صحة وعلوم
24-10-2023 | 20:29
رحلت سارة بعدما خانها "التليّف الكيسي" وخذلتها الدولة: لم تكُن تريد "سوى فرصة جديدة"
سارة الهبر.
هل تذكرون سارة الهبر، ابنة الـ26 عاماً التي أطلقت صرختها في آذار 2023 لتأمين كلفة دوائها الباهظ لتبقى على قيد الحياة؟ بالأمس ماتت سارة. لم يُمهلها التكيّس الليفي الوقت، ولا الدولة تكبدت عناء مساعدة مجموعة المرضى الذين يعانون هذا المرض المستعصي، ولا كلفة الدواء كانت مقبولة لتأمينه. ماتت سارة لأنها لم تجد من يؤمّن لها شهرياً مبلغ 3000 دولار لشراء خلاصها وإبقائها على قيد الحياة.
كان يمكن لسارة أن تعيش لو كانت في بلد آخر حيث الدواء مؤمن وراحة المريض أيضاً. إلا أنها تعيش في لبنان الذي يعاني منذ أكثر من 3 سنوات من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، ومن انقطاع في الأدوية أو من أسعار خيالية تفوق قدرة كثيرين على تحمّلها.
آخر ما كتبته سارة على صفحتها على "فايسبوك" كان في 19 تموز، منشور يكشف كمية الإيمان والنضال والمثابرة وحب الحياة. كتبت بمطلق الصراحة والوجع رسالة طويلة تختصر كل شيء. تقول "بهيدا الشهر عرفت شو يعني تشدّ عحالك وتكون قوي كرمال اللي بتحبّن. بهيدا الشهر، من أسبوع تحديداً، تجرّأت و قررت نبدأ بتحضير ملف لطلب زرع رئتين في فرنسا من بعد ما بطّل فيه ولا حلّ طبّي بلبنان لحالتي".
كانت سارة تأمل أن تجد في فرنسا ما لم تجده في لبنان، كان يأسها كبيراً وعميقاً، ومع ذلك لم تستسلم، بقيت تحارب حتى الرمق الأخير.
كان لسارة أحلامها، هي التي كانت تدرس الحقوق لتسهر على تأمينها لكل شخص، خسرت حقها في الطبابة والصحة... وخسرت حياتها!
كتبت في منشورها الطويل عن فرصتها الأخيرة، كانت مستعدة لأي شيء، "قد نضطر إلى أن نضغط إعلاميًا لسافر و آخذ فرصتي بالحياة، فرصة حياة جديدة".
كانت تحلم كثيراً بهذه الفرصة، لكن وزارة الصحة والدولة حرماها من فرصة في النجاة، لأنه بكل بساطة "لا يوجد لدينا الميزانية الكافية لتغطية تكاليف علاج مرضى التليف الكيسي".

بدأت تسوء حال سارة في العام 2021، سنة وشهران بقيت فيها سارة في المستشفى أكثر من منزلها. وبعد أن أصبحت حالتها تتراجع رويداً رويداً، خرج إلى العلن دواء قد يوقف تدهور التليّف الكيسي، دواء يطلق عليه البعض "دواء المعجزة" وسعره معجزة أيضاً بالنسبة لكثيرين.
لم تيأس سارة، وأطلقت صرختها واستغاثتها في إطلاق حملة تبرعات لتأمين المبلغ لمدة سنة، علّها تضمن حياتها لسنة واحدة، وكما كانت تقول: "وبعدين،لكل حادث حديث".
كلفة الدواء للعلاج 3000 دولار، ناهيك عن الأدوية الأخرى التي تحتاج إليها، لم يكن بمقدور سارة وعائلتها تأمين هذه الكلفة شهرياً، ومع ذلك لم يفقدوا الأمل.
تتحدث جويس أبو زيدان التي انشأت صفحة لمساعدة المرضى في هذه الظروف، عن حالة سارة التي كانت بحاجة إلى دواء تبلغ كلفته بين 3 إلى 4 آلاف دولار، وهو دواء جينيريك من البرازيل، بالإضافة إلى الأدوية الأخرى. ونتيجة هذا الواقع، أنشأت مجموعة من مرضى التليّف الكيسي في لبنان حساباً على واتساب لتأمين الدواء وتقاسمه لأنهم يعرفون معنى الوجع".

وتشير أبو زيدان إلى أن "مرضى التليّف الكيسي في لبنان من دون صوت، لم يطالب أحد بحقهم، والوزارة تهربت من تحمل مسوؤليتها تحت ذريعة غياب الأموال. وعليه، بقي المرضى يصارعون مرضهم بمفردهم ويهابون ساعة الصفر عندما يتعذّر تأمين الدواء".
تعترف أبو زيدان بأن "غياب التوعية حول هذا المرض زاد من صعوبة مساعدة الناس، الناس يعرفون الكثير عن السرطان، إلا أن قليلين جداً يعرفون عن مرض التليّف الكيسي وخطورته. لقد عانت سارة كثيراً في الأشهر الأخيرة، لازمت المستشفى لأيام طويلة وبقيت تحارب حتى اللحظة الأخيرة، هي التي تحب الحياة ولديها أحلامها الكثيرة".
خسرت سارة معركتها مع الحياة، إلا أن هناك عشرات المرضى يواصلون معركتهم بكل ما أوتوا من قوة. يخافون ضمنياً أن يواجهوا المصير نفسه وينتظرون من الدولة أن تنظر إليهم، فهم لا يريدون سوى العيش.
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
دوليات
12/14/2025 3:19:00 PM
تحوّل صاحب متجر الفواكه أحمد الأحمد إلى "بطل بوندي" بعدما انتزع سلاح أحد المسلحين خلال هجوم على احتفال الحانوكا في شاطئ بوندي بسيدني، منقذًا عشرات الأرواح قبل أن يُصاب ويُنقل إلى المستشفى.
دوليات
12/15/2025 1:50:00 PM
يقضي الأطفال ووالدتهم معظم وقتهم في التسوق، ويملأون منزلهم الروسي الجديد بالسلع الفاخرة، بحسب مصدر قريب من العائلة.
دوليات
12/15/2025 2:38:00 PM
تحدّثت تقارير عن صلة محتملة لإيران واستخباراتها بهجوم سيدني.
العالم
12/14/2025 11:00:00 PM
الأب لقي حتفه بينما يرقد الابن في المستشفى.
نبض