الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

السُنّة حاضرون إلى جانب بكركي... لاسترجاع الدولة والرئاسة

المصدر: "النهار"
رولان خاطر
بكركي.
بكركي.
A+ A-
ليس شعاراً القول إنّ كلّ الاحتلالات تكسّرت عند صخرة بكركي. واحتلال بـ"الزايد" لن يكون مشكلة. هكذا اعتاد الآباء والرهبان على العيش تحت نير الاضطهادات وبطش الملوك، وقاوموا على مرّ السنين، إلى حين إنشاء لبنان الكبير، وصولًا إلى استقلال لبنان، والميثاق الذي أسّس للبنان الذي نعيش فيه.
 
المشكل اليوم ممّن يعمل على ضرب الميثاق، فيُسقط كلّ المحرّمات ولا يحترم مقامات ولا توازنات، فتصل صواريخ تطاوله إلى بكركي ظنّاً منه أنّ الناس سواسية، يناورون، يساومون، ويخضعون، متناسياً أنّه يوم حاولوا حصر بكركي بخيار الذمّية، وضعت هي خياراً آخر وهو "المقاومة".
 
أمام التحدّيات المرتقبة، والاستحقاقات المطلّة بأهميتها، وخصوصاً الرئاسي منها، قرّر "حزب الله" رفع سقف المواجهة، لتطال هذه المرّة رأس الكيان اللبناني ظناً أنّه يستطيع تحقيق مكاسب آنيّة في السياسة وفي المشروع على المدى الطويل، فيحاول بكلّ ما أوتي من قوة الاحتفاظ برئاسة الجمهورية، فبدأ العمل على محاصرة بكركي والضغط باتّجاه إبعادها عن القرار الوطني، بعد أن وصل إلى مسامعه أنّ هناك قراراً بطريركياً بعدم التساهل مع الاستحقاق الرئاسي المقبل، وأنّ البطريرك هو الأَوْلى اليوم بالتدخّل في هذا الاستحقاق مقارنة بدول إقليمية تبغي من وجود رئيس تابع لها في بعبدا مصلحة لها ولمشروعها في لبنان والمنطقة. من هنا، رسم بشارة الراعي "المواصفات الرئاسية. فكان الاعتداء على المطران موسى الحاج.
 
رَفعُ حدّة المواجهة، ومحاولة السيطرة على البلد، وضرب التوازنات واستفراد مكوّنات البلد، أمر لا يستسيغه مكوّن أساسيّ في تركيبة لبنان وهو المكوّن السنّي، فكان حضوره طبيعياً في الديمان، إن من خلال اللواء أشرف ريفي، أو من خلال الرئيس فؤاد السنيورة والوفد المرافق المصنّف من صقور "المستقبل".
 
أراد الوفد أن يبعث رسائل واضحة وجازمة. أولى هذه الرسائل، استرجاع الدولة اللبنانية، ثانيها، رئيس جمهورية لبناني سيادي ومتوافق عليه، ثالثها، تأييد البطريرك في مواقفه الوطنية الداعمة لاسترجاع الدولة، وانتخاب رئيس يمثل جميع اللبنانيين ولا يمثّل فريقًا منهم، ورابعها، عدم قدرة أيّ طرف على إلغاء الآخر مهما بلغ من قوّة.
 
فالسنّة اليوم، الذي يحملون لواء السيادة و"لبنان أوّلًا"، والتمسّك بهويته العربية وارتباطاته الغربية، داعمون لدعوة البطريرك إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها وانتخاب رئيس وفق المواصفات التي حدّدها الراعي، وأن يكون ممثلًا ومقبولًا من كلّ اللبنانيين، وعدم العودة الى النظرية "الخنفشارية" التي أثبتت فشلها ألا وهي اختيار رئيس من بين الأقوى في طائفته. علماً أنّ بكركي أوضحت أكثر من مرّة أنّها ليست من كرّس هذه النظرية، إنّما هو اتفاق تمّ بين الأقطاب الأربعة الذين اجتمعوا في بكركي يوماً.
 
هذه الديناميكية السُنيّة دار الفتوى ليس بعيداً عنها، ولو انّ أيّ رسائل مباشرة منه لم يحملها الوفد إلى الصرح البطريركي. فمفتي الجمهورية يعرف جيّداً حجم المخاطر المحدقة بالبلد، وحجم المؤامرات التي تُنسج، وسط محاولات لاختراع مشكلات من أجل استهداف الدور الوطني الذي يقوم به البطريرك. من هنا، فإنّ تأييد بكركي في خطواتها الوطنية لا جدال فيه.
 
أمّا الأهمّ، فيكون ترجمة هذا التأييد وهذه الدينامية بين الطرفين إلى أفعال ومبادرات، بعيداً عن المواقف الكلامية والخطابات، مع العلم، أنّ، برأي مرجعية سنّية كبيرة، أيّ لقاء روحيّ أو سياسيّ بين بكركي ودار الفتوى سابق لأوانه، والتجارب في لبنان علّمتنا أنّ "من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه".
 
ويشدّد المرجع السنّي على أنّ هناك كمية كبيرة من الغبار التي تثار في الأجواء السياسية اليوم، وهناك فريق يحاول أن يمسك بمفاصل البلد والسيطرة عليه كليّاً، لكن من يعتقد ذلك فعلاً يكون مخطئاً، على أمل أن يدرك خطأه قريباً، لأنّه ليس باستطاعة أيّ فريق في لبنان أن يستثني أو يلغي أحداً، ومتى هدأ الغبار، ستعود الأمور إلى طبيعتها، أو إلى ما ينبغي أن تكون عليه. فلبنان قائم على فكرة العيش المشترك ولا أحد يستطيع إلغاء هذه الفكرة.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم