الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

Métastases

المصدر: "النهار"
رشيد درباس
رشيد درباس
Bookmark
تعبيرية (مارك فياض).
تعبيرية (مارك فياض).
A+ A-
قبل أن تناقش، تنفّسْوقبل أن تتكلّم، اسمعْوقبل أن تكتب، فَكّرْوقبل أن تتخلّى، حاولْوقبل أن تموت، عِشْوليم شكسبيرخُلِقَ الإنسان على أحسن تقويم، فهو يتغذّى وينمو وَفْقَ قوانين دقيقة، من ثابر على احترامها بعد بلوغه الوعي، صان جسده من الضُّرِّ وتمتّع بصحّة طيبّة. أمّا المزدري بتلك القوانين، المدْخِلُ النيكوتين في مفردات التنفّس، وإدمانَ الكحول في مختبرات الكبد، والمتْخِمُ الآذانَ بالضجيج والعيونَ بالقذى، فهذا خارجٌ عن القانون مستحقٌّ للعقوبة.كل ما في الكون له قانونه، فـ"لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر، ولا الليلُ سابق النهار، وكلٌّ في فلكٍ يسبحون" (ص.ع.) كذلك الهواء له طبقاتٌ ذات أنظمة، من افترى عليها كان كمن يثقب المظلة في عزِّ المطر، أو كمن تغريه المراهقة بالإسراف في إنفاق شبابه، فَيُلْزمُ بعد ذلك بدفع ديونه مبكراً.والدولة أيضاً جسدٌ آدميٌّ، يتكوّن جهاز مناعته من الدستور والقوانين. من هنا كان بلاؤنا الأول عندما رضينا أن يُعدَّل الدستور "لمرة واحدة ونهائية" فأدخلنا بذلك (كل زُناةِ الليل إلى حجرته) كما قال مُظَفَّر النَّواب؛ وغدت كلمة "لمرّة وحيدة" نكتة دستورية، أو مهزلة تمثَّل على مسرح الدولة الذي راح يترنح تحت أقدام "الممثلين" والراقصين.وعلى الرغم من أن النصَّ الذي يمنع الموظف من تولّي الرئاسة الأولى كان مقصوداً بذاته، بعد التجربة المريرة، فإن الأمور اتّخذت سبيلاً معاكساً للنصِّ والقصد معاً، وتقلَّدَ الرئاسة على التوالي ثلاثة قادة للجيش، فكان ذلك شروعاً في استباحة النظام الصحّي للدولة، بدءاً بإفقادها "المناعة النَّصِّية" مروراً بتكاثر الخبراء الدستوريين الحائمين حول النصوص حَوْمَ الكواسر على طريدة مهيضة. وكانت الطامّة الكبرى...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم