الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

سلافة معمار... الفضيحة!

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
أروع مشاهد سلافة معمار في "حارة القبة".
أروع مشاهد سلافة معمار في "حارة القبة".
A+ A-
تقدّم سلافة معمار في رمضان 2021 شخصية أم العزّ بمسلسل "حارة القبّة"، مُسجِّلة أهدافاً نارية تحسم الجولة. بجرأة ممثلة واثقة بأنّ الموهبة تسبق الشكل والشعر والوجه والإطلالات كلّها، تؤدّي معمار دوراً يتطلّب ملامح مُجعّدة وبشرة كبيرة في السنّ. تقدّم نفسها على طبق من ذهب لكاميرا المخرجة رشا شربتجي العائدة إلى دمشق، ولنصّ الكاتب أسامة كوكش ("عاج" الفنّية). شُجاعة وحقيقيّة.
 
 
تطارد التخبّطات النفسية الشخصية لسكوتها عما يفترض أن تُفصح عنه وخوفها من عاقبة الأمور، ثم تُسقطها على مشهد واحد. امرأة قلقة على مصائر أولادها، فحين يدهمهم الخطر، تتحوّل ذئبة. مأساتها أنّها تنقضّ على نفسها وتفترسها، من دون سابق اصرار وتصميم. علمُها بعلاقة خارج الأصول بين شاب وابنتها، يجعلها تتحرّك من دون "شورة" زوجها، لوضع النقاط على الحروف ولملمة التفاصيل قبل درايته بها. تعرّضها للتحرّش في طريقها لحلّ المسألة، يُفقدها أعصابها، فتُخرج سكاكينها النفسية. وهي حادّة ومؤذية. تغرق أم العزّ في حزن مذهل. تفقد السيطرة على دوائرها. تتوه بلا طريق، إلى أن تبلغ أقصى الاهتزاز النفسيّ، فيغلب لاوعيها قواها العقلية، وتغادر منزلها من دون غطاء رأس، مُتسبّبة بفضيحة في الحارة. ذلك كلّه من دون ظهور "ملامح الممثلة" عليها. هنا "الفضيحة" الحقيقية، لكنّها يا للمفارقة، فهذه المرّة لا تطالها، بل تمسّ مباشرة كلّ ممثلة تخشى على "بريستيجها" وتشترط المحافظة على المظهر قبل الموافقة على دور. وكلّ ممثلة تُفرمل خطواتها قبل الانطلاق في مشهد، فتخاف من الشخصية على نفسها. على عكسهنّ تماماً، تدعس معمار بقدم سائق مُغامِر. جنونها مدهش، واختراقها المحظور، وبكاؤها. ثم ذوبان العقل في الصدمة. تستجيب للاضطراب، فتترك له السيطرة عليها، حتى تتراءى مجنونة بالفعل، لا ممثلة داخل شخصية. فتأخذ المُشاهد في رحلة عذابات داخلية، تفيض على الملامح المُجعَّدة، وعلى الصوت المتأرجح بين التردّد والثقة، والكباش الدائر بين أثمان الهجوم والدفاع من جهة، والانكفاء القاتل والتستُّر من جهة أخرى.
 
 
عودة موفّقة لمعمار إلى البيئة الشامية، تُحلِّي الخلطة، وتجعل الطعم شهيّاً. هنا الجبهة مفتوحة لتأكيد سطوة غريزة الأمومة، وانتصارها على أي بطولات أخرى، حتى العادات والتقاليد ونظرات ذلك المجتمع الدمشقيّ القديم. لم يقِف تسبّبها بالفضيحة وخروجها من دون غطاء رأس في لحظة ضياع تام، فتجوّلها بلباس النوم، حافية القدمين في الحارة؛ بينها وبين واجبها كأم حين ينادي الخطر أياً من أولادها. فتذهب مرّة أخرى، للبحث عن ولدها الضائع، في ظلمة الليل، بغياب زوجها (عباس النوري). يُعظّم الدور تيمة الأمومة وعظمة الأم حين لا تدير ظهرها في المواقف الصعبة، فتُقدِم بجرأة، مدركةً تماماً ضريبة التربُّص وقسوة العيون المفتوحة.
 
 
سلافة معمار بحجم الحِمل. تصبّ نفسها في قالب الشخصية صبّاً، من الخارج والداخل. همّها تجاوُز الصناديق المعلّبة والتحليق في فضاءات واسعة. الأعالي تليق بها.
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم