الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

لهذه العناوين دخلت قطر على خط الترسيم و"هدية" الاتفاق مؤجّلة للعهد الجديد

المصدر: "النهار"
وجدي العريضي
سفينة إسرائيلية في المياه المتنازع عليها قبالة رأس الناقورة (أ ف ب).
سفينة إسرائيلية في المياه المتنازع عليها قبالة رأس الناقورة (أ ف ب).
A+ A-
من "ليالي الأنس في فيينا" انتقلت المفاوضات النووية الأميركية ـ الإيرانية إلى قطر، ويبدو أن عملية ترسيم الحدود البحرية في جنوب لبنان قد تنتقل من حقل "كاريش" إلى قطر أيضاً، التي تبرّعت باستضافة المفاوضات حول ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل في ظل سؤال كبير، ألا يكفي الدور الذي تقوم به الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة؟ "شو عدا ما بدا" لتعرض قطر مساعدتها في عملية الترسيم؟ هذا يطرح تساؤلات بالجملة والمفرّق بأن المسألة تتخطى البعد التقني والنفطي والغاز، إلى المعطى السياسي في ظل التجاذبات والخلافات الداخلية والإقليمية والدولية، وصولاً إلى المصالح السياسية بين بعض المكوّنات اللبنانية، في وقت يرى فيه البعض أن المسيّرات الثلاث التي أطلقها "حزب الله" باتجاه حقل "كاريش" دون أن تحمل ذخيرة، والتي أسقطتها إسرائيل، إنما كانت رسالة متعدّدة الأبعاد والأهداف، منها تعطيل مفاوضات الترسيم.

في السياق، تشير مصادر سياسية عليمة لـ"النهار"، إلى ضرورة قراءة زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى باريس ولقائه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث عُرض الملف اللبناني، ولا سيما ترسيم الحدود البحرية في جنوب لبنان، وقد أعرب ماكرون عن دعمه ومساعدته في عملية الترسيم، وهنا، يشار وفق المصادر المعنية، إلى العلاقات الفرنسية ـ القطرية، حيث استثمارات الدوحة هي الأبرز في فرنسا، وصولاً، وهنا بيت القصيد، إلى العلاقة المتينة بين باريس وطهران، والتواصل الذي لم ينقطع بين السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو و"حزب الله"، وهذا ما كان يسري على سلفها السفير برنار فوشيه، الذي كانت تربطه علاقة أكثر من مميّزة مع الحزب.

من هذا المنطلق، تردف المصادر لافتة إلى أن قطر أعربت عن مساعدتها في الترسيم بفعل هذه العناوين، ولكن، من خلال أحد أبرز المتابعين في هذه المسألة، دخلت قطر على الخط بفعل خبرتها ودورها في استخراج النفط والغاز، لأن كل ما يجري له صلة بالمنفعة الإقتصادية والاستثمارية، ولكن في الوقت عينه، فما جرى في الأسابيع القليلة الماضية حول الترسيم، إنما صبّ في سياق المنحى السياسي، وكذلك، في إطار تصفية الحسابات الحاصلة في الإقليم، بعدما دخلت إيران على الخط بقوة من خلال مسيّرات "حزب الله"، التي أُسقطت فوق حقل "كاريش"، وذلك دليل قاطع على سعي لتعطيل الدور الأميركي، وحتى الأممي، وليس مصادفة أن تكون قطر في الواجهة، بحيث ثمّة أوجه شبه على خط المفاوضات النووية، على اعتبار أن قطر مقبولة من الجانب الإيراني والفرنسي والأوروبي، وفي الوقت عينه، لا تشكّل "نقزة" لواشنطن بحكم علاقاتها المتينة مع الدوحة.

وعلى خط موازٍ، تضيف المصادر نفسها بالقول، إن عملية الترسيم شهدت في الآونة الأخيرة عملية تصفية حسابات من الداخل إلى الخارج، ومدّ وجزر، بعد الضبابية التي أحاطت بالموقف اللبناني الرسمي، إذ حاول العهد "جسّ نبض" الأميركيين، بمعنى رفع العقوبات عن رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، وإعطاء الأميركيين مساحة واسعة ودوراً في الترسيم ليفعلوا كما يشاؤون، وأن الدولة اللبنانية ستقبل بما ستسفر عنه مساعي الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، الذي، من خلال المعطيات الدقيقة، بدا مستاءً من القصف على دوره من خلال مسيّرات "حزب الله" إذ كان، وفق المتابعين والمواكبين، يعتزم العودة إلى لبنان بعد زيارته لإسرائيل حاملاً معه أجواءً إيجابية، والجميع من المعنيين في لبنان كانوا في الصورة، ولديهم المعطيات التي سيفضي بها الوسيط الأميركي.

ولكن بعد المسيّرات الثلاث التي أطلقها "حزب الله"، حملت السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا رسالة إلى المسؤولين في لبنان، فُهم من فحواها، لمن التقتهم شيا، أن الأمور عادت إلى المربّع الأول، وليس في الأفق ما يؤكد أن التوقيع سيحصل في أيلول، كما قال وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، الذي حدّد موعداً قد يكون متسرّعاً، ليتبيّن لاحقاً أنه ليس هناك من توقيع لا في أيلول ولا قبله ولا بعده. وربطاً بذلك، بدأ الحديث عن دور قطري لتتولى الدوحة عملية الترسيم، ولكن هذه المفاجأة إنما هي في الوقت الضائع لبنانياً وإقليمياً ودولياً، إذ ينقل عن المراقبين، ومن يواكبون ملف الترسيم جزمهم بأنه، في هذا العهد، لن يتم التوقيع على ترسيم الحدود البحرية واستخراج النفط والغاز، ولن تعطي واشنطن أو سواها أيّ هديّة لهذا العهد ورئيسه ميشال عون، بل إن ملف الترسيم سينتقل إلى العهد الجديد وخلاله سيتم التوقيع، وتالياً، إن الدور القطري إنما هو اقتصادي، إذ ستسهم في دعم ومساعدة لبنان في استخراج الغاز من خلال خبراتها التقنية وسواها، ولكن ترسيم الحدود قرار سياسي كبير، وكل ما جرى أخيراً يصب في إطار المناورات السياسية والتعطيل، والاستحقاق الرئاسي أيضاً ضمن قواعد هذه اللعبة.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم