الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

تَكَلَّموا

المصدر: النهار
رشيد درباس
رشيد درباس
Bookmark
تَكَلَّموا
تَكَلَّموا
A+ A-
مَنْ جَعَلَ المستحيلَ هَدَفًا، وَجَد المُمْكِنَ هزيمة.قال جان عبيد يكاد تردِّي الوضع اللبناني أن يتفلَّت من أي انضباط، فالمؤشرات تؤكد أن مِقْوَدَ السفينة تتجاذبه الأيدي، وأن البصائرَ عَمِيَتْ عن المسار، فلا تتبين صخورًا مُتَرَبِّصَة، أو تَسْبُرَ ماءً ضَحْلًا، أو ترقب نشرة جوية تنذر بأخطر الأنواء. لم تتعرض دولة ذات نظام برلماني إلى مثل هذه العشوائية السياسية والدستورية على الرغم من وضوح النصوص التي تُعَيِّن حدود استقلال السلطات وتداخلها، لأن فكرة الدولة لم تتوطَّن بعد في وجدان المجموعات السياسية اللبنانية، فالنصُّ بالنسبة لبعضهم مِنَصَّةٌ انطلاق، وبالنسبة لآخرين عوائق في وجه الطموحات، بحيث وجدنا أنفسنا في صراع انتحاري من أجل التحكم بالدستور، بدلًا من احتكامنا جميعًا لهذا القانون الأسمى الذي ابْتَكَرَتْه الحضارات من أجل حسن سير المجتمعات المتمدنة، وهذا ما أدى إلى تَوَحُشِ الخطاب السياسي، وغلبة الميول الاستحواذية المستحيلة، واستعصاء ابتكار الحلول الطبيعية والارتهان إلى "صديق خارجي افتراضي" على وهم  الاستنصار به على الأخ والجار والشريك. لقد ضجرنا من لَوْذَعِيَّة الخطاب وبهلوانية التفسير، وفقدنا الأمل في لفت نظر المُنَظِّرين إلى أنَّ العبثَ بالنصوص هو عبثٌ بالمصير، وأن حِبْرَ الدساتير هو "روحُ الشرائع"، ويئسنا من التنبيه إلى أن الأداء السياسي الرثَّ لا يورث إلا الانحلالَ الاجتماعي وفوضى العيش في الحقول المغناطيسية، وهذا يقلق الضمير ويهدد الأمان، إذ إن أخطر التخريب هو الذي يصيب العقول ويطيح بالرجاحة، ويجعل الشوراع والساحات والشاشات، منابرَ لِبَثِّ الكراهية الاجتماعية والمحاكمات العمياء، والإدانات المتلهفة للبحث عن ضحية؛ ذلك أن ثورةً لا تنجحُ إذا قادها الغضب وامتطاها التبجح وأمسكت زمامَها الرعونة وسادها الكُرْهُ النقيضُ للمحبة الأصيلة التي بزغت في 17 تشرين واجتاحت الميادين والأقمار الصناعية فاندهش العالم من التنظيم العفوي الفائق الرقيِّ الفائق الدقة. علينا أن نعترف بأن...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم