الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

"انتصار" جوني ديب بين شهيّة ذكوريّة وصوت نسويّ صامد: الناجيات لن يصمتن

المصدر: "النهار"
إسراء حسن
إسراء حسن
جوني ديب وأمبير هيرد.
جوني ديب وأمبير هيرد.
A+ A-
تابع العالم مناظرة مصيرية متواصلة لمدّة 6 أسابيع بين الزوجين السّابقين جوني ديب وآمبر هيرد، حيث استمعت المحكمة في "فيرفاكس" في ولاية فيرجينيا إلى تفاصيل علاقة الزوجين التي يُمكن تصنيفها في إطار "العلاقات الزوجيّة السّامّة".
 
في النهاية، خلصت هيئة المحلّفين المؤلّفة من سبعة أعضاء إلى أنّ هيرد "شوّهت سمعة ديب"، من خلال مقال نشرته في العام 2018 في صحيفة "واشنطن بوست"، حين كشفت فيه عن أنّها كانت ضحيّة عنف أُسريّ، من دون أن تذكر في مقالها اسم ديب، فخفّض القاضي التعويضات العقابيّة الممنوحة لديب إلى 350 ألف دولار، وهو الحدّ الأقصى القانونيّ في ولاية فرجينيا؛ وبهذا يبلغ إجماليّ تعويضاته 10.4 ملايين دولار، فيما لم تُمنح هيرد أيّ تعويضات عقابيّة.
 
وقد شهدت منصّات مواقع التواصل الاجتماعيّ تفاعلاً غير مسبوق خلال المحاكمة وبعدها، خصوصاً أنّها بثّت مباشرة، فأبدت الأغلبيّة من روّاد مواقع التواصل الاجتماعيّ، وحتى الصحافة الأجنبية، تعاطفاً ودعماً كبيراً للنجم الهوليوودي، إذ سجّل وسم "العدالة لجوني ديب" تفاعلاً تاريخيّاً في مقابل الوسم الداعم لـ آمبر هيرد.
 
 
خلاصة العرض القانوني انتهى بـ"انتصار" جوني ديب، الذي أعلن بعد هذا القرار عودته إلى الحياة: "هيئة المحلّفين أعادت لي حياتي. لقد أخجلتم تواضعي حقاً. الحقيقة لا تزول أبداً"، وتابع بيان ديب: "آمل أن يكون سعيي لإقرار الحقيقة قد ساعد آخرين، رجالاً ونساءً، ممّن وجدوا أنفسهم في وضعي، وألّا يستسلم أولئك الذين يدعمونهم أبداً"، فيما قالت هيرد إنّها "منفطرة القلب"، مضيفة: "أشعر بخيبة أمل أكثر ممّا يعنيه هذا الحكم للنساء الأخريات. إنّه نكسة. إنّه يُعيد عقارب السّاعة إلى زمن يُمكن فيه أن تتعرّض المرأة التي تتكلّم وتتحدّث علانية للعار والإهانة".
 
وبالرغم من أنّ نهاية المعركة لم تُختتم بالشّمع الأحمر - إن جاز التعبير - بعدما قالت إيلين بريدهوفت، محامية آمبر هيرد لوسائل إعلام أميركيّة، في أعقاب الحكم، إنّ هيرد ستقوم باستئناف قرار هيئة المحلّفين الذي كان لصالح ديب، مشيرة إلى أنّ "لديها بعض الأسباب الممتازة لذلك".
 
وأضافت: "لقد تمّ تصويرها كشيطان هنا. تمّ إرباك هيئة المحلّفين، ولم يُسمح لنا بإخبارهم عن حكم المملكة المتّحدة".
 
 
وأمام إعلان آمبر عزمها استئناف الحكم، بدأت مفاعيل "عودة" جوني ديب رسمياً إلى الحياة، إذ كشف عازف الغيتار البريطاني جيف بيك عن تعاون مع ديب في ألبوم سيصدر في تموز المقبل؛ وذلك بعدما ظهر الثنائي في قاعة رويال ألبرت في لندن، بينما كان ديب ينتظر الحكم في قضيّة "تشويه السمعة".
 
وعاد ديب وأطلّ من المملكة المتّحدة أيضاً على جمهوره ملقياً التحيّة، ومقدّماً توقيعه. كانت رسالة معنوية من ديب للاحتفال بانتصاره من المملكة المتّحدة بعدما خسر في العام 2020 قضية تشهير رفعها ضدّ صحيفة "ذا صن"، بعد أن وصفته بـ"ضارب زوجته" آمبر هيرد، إذ قال القاضي حينها إنّ الصحيفة البريطانية أثبتت أنّ ما ورد في المقال "صحيح إلى حدّ كبير"، وخلص إلى أنّ 12 من 14 حادثة عنف منزليّ مزعومة حدثت. لكنّ ديب أفلح في إثبات تعرّضه للعنف المنزليّ من قبل هيرد في المحكمة الأميركية، حيث قدّم أدلّة دامغة، وكشف عنها في إحدى الجلسات، بعد اطلاع المحكمة على رسالة صوتيّة يمكن فيها سماع الزوجين يتشاجران، فبادرت المحامية جيسيكا مايرز من فريق الدفاع عن النجم إلى طرح السؤال الآتي على موكّلها: "ماذا أجبت عندما قالت السيدة هيرد: أخبر العالم يا جوني! أخبرهم: أنا جوني ديب، أنا ضحيّة للعنف المنزليّ؟".
 
 
في المقلب الآخر، أثبت محامي هيرد أمام محكمة فرجينيا رسائل نصيّة، أرسلها ديب إلى صديقه بول بيتاني، قال فيها إنّه يرغب في إغراق وحرق هيرد ومعاشرة جثّتها. وخلال الحوار، كتب ديب لبول بيتاني: "دعنا نحرق آمبر" فردّ عليه بيتاني: "لا أعتقد بعد التفكير في الأمر أنّ علينا حرقها، فهي رفيقة باعثة للبهجة، كما أنّني غير متأكّد من أنّها ساحرة"، في ردّ على قول سابق لديب من أنّها تستخدم السحر كسلاح.
 
 
اليوم، وبعد مرور أيّام على العرض التلفزيونيّ، الذي كان بمثابة عرض سينمائيّ ترفيهيّ ممتع بالنسبة إلى روّاد التواصل الاجتماعي- بكلّ أسف - تعلو الصرخات، والخيبات باتت ملموسة على مواقع التواصل الاجتماعيّ بعنوان عريض: هل ستؤثّر نتائج المعركة القضائيّة التي خاضها ديب وهيرد سلباً على صرخات النساء المعنّفات بعدما حقّقت حركات نسوية في السنوات الأخيرة تقدّماً تاريخيّاً ملحوظاً، لاسيّما حركة "Me too"، التي أسقطت المنتج الهوليوودي هارفي وينستون، وكانت انطلاقة لفضح كلّ صاحب سلطة ونفوذ في ممارساته اللا أخلاقيّة ضدّ النساء؟ وهل سيشكّل فوز ديب دفعاً لكلّ صاحب نفوذ وسلطة وشهرة بأن يلجأ إلى دعوى "التشهير" و"تشويه السمعة" ويفلت من عقاب جرائمه؟ وهل سيصعب تصديق كلّ ناجية تقرّر كسر صمتها وتكشف فعلة المعنّف أو المتحرّش؟
 
المنظّمات الحقوقيّة المنادية بحقوق النساء في العالم ترى أنّ قضية ديب - هيرد لا يجب أن تؤثّر بتاتاً على القضايا التي لا تزال اليوم متمسّكة بها أكثر من أيّ وقت مضى، فهذا الثنائيّ معنّف للآخر، وهو ما أُثبت في المحكمة؛ فصحيح أنّ ديب حصل على تعويضات تأديبيّة وعقابيّة بقيمة 15 مليون دولار، إلّا أنّ هيرد فازت أيضاً بواحدة من ثلاث دعاوى مضادّة ضدّ ديب، وحصلت على مليوني دولار كتعويض. لذلك، بالنسبة إلى هذه المنظّمات، ما حصل ليس انتصاراً لديب، بل معركة قانونيّة أثبتت حضور التعنيف وعلاقة سامّة و"نشر غسيل" بين زوجين لم يُكتب لعلاقتهما أن تعمّر.
 
 
قضية الثنائيّ لن تؤثر على صرخات كلّ ناجٍ، سواء أكان رجلاً أم امرأة، يطلب العدالة، فاقرأوا في عناوين الصّحافة رفض محكمة في نيويورك الاستئناف الذي تقدّم به المنتج السينمائيّ السابق هارفي واينستين للحكم الصادر في العام 2020 بإدانته في قضية اعتداء جنسيّ واغتصاب! تابعوا قضيّة كيفن سبيسي المتّهم بأربعة اعتداءات بالتحرّش الجنسيّ بعدّة رجال!
 
الصرخة مطلوبة اليوم لتذكير كلّ ناجية أو ناجٍ بعدم أخذ ما حصل مع الثنائيّ قاعدة ستفرض، ولو أنّ عالم منصّات السوشيل ميديا فتح شهيّة المجتمع الذكوريّ لتوظيف هذه القضيّة لصالحه. ولكنّ الحقيقة ليست كذلك، فالعنف سيواجه، ولن يسكت عنه، وهو ليس محصوراً برجل أو امرأة، بل بكلّ إنسان. ولعلّ الصرخات النسوية الغاضبة مطلوبة اليوم، لأنّه - بكلّ أسف - لا تزال الشريحة النسائيّة نسبتها هي الأكبر في قضايا العنف والتحرّش، ولا يجب أن تكون قاعدة أنّ كلّ صاحب/ صاحبة نفوذ أو سلطة أو شهرة سيفلت من عقاب جرائمه أو جرائمها.
 
 

 
نعم، حاز ديب على تفاعل عالميّ وحتّى عربيّ كبير، فهو نجم هوليووديّ محبوب، ويملك مسيرة لا يُمكن أن تمحى من ذاكرة الصغير والكبير.
 
فرح الجمهور بعودته إلى حياته الترفيهيّة كي يمتعهم، فيما دخلت هيرد في دوّامة سوداء، بعدما فشلت في إقناع الشريحة الأكبر بأنّها صادقة في شهادتها، وانتصر ديب؛ وديب يستعيد عافيته المعنويّة بينما الحديث يكبر يوماً بعد يوم عن قرب إعلان هيرد إفلاسها ونيّة صنّاع الترفيه في هوليوود إغلاق جميع الأبواب في وجهها.
 
في نهاية هذه المشهديّة، تابع العالم قصّة استخدمت فيها جميع أنواع الأسلحة المعنوية واللفظية والجسدية، وكان عنوانها العريض "العنف الأسريّ المتبادل"، فأتى الإجماع بعيداً عن أيّ طرف تمّ التعاطف معه على رفض هذا المصطلح... "العنف".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم