الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

لماذا يتعاطف البعض مع سعد لمجرّد المدان بالاغتصاب؟

المصدر: "النهار"
سعد لمجرّد.
سعد لمجرّد.
A+ A-
تتفاعل قضيّة المغنّي المغربيّ سعد لمجرّد بشكل كبير لدى الرأي العام، مولّدة جدلاً حول مفاهيم ومسلّمات. حتى بعد صدور الحكم القضائيّ بسجنه ستّ سنوات، هناك من استمرّ في دفاعه عن لمجرّد، ومن التمس له الأعذار، أو رأى في الحكم ومسار القضيّة مؤامرة على فنّان مشهور.
وفي المقابل، شنّ ناشطون حملة مضادة مطالبين الفنّانين الذين دافعوا عنه أو شاركوه في أعمال فنيّة بالاعتذار. وبرز لدى هؤلاء تركيز على شرح مفهوم الاغتصاب، فلا يمكن تبرير فعل رجل أرغم سيّدة على إقامة علاقة جنسيّة حتّى لو وافقت على مرافقته الى غرفته في فندق! 
 
الحكم
 
أصدرت محكمة باريس الجنائية يوم الجمعة الماضي، حكماً بالسجن لمدّة ستّة أعوام على لمجرّد، بعد إدانته باغتصاب شابّة وضربها في شهر تشرين الأوّل من عام 2016، في أحد فنادق العاصمة الفرنسية. وقالت المحكمة بعد سبع ساعات من المداولات، إنّها "مقتنعة" بحصول الاغتصاب "الذي وصفته بشكل ثابت ودقيق" المدّعية المدنيّة في القضية لورا- ب، والتي كانت تبلغ من العمر 20 عاماً عند وقوع الحادثة.
 
وأودع لمجرّد السجن فوراً بعد أن سلّم نفسه الى الشرطة فور النطق بالحكم.
 
تعود الوقائع التي أبلغت عنها لورا- ب، إلى تشرين الأول 2016، حين كانت الشابة تبلغ عشرين عاماً. وتشير لورا إلى أنّها تبعت النجم وصديقين له إلى إحدى السهرات، بعدما كانا قد التقيا داخل ملهى ليليّ. وفي نهاية الأمسية التي جرى فيها تناول كمية من الكحول والكوكايين، رافقت لمجرّد إلى الفندق الذي كان يقيم فيه في جادّة "الشانزليزيه".
 
وبالنسبة الى المحكمة، لا يوجد أدنى شكّ في أنّ المدّعية تبعت لمجرّد "طواعية" بنيّة "المغازلة"، وفق رئيسة المحكمة فريديريك ألين.
وفي الغرفة، رقصا وتحادثا، قبل أن يتحوّل المغنّي "بصورة مباغتة" إلى شخص عنيف، إذ اغتصبها وضربها، بحسب رواية المدّعية أمام المحكمة.
أمّا سعد لمجرّد فينفي بشدّة ممارسة الجنس بأيّ شكل مع المدّعية، ويقرّ بأنّه قام كـ"ردّة فعل" طبيعيّة بـ"دفع وجه لورا بقوّة"، بعدما "خدشته" فجأة حين كانا يخلعان ملابسيهما، وفق ما ذكرت رئيسة المحكمة خلال تلاوة القرار، معتبرة أنّ "التصريحات المتغيّرة والمتبدّلة" للمغنّي البالغ 37 عاماً لم تكن ذات مصداقيّة.
وأشار تييري هرتسوغ، أحد محامي الدفاع عن لمجرّد، الى الحاجة للتفكير قبل "اتّخاذ أيّ قرار بشأن الخطوات اللاحقة"، لناحية استئناف الحكم من عدمه.
 
 

المسار القضائيّ... ماذا الآن؟
 
الحكم على لمجرّد صدر من قبل محكمة الجنايات Cour D’assises التي قضت بسجنه وبتنفيذ هذا الحكم فوراً.
في هذه الحالة، يحقّ لسعد لمجرّد استئناف الحكم أمام محكمة الاستئناف الفرنسيّة Cour d’appel كي لا يتمّ سجنه. وحين يصل الملفّ إلى محكمة الاستئناف، يتحوّل الملفّ إلى قاضٍ معنيّ بتنفيذ الأحكام يسمى بـ juge d’application des peines، وهو من يتّخذ القرار إمّا بإبقائه مسجوناً إلى حين بتّ محكمة الاستئناف بالملفّ، أو بإخلاء سبيله مع اتّخاذ تدابير قضائيّة مشدّدة مثل وضع "سوار إلكترونيّ" في يده.
 

جدل في المشهد العربي
 

مدافعون ومتفهّمون
 
 
الإعلامي والمؤثر مصطفى الآغا كتب عبر حسابه في "إنستغرام": "لا نتدخّل في أحكام القضاء، ولا نشكّك ولا نتّهم ولا نتحدّث عن نظريّات... هجوم لم أشهده في حياتي على شاب (حتّى وإن أخطأ، فالعلم عند الله وحده وعند أصحاب الشأن). ولكن أن يتمّ اتّهام، حتّى من عرفوه عن قرب ومن سمعوا أغانيه ومن سلّموا عليه، ويتمّ تصويره على أنّه (وحش بشريّ) فهذا والله كثير... يقولون: أنتم لا تعرفونه ولم تكونوا معه... حسناً هل أنتم تعرفونه وكنتم معه؟؟ أنا أعرفه جيّداً واستقبلته في بيتي مع أهله مرّات عدّة، وما كان ليدخل بيتي لو شككت لحظة أنّه ليس أهلاً لذلك، ومهما كان حجم ما ترونه خطأ فهناك ربّ غفور رحيم عليم... ولكن كما سمحتم لأنفسكم بمهاجمته حتّى قبل صدور القرار القابل للاستئناف، اسمحوا للآخرين أن يقفوا معه. سيقولون: تدافع عن (مغتصب) وأقول: أواسي أخاً أصغرَ ما لمست منه إلّا كلّ احترام و عفويّة وتواضع وخير واحترام لوالديه الذين جلست معهما طويلاً... رفقاً بالبشر يا بشر... تخيّل لو أنّ ابناً لك أخطأ أفلا تقف معه؟ سأغلق التعليق على المنشور رفقاً بسعد وأهله الكرام".
 
 
عرض منشور الآغا كان نموذجاً لما يمكن أن تعثر عليه من خطاب مدافع عن لمجرّد في "السوشيل ميديا".
وعلي سبيل المثال، الفنّان زياد برجي كتب أنّه لن يتخلّى عن سعد لمجرّد حتّى لو أخطأ، معلّقاً بسؤال: "هل يتخلّى إنسان عن أخيه لِمُجَرّد أنّه أخطأ".
 
 
وهنا نموذج آخر للدفاع عن لمجرّد: "لا أصدّق لأنّي أعرفه"!
 
وهنا، "مش لأنّي امرأة بدافع عن امرأة"
 
والزميلة مريم البسام تشعر أنّ هناك استغلالاً نسويّاً
 
 
ناشطون: لإدانة المغتصب
 
ترى الإعلامية روعة أوجيه أنّ "المقلق في قصّة سعد لمجرّد كمّية الآراء التي لا تملك فهماً واضحاً لماهيّة الاغتصاب. أبعد من لوم الضحيّة، والتبرير له، يبدو من التعليقات عدم فهم الفرق بين الاغتصاب والعلاقة الجنسيّة. وعلى الرغم من أقلّيّة المغتصبين في العالم، تسارع الأغلبية، نساءً ورجالاً، لتبرير فعلتهم"، وفق رأيها. 
 
الناشطة حياة مرشاد علّقت على القضية:
 #سعد_لمجرّد مغتصب بحكم محكمة… وين المطبلات/المطبلين للمغتصب المتسلسل         المحكوم بالسجن ٦ سنوات من ثوان يسمعوني صوتهن. كل الحب للورا وعلى امل العدالة     لباقي الناجيات.
 
 
وتسلّط الإعلامية راشيل كرم الضوء على كون الاغتصاب جريمة، ولا يكفي أن يكون المرتكب فنّاناً لالتماس أسباب تخفيفيّة. 
 
ورأي الزميلة كارين سلامة لامس أزمة التربية والمفاهيم: "يجب أن نعلّم أولادنا بأنّه يمنع على أحد لمسهم بالقوة".
 
 
الى ذلك، طالبت نسويّات الفنّانة إليسّا بموقف بعد صدور الحكم، على إثر العمل الغنائيّ المشترك الذي جمعها مع لمجرّد. وانسحبت المطالبة الى الفنانين الذين شاركوا لمجرّد في حفلات فنّية خلال فترة المحاكمة. 
 
 
تضيء الآراء السالفة على حالة من الجدل، بعد صدور الحكم القضائيّ. جدل لا شكّ أنّه يبيّن خصوصيّة القضية حين يتعلّق الأمر بفنّان ينغمس في عالم الشهرة وتبعاتها، وكذلك على مفاهيم ثقافية سائدة تحمّل المرأة المسؤولية عما يصيبها في حال أفسحت مجالاً للرجل ليغازلها، أو رافقته الى مكان منفرد، وهناك مساحة تباين ثقافيّ واضح في مقاربة الأمور، فقد تكون لورا ذهبت مع سعد الى غرفة فندق، ولكنّها لم توافق على علاقة كاملة أرغمت عليها. وهنا بيت القصيد، لا يُلتمس عذرٌ لشخص أرغم شخصاً على إقامة علاقة. القانون الفرنسيّ واضح. ويبقى السؤال: هل يستأنف سعد لمجرّد المسجون الآن الحكم في الأيّام المقبلة؟ وهل يملك أوراقاً تمكّنه من إقناع القضاء بتخفيف الحكم؟ 
 
أمّا السؤال الأبرز: فماذا تعلّم الجميع من هذه القضية؟ الأكيد أنّ العبر كثيرة وللجميع!
 
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم