الإثنين - 20 أيار 2024

إعلان

شبلي ملاّط يدعو إلى مقاومة وطنية لا مقاومة إسلامية بحت

المصدر: "النهار"
محتج لبناني يضع العلم اللبناني قرب موقع اسرائيلي على الحدود. (أرشيفية- "أ.ف.ب").
محتج لبناني يضع العلم اللبناني قرب موقع اسرائيلي على الحدود. (أرشيفية- "أ.ف.ب").
A+ A-
شبلي ملاط
 
يتمتع لبنان بتاريخ صعب داخلياً ودولياً، من المفيد أن نستعمل دروسَه لخطّ الموقف اللبناني من حرب غزة وتداعياتها جنوباً.
 
في مأساةٍ طويلة ودموية في المنطقة، نجتمع كلبنانيين على المطالبة بالوقف الفوري لسفك الدماء من الأطراف المتحاربة، لا سيما بعد خسارة بشرية هائلة في أسبوع من حرب ضروس عدد ضحاياه بالآلاف في غزة ومن حولها.
 
وسؤالنا جميعاً عن توسّع الحرب شمالاً، وعمّا ينذره العدد المتصاعد من ضحايا أهل الجنوب مع موقف إسرائيلي يزداد حدّة ويهدد بتفاعلٍ يدمّر لبنان.
صحيح أن حرباً واسعة مكلفة للاسرائيليين، غير أنّها من دون شك أشدّ إيلاماً بنا في بطشها، ومنذرة ٌبتهجير قرانا وإخضاع مناطق واسعة من الوطن لضرب متواصل وبدعم أميركي دبلوماسي مطلق، قد تطوّرُه إسرائيل لإفراغ الجنوب من أهله وخلق مناخ "ضفة شمالية" انهاؤها شبه مستحيل قبل عقود من المقاومة.
 
لا ننسى تاريخنا المرير في علاقتنا مع دولة إسرائيل. أصعب ما في هذا التاريخ أنها اغتصبت أجزاء واسعة من لبنان منذ عام 1975، فدمرته وخطفت أبناء جنوبه، وانسحبت فقط بمقاومة تبناها حزب الله ونجح باستدرار تعاطف وطني واسع على مشروعيتها وشبه اكتمالها عام 2000.
 
كما لا ننسى - عدا الاحتلال - وجود آلاف اللاجئين الفلسطينيين طردهم الإسرائيليون من منازلهم ولا يزالون يمنعونهم من العودة الى ديارهم في انتهاكٍ ثابتٍ لحق اللاجئ في القانون الدولي. هذا دأب حقوق كل مهجّر في العالم يكرّسه القانون الدولي بشكل مطلق.
لا شك أن خلافاتنا كلبنانيين أيضاً عميقة.
 
لكنني أقترح تفعيل مساحة مشتركة تجمعنا على صيانة الأرض أولاً و التركيز ثانيةً على مبدأ إعادة فلسطينيي لبنان، يمكن أن نتشاور فيها عالمياً كنموذخ لا يشكّل خطراً على دولةٍ مسالمة قد تصبحه إسرائيل يوماً، ولن تصبحه طالما لم تعد للفلسطينيين حقوقَهم كبشر.
 
وإذا كانت المساحة المشتركة هذه منطلقاً للموقف من دولة إسرائيل في المدى الأبعد، فإننا نريد لهذه المساحة أن تكون أيضاً موقفاً آنيّاً لدرء توسّع العنف على حدودنا يستمر متصاعداً. هذا يعني ضرورة التئام وطنيّ شامل على قرار مشترك نتّخذه حيال المخاطر والتطورات في الجنوب اللبناني، بحيث نوهنُ النزعة الثأرية العارمة في إسرائيل باستعدادنا جميعاً للتصدي لها قبل أن تحصل، ونبادر إليها بمشاورات دولية جديّة لتفعيل هذه المساحة المشتركة بيننا، فإذا جاء تعدٍ إسرائيلي على الجنوب يكون الردّ عليه موازياً لقساوته ورادعاً لتماديه، في مقاومة وطنية وليست فقط إسلامية.
 
أرى كلبناني خطأ قرارٍ أحادي من أي طرف، بمن فيه "حزب الله"، للتصدّي لإسرائيل في الحالة الحاضرة في نزعتها العدائية الثأرية، وأرى إمكانية الالتئام بموقف وطني، ضرورتُه ملحّة، نرسمه اليوم معاً، بل ندعمه بموقفٍ ينطلق من المساحات المشتركة الحالية، أي وقف النار الشامل في المنطقة، ومنع اجتياح اسرائيلي قوامه الثأر الأعمى، والبناء وطنياً على مطالب لبنانية خاصة بالاحتلال الطويل لأراضينا وبرفض إسرائيلي لأبسط قواعد القانون الدولية في حق عودة المهجّر إلى دياره.
على مثل هذه المساحة المشتركة نتعامل بمواقف وطنية ومقاومة لبنانية لا مقاومة فقط إسلامية.
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم