الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

المخرج سمير عبد المسيح يغوص في بئر الإنسانية عبر "زين"... ونادين نجيم "طارت" في مشهد الانفجار

المصدر: "النهار"
إسراء حسن
إسراء حسن
المخرج سمير عبد المسيح ونادين نجيم.
المخرج سمير عبد المسيح ونادين نجيم.
A+ A-
يقول أرسطو: "الفن شكل من أشكال العلاج" ... نعم، الفن علاج إنساني للمجتمع إذا حمل راية سامية في جوهره.

شاهد الجمهور أخيراً الاعلان الرمضاني السنوي لمجموعة "زين" للاتصالات، الذي حمل عنوان "مكتوبة علينا مكتوبة". جسّدت دور البطولة فيه الممثلة اللبنانية نادين نسيب نجيم. وقدّمت الأداء الصوتي الفنانة حلا الترك، فيما كتبت كلمات الأغنية الكاتبة الكويتية هبة مشاري حمادة ولحّنها إيهاب عبد الواحد، ليتولّى المخرج اللبناني سمير عبود عبد المسيح ترجمتها فنياً بلمسات إنسانية في إطار جمالي.
 
يقول عبدالمسيح في حديث لـ"النهار": "هدفنا نقل صورة الواقع بإنسانية. فهناك الكثير من الحوادث التي تجري حولنا ولا ننتبه إليها، لذلك تأتي إعلانات مجموعة زين لتضيء على الأمور الحساسة التي يعيشها كل فرد، ونقدّمها بطريقة جميلة وفنية، خصوصاً في شهر رمضان حيث تولد لدى الإنسان مشاعر مضاعفة لهذه المواضيع".

يعبّر عبد المسيح عن سعادته بما حققه إعلان العام، بسبب مشاركة الممثلة نجيم: "هي شخص مرهف ومرّت بظروف صعبة. صحيح هي ممثلة، لكنّها بالدرجة الأولى إنسانة عاشت كاللبنانيين هذه اللحظات المؤلمة في الرابع من آب 2020، فكل لبناني لديه رواية يقصّها عليك في تاريخ انفجار مرفأ بيروت".

ويلفت إلى أنّ "نجيم كانت مصرّة على أن تنقل هذه اللحظة التي عاشتها. ولد التحدّي من خلال توثيق تفاصيلها وبثوانٍ معدودة، لذلك كان الإصرار على بدء الاعلان من هذا الألم الذي مرّت به".

قد تكون المرّة الأولى التي تعيد فيها نجيم تمثيل مشهد حقيقي كاد أن يفقدها حياتها... حقيقة أخذها المخرج في الاعتبار من خلال حرصه على التعامل إخراجياً بدقّة لتصوير هذا المشهد الحساس: "كان الهدف مضاعفاً، الخروج بالمشهد المنشود ولكن في الوقت نفسه التأكد من عدم إلحاق الأذى بالشخص الموجوع الذي لا يزال إلى اليوم يخاف من رؤية زجاج يتطاير أو حتى يسمع طلقة خفيفة".
 
ما يُسعد عبد المسيح، أنه تعامل مع نادين نجيم القوية والمؤمنة بكل قضية طرحها الاعلان، ويكشف بعضاً من كواليس المشهد الأول: "طارت نادين في مشهد وقوع الانفجار في شكل حقيقي من دون الاستعانة بأي تدخّل تقني، على الرغم من أنّ المعدّات كانت جاهزة لمساعدتها في تنفيذ المشهد".

يقول: "نادين شخصية مشهورة لديها صورتها لدى الناس، واستطاعت ان تؤدي دور المرأة بأشكال مختلفة، من ضحية انفجار إلى طالبة في الجامعة إلى معلمة رقص. أردت أن أبرز شخصية نادين الحقيقية، ولم تختلف سوى الحالة التي تجسدها. كنت أنظر في وجهها وعينيها وأقرأ المشهد قبل تنفيذه".

رسائل كثيرة وجهها إعلان "زين" بدءاً من التنمر والتفرقة العنصرية والتمسك بالهوية والأرض وصولاً إلى الإنسان. هنا دخل المخرج في تحدٍ لتقديم أسمى هذه الصور ولعلّ أبرزها مشهد انتشال طفل على قيد الحياة من بئر. يوضح عبد المسيح مراده من هذه المشهدية: "تقول رسالة البئر إن هناك العديد من الأطفال العالقين في بئر التعذيب والعنف، في بئر حرمانهم من التعليم ولا تُسمع أصواتهم. هذه الحالة عشناها للأسف عندما توفي الطفل ريان وضجّت بقضيته كل وسائل الاعلام. أردت إحياء هذه اللحظة كي أقول إنّ هناك العديد من الأطفال الذين يموتون بسبب سقوطهم في البئر أو بسبب تعنيفهم وسوء معاملتهم ولا نراهم، هي صرخة لأجل الطفل العالمي الذي يتعذب بشتى الأنواع".
 
هكذا هو عبد المسيح، يريد دائماً أن يلمس الإنسانية بكاميرته وعينيه، الأمر الذي دفعه إلى البحث عن بئر حقيقي وتقديم مشهد واقعي: "نفذناه في بئر حقيقي مع الأخذ في الاعتبار كل اجراءات السلامة، التي تمت بمساعدة من الدفاع المدني، هؤلاء شاركونا بعتادهم وقدّموا تمثيلية صحيحة. أصريت على البحث عن البئر وأحببت أن أعطي صورة شفافة لهذه اللحظة، وأعلم أنّ كثراً تمنّوا لو أنّ هذا المشهدية حصلت مع الطفل ريان".

يعيش عبد المسيح سنوياً القلق لأنه يعلم أنّ الجمهور ينتظر إعلانات "زين": "مسؤولية كبيرة تقع على عاتقي كي أخرج صورة تعطي الأمل والطمأنينة. هي السنة التاسعة لي مع "زين"، والتوقّعات تكون كبيرة عندما تجهّز هبة مشاري حمادة كلماتها وأجتمع مع صاحبة شركة "جوي برودكشن" مي الصالح، نصبح جميعاً مجانين في الفن ونفكّر في تنفيذ المستحيل خدمة للرسالة التي تولد من رحم الواقع".

استغرق تنفيذ العمل شهرين، وتم تصويره في لبنان في طقس عاصف، وإقفال محطات الوقود، وفريق كدح لساعات متواصلة في الصقيع. ويؤكد عبد المسيح أنه "رغم ذلك، كان هناك إصرار على أنّ علينا تنفيذ رسالة الخير انقاذاً لكثر، وهنا أشكر فريق العمل والجنود المجهولين".
 


ما مصدر الأمل الذي يتسلح به عبد المسيح كي يخرج بهذه الصور المشعة رغم سوداوية المشهد في لبنان؟ الجواب: "الإنسان هو من يقرر: إما أن يغادر أو أن يبقى، يحارب أو يستسلم. ومع كل الأسى الذي حولنا نحن باقون في أرضنا، لا نيأس ونريد أن نكمل وسننتصر حتى لو انكسرنا. عشنا طوال حياتنا في الحروب ولم نستسلم، وقد منحنا الله هذه الحياة ولا يجب أن ننكسر أمام كل ما يحصل من حروب وأذى للإنسان والطبيعة والأرض".
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم