الأربعاء - 01 أيار 2024

إعلان

تانيا قسيس غنّت للمرأة ... وأوجاع بيروت حاضرة

المصدر: "النهار"
إسراء حسن
إسراء حسن
تانيا قسيس في كازينو لبنان (تصوير:نبيل اسماعيل)
تانيا قسيس في كازينو لبنان (تصوير:نبيل اسماعيل)
A+ A-
أحيت الفنانة اللبنانية تانيا قسيس أمسية غنائية في كازينو لبنان عنوانها "زمن" بعد غياب. واختارت العودة فنّياً إلى أحضان وطنها الأم من باب مختلف عمّا قدّمته في مسيرتها الناطقة وطنيات وصلاة ومحبّة.

على مدى ساعة ونصف الساعة، واكب الجمهور الحاضر تفاصيل قصّة امرأة اعتلت مسرح صالة السفراء في الكازينو فتنقّلت عبر صوتها بين أزمنة متناقضة، مترنّحة بأحاسيس مختلفة حرّكتها الموسيقى الأوركسترالية بقيادة المايسترو أندريه الحاج.
 
تصوير: نبيل اسماعيل
 
أرادت قسيس أن تخرج قصص المرأة، فقصّ الراوي على الجمهور حكايات تجسّد حال معظم النساء، كتب مضمونها طوني كرم وترجمها صوت قسيس. حضرت المرأة في حبّها العذري عبر أغنية "قلبي الصغير"، اللقاء الأوّل فإصابة بسهام الحب السرّي الذي تأسره مشاعر المرأة الخجولة العاشقة، لتبدأ رحلة الخطوة الأولى عبر أغنية "Mi Senti" التي ترتدي فيها قصة الحب ثوبها الأحمر، وفجأة يتوقف الزمن.
 
تصوير: نبيل اسماعيل

المفارقة أنه وخلال أداء قسيس "زمن"، كان البلد يغلي بأوضاعه الأمنية المهترئة خارج الكازينو بعد حوادث الكحالة، فجاءت كلمات الأغنية في الصميم عندما جاء فيها: "كانت الأيام بلا غدٍ، حدود المناطق خطوط بالأسود. طوائف تغلي، تقتل، حرقت وسط البلد وناس أشبه بالوحوش... كانت الشوارع معبر موت أبدي، جنازات تسير والجثث عدد، ناس تمشي بدفنها كأنها جمد، تنظر إلى الأرض مزروعة الوتد". فأغنية "زمن" وضعت الإصبع على جرح لبنان وأوجاع مدينة بيروت التي اغتالها زمن الحرب الأهلية والخلافات الطائفية وأكمل على ما تبقّى منها انفجار المرفأ، عمل فنّي يصلح في كل زمن مرّ وما زال يمرّ على وطن منكوب.

ولأنّ ما قدّمته قسيس يجسّد واقع النهوض للبحث عن صباح جديد تمسّكاً بذرّة أمل، أكمل الحفل قصصه في أغنية "حبّ الحياة" التي تعود فيها قسيس إلى الغرام وقناديل الحب وحكايات المرأة بذكرياتها مع الحبيب التي تتكلل بالزواج، فينتقل الجمهور إلى روحية زمن جديد عندما تنكشف العلاقة بين الزوجين وتسلك نفقاً مظلماً لا سبيل لعودة الضوء المنشود سوى بالطلاق. مقطوعات موسيقية وعرض راقص واكبا هذا التسلسل الزمني في حياة المرأة، إلى أن تصل إلى المرحلة الانتفاضية رافضة فيها الانكسار والخنوع لنظرة المجتمع النمطية والذكورية وتتحوّل إلى كرة ثلج جامدة لا يذيبها جمر الظلم والأحكام المسبقة، تصبح متمكّنة وجاهزة للتصدي للأقنعة الخبيثة الراغبة في محاربتها وانتزاع حقّها في الحياة واحتضان أولادها.
 

تصوير: نبيل اسماعيل
كانت ابتسامة قسيس تشع سروراً بعدما كشفت عن مفاجأة فنّية جميلة، متمثّلة بديو غنائي مع الفنان اللبناني سعد رمضان حمل عنوان "هوى امرأة"، إذ جسّد الديو حواراً شيّقاً بين عاشقين يطيران عبر الزمن.
 

تصوير: نبيل اسماعيل
سينوغرافيا منوّعة حملت توقيع طوني كرم حاكت مواضيع الحفل بقصة وحبكة مكتملتي العناصر، بدءاً من الإطلالة الأولى لقسيس بالأسود على المسرح التي تحدّت النيران المشتعلة من يمينها ويسارها ووقفت شامخة، وصولاً إلى اللوحات الراقصة والمؤثرات البصرية والإضاءة والإكسسورات التي زيّنت الخشبة سواء برمزية الهواتف القديمة المعلّقة والرايات البيضاء والوشاح الأسود، لتنتهي المشهدية المسرحية بصورة الطفولة التي جسّدتها فتيات غنّين ورقصن على أغنية "شو مخبّى الليل"، في رسالة ختامية تؤكد أنّ هذه الطفلة البريئة انتفضت وتحوّلت امرأة قوية متمكّنة.
 

تصوير: نبيل اسماعيل



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم