الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

بعد انحسار نفوذه لبنانياً... هل يستطيع النظام السوري التدخّل في الاستحقاق الرئاسي؟

المصدر: "النهار"
جاد ح. فياض
جاد ح. فياض
صورة ممزّقة لبشار الأسد.
صورة ممزّقة لبشار الأسد.
A+ A-
 لطالما كان لسوريا الكلمة الفصل في تحديد اسم رئيس الجمهورية اللبناني. ولم تكن أي شخصية لتصل إلى بعبدا إذا لم تمرّ مسبقاً في دمشق، التي كانت تفرض الأسماء وتُحدث التوازن عند أيّ تدخل خليجي أو غربي، حتى لا تخرج "حديقتها الخلفية" عن طوعها، وتبقى هي ضابط الإيقاع في لبنان.

قد يكون اسم رئيس الجمهورية السابق إميل لحود أكثر الأسماء التي طُبعت بقربها من النظام السوري ورئيسه بشّار الأسد، الذي عمل جاهداً لتأمين تمديدٍ لولاية لحّود قبل انتفاضة الاستقلال في العام 2005، إذ كان لحّود يجسّد ذروة نفوذ سوريا في لبنان. بعد الخروج السوري، تراجع حجم التأثير نسبياً وباتت دمشق تعتمد بشكل أكبر على "ودائعها" في المؤسسات اللبنانية وأبرزها مجلس النواب، إلى حلفائها، ومن يحافظون على إرثها من الساسة اللبنانيين.
 
 
شكّلت محطة 2005 مع ما رافقها من أحداث على مستوى الداخل والمنطقة بدء انحسار النفوذ السوري في لبنان. ورحيله في 26 نيسان كان بداية الانقلاب على اللاشرعية وانطلاق مشروع العبور إلى الدولة التي رفعته قوى 14 آذار بوجه فريق "شكراً سوريا"، أي "حزب الله"، الذي سقطت كل محاولات لبننته، موثّقاً عرى التواصل مع إيران والمشروع الإيراني في لبنان.
 
انتُخب ميشال سليمان كأول رئيس لبناني بعد خروج سوريا من لبنان، رغم أنّه أتى عقب تسوية الدوحة التي جاءت نتيجة 7 أيار، يوم غزوة "حزب الله" لبيروت والجبل. فاستمر الحزب بتمكين سيطرته على الداخل وإمساكه بالساحة اللبنانية، مع اندثار النفوذ السوري أكثر وأكثر جراء انصراف النظام إلى الاهتمام بالشؤون الداخلية السورية نتيجة الحرب التي اندلعت على أرضه. وجاءت نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة لتشكل صفعة لما تبقى من نفوذ لسوريا، بعد سقوط رموزها سقوطاً مدوياً، كطلال إرسلان، وفيصل كرامة، وإيلي الفرزلي، ووئام وهاب، وأسعد حردان...

 
 إيران ووراثة الدور السوري
في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في العام 2016، كان لإيران تأثير كبير، مع وصول مرشح "حزب الله" ميشال عون إلى الرئاسة، وهو الذي يتمتع بعلاقة وثيقة مع النظام السوري. فلم تعترض سوريا، التي ترى أيضاً برئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية مرشحاً مخلصاً لها، إنما الكلمة الفصل كانت لإيران عبر حزبها في بيروت. 
 
واليوم، مع انحسار الحرب في سوريا، يعمل النظام السوري لاستعادة نفوذه في الداخل ويسعى لفرضه في الإقليم أيضاً بهدف استعادة الدور الذي ورثته إيران، إلّا أن الهدف يبقى خارج القدرة على التحقيق نسبةً لقوّة طهران، وهنا، ثمّة سؤال يُطرح عن مدى قدرة النظام على التأثير في الانتخابات الرئاسية في لبنان، خصوصاً وأن السنوات المقبلة ستكون حاسمة لسوريا، لجهة احتمالية إعادة تأهيل النظام سياسياً، وإعادة إعمار ما تدمّر، وسيحتاج النظام إلى الورقة اللبنانية لاستثمارها في المجالَين.

إلّا أن الرياح قد لا تجري كما تشتهي سفن بشار الأسد، إذ إن التماهي بينه وبين "حزب الله" قد يكون مفقوداً لأسباب عدّة، منها داخلية نتيجة تطور الحرب السورية، كما أنّ نفوذه كما ذكرنا بات مفقوداً في البرلمان اللبناني، ولو أن قلّة قليلة جداً، لا زالت على علاقة وثيقة بقيادة الأسد، كالنائب جميل السيّد، وطه ناجي وفراس السلّوم، الذي احتفل بنجاحه في الانتخابات على ألحان أغنية "الله وسوريا وبشّار".
 
هذه الوقائع، والانحسار السوري نفوذا وسياسة في لبنان، يطرح سؤالا في هذه المرحلة عن تأثير دمشق على الاستحقاق الرئاسي، في ضوء ما يخضع له هذا الاستحقاق من اعتبارات إقليمية ودولية؟

 
فرنجية ليس مرشّح النظام... "ورقة محروقة"
الصحافية والكاتبة السياسية السورية المعارضة لنظام الأسد، عليا منصور، تُشير إلى أن "الزمن تغيّر، وحقبة حافظ الأسد التي كان يسيّطر خلالها النظام السوري على مفاصل السياسة اللبنانية كافة انتهت، كما أن بشار الأسد اليوم ليس بشار الأسد قبل الحرب السورية، وبالتالي القدرة على التأثير على الاستحقاق الرئاسي محدودة".

وفي حديث لـ"النهار"، تلفت إلى أن "لبنان بات تحت النفوذ الإيراني بشكل كامل، وطهران أقوى من دمشق في لبنان، وبالتالي النظام السوري ما عاد القوّة الأكبر في ظل وجود "حزب الله"، وتأثيره يعتمد على التنسيق مع الحزب وإيران في هذا الملف".

وعن احتمال وجود اختلاف وجهات نظر بين سوريا وإيران ومنافسة خفية بين الطرفين لاستعادة دمشق النفوذ الذي خسرته لمصلحة طهران، تستبعد منصور استطاعة النظام السوري منافسة "حزب الله" في لبنان، وتقول: "بشار الأسد لا يمون على تغيير ضابط في قلب العاصمة السورية دمشق من دون موافقة الإيرانيين، وبالتالي لا منافسة بل تنسيق".

ورداً على سؤال عن الاسم المفضّل والأقرب لدمشق، تعتبر منصور أن "سليمان فرنجية يُعدّ بمثابة ورقةٍ محروقة بالنسبة للنظام السوري، وفي حال عاد له الاختيار، قد يلجأ إلى اسم آخر مفاجئ ليس موالياً له بشكل فاضح، بهدف التذاكي على المجتمع العربي والدولي"، وتربط هذا الأمر بوصول نواب جُدد إلى البرلمان يدينون بالولاء لسوريا بدل الأسماء التقليدية القديمة التي تحالفت مع دمشق.
 
النظام السوري جزء من "جوقة" إيران
النائب السابق خالد الضاهر يُذكّر بأن "التأثير الأبرز كان للنظام السوري في زمن الوصاية، لكن النفوذ انتقل في ما بعد إلى "حزب الله"، وكيل إيران في لبنان، فانكفأ النظام وتقدّمت طهران في الملعب اللبناني، وتُثبت تصريحات المسؤولين الإيرانيين حول السيطرة على أربع عواصم عربية، منها بيروت، صحّة هذا الكلام".

ويعتبر في حديث لـ"النهار" أن "النظام السوري بات جزءاً من "الجوقة الإيرانية" في لبنان التي يقودها "حزب الله"، لكن لا تأثير له على السياسة اللبنانية، وهو أساساً يفتقد إلى النفوذ في الداخل السوري نفسه، ويحتاج إلى مساعدة حلفائه الروس والإيرانيين لبسط سيطرته".

وعن المرشّح الأقرب لسوريا، يقول إن "فرنجية هو الأقرب نسبةً لعلاقته الوطيدة بالنظام وبشخص رئيسه بشار الأسد"، إلّا أن ترشيحه من قبل محور الممانعة ليس محسوماً، وذلك يرتبط بالقرار الإيراني الذي سيُتخذ تبعاً لتطورات إقليمية ودولية عديدة، لاسيما مفاوضات الاتفاق النووي، حسب الضاهر. 

وانطلاقاً من هذا المبدأ، يُشير الضاهر إلى أن "ثمّة فريقين داخل النظام، الأول يدعم بقاء سوريا في ظل إيران وهو الأقوى، والثاني يريد عودة دمشق إلى الحضن العربي، لكنه الأضعف، وبالتالي قد يكون ثمّة رفض نسبي لسيطرة إيران على سوريا ولبنان، لكن تبقى هذه المعارضة محدودة لأن الفريق الذي يقف وراها ضعيف".
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم