادي في لبنان وربما تسارعه. قبل الانتخابات، أنفق قادة لبنان موارد كبيرة للمحافظة على شكل من أشكال الاستقرار المالي، خصوصاً بإنفاق مئات ملايين الدولارات الأميركية لوقف السقوط الحر لليرة اللبنانية. ومع ما يذكر من تراجع احتياطي لبنان من العملات الأجنبية إلى ما دون عشرة مليار دولار، فإن هذه السياسة غير قابلة للاستمرار. ومن المحتمل أن تنهار العملة مرة أخرى.

وإذا تسارع التردي الاقتصادي مرة أخرى، من شبه المؤكد أن تستمر المخاطر الأمنية بالتفاقم. لقد تمكنت الأجهزة الأمنية للدولة من منع حدوث صراع على نطاق واسع حتى الآن، لكن هذه المؤسسات التي تعاني من ضعف التمويل باتت تقترب من حافة الانهيار. وقد تصبح الصدامات بين المجموعات المسلحة المتنافسة – كما حصل في صدامات الطيونة – أكثر انتظاماً. كما أن حدوث فراغ سياسي من شأنه أيضاً أن يفاقم هذه التوترات الخطيرة، مع استخدام زعماء الطوائف الاستقطاب السياسي فيها لإثارة العنف. في هذه الأثناء، فإن عناصر الجيش والشرطة الذين يبذلون أكثر من طاقتهم سيجدون صعوبة متزايدة في احتواء الجريمة؛ وقد أصبحت السرقات وعمليات الخطف للحصول على فدية مرتفعة أصلاً في سائر أنحاء لبنان".


العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/6/2025 12:01:00 AM
لافتات في ذكرى سقوط نظام الأسد تُلصق على أسوار مقام السيدة رقية بدمشق وتثير جدلاً واسعاً.
المشرق-العربي 12/6/2025 1:17:00 PM
يظهر في أحد التسجيلات حديث للأسد مع الشبل يقول فيه إنّه "لا يشعر بشيء" عند رؤية صوره المنتشرة في شوارع المدن السورية.
منبر 12/5/2025 1:36:00 PM
أخاطب في كتابي هذا سعادة حاكم مصرف لبنان الجديد، السيد كريم سعيد، باحترام وموضوعية، متوخياً شرحاً وتفسيراً موضوعياً وقانونياً حول الأمور الآتية التي بقي فيها القديم على قدمه، ولم يبدل فيها سعادة الحاكم الجديد، بل لا زالت سارية المفعول تصنيفاً، وتعاميم.
اقتصاد وأعمال 12/4/2025 3:38:00 PM
تشير مصادر مصرفية لـ"النهار"  إلى أن "مصرف لبنان أصدر التعميم يوم الجمعة الماضي، تلته عطلة زيارة البابا لاون الرابع عشر الى لبنان، ما أخر إنجاز فتح الحسابات للمستفيدين من التعميمين