السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

هذه الأنواع من مرض السرطان الأكثر شيوعاً في لبنان... علاجات حديثة وتشخيص متأخّر

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
معاناة مريض سرطان في لبنان. (تعبيرية/ ديما قصاص)
معاناة مريض سرطان في لبنان. (تعبيرية/ ديما قصاص)
A+ A-
ترتفع الإصابات بمرض السرطان في لبنان باطّراد، بسبب عوامل كثيرة، منها الأزمة الشاملة، وغياب الرقابة، والمبيدات المسرطنة، وتلوّث الغذاء والمياه، والتلوّث البيئي، فضلاً عن الضغوط النفسية وغيرها من الأسباب.
 
ما تقدّم دفع نقيب الأطباء في بيروت يوسف بخاش إلى التحذير من عواقب الأوضاع المتفاقمة التي أوصلت البلاد إلى 10 آلاف إصابة سنوياً بالسرطان، بحسب تقدير منظمات عالمية.
 
في المقابل، تتصدّر بعض علاجات السرطان الحديثة قائمة الثورة الطبّية، فيما العائق الكبير هو الأزمة الاقتصادية التي دفعت الكثيرين إلى تأجيل أو غضّ النظر عن بعض الفحوص السنوية، ما أدّى إلى ظهور حالات سرطانيّة متقدّمة مقارنة بالسنوات الماضية.
 
يتحدّث مدير معهد نايف باسيل للسرطان في بيروت، الدكتور علي طاهر عن المركز قائلاً "إننا نعالج نحو 40 في المئة من حالات السرطان في لبنان، ونحو 2000 حالة سرطانية جديدة سنوياً، ونستقبل 15 ألف زيارة في العيادات الطبّية سنوياً، فيما يخضع 100 مريض لعملية زرع نقي العظم كل سنة".
ويشير إلى أن المركز يضمّ كلّ الاختصاصات في الأورام السرطانية، مع توقّع إطلاق برنامج يُعنى بأمراض الدم غير السرطانية مثل تجلّط الدم، وسيلان الدم وفقر الدم...".
 
ويشدّد طاهر على قسم الأبحاث الذي يُشكّل ركيزة أساسية في علاج السرطان، إلى جانب المركز العلاجي والأكاديمي لتكامل الخدمة الصحية بكل جوانبها، معلناً أن المركز ينشر نحو 100 بحث، تتضمّن نتائج تجارب سريرية علميّة في أهم المجلات العلمية العالمية. ويُشدّد على أن التركيز اليوم ليس فقط على العلاج بل على متابعة المريض، سواء من الناحية النفسيّة للتعامل مع مشاعره وهواجسه، أو من الناحية الصحيّة، ولا سيما أن بعض العلاجات تؤثر على القلب؛ وأخيراً من الناحية الجنسية والخصوبة، لأن من حق المريض أن يتمتع بحياة صحيّة جيّدة وأن يُنجب/ تنجب الأطفال.
 
 
 
الأول في الوفيات: سرطان الرئة وأحدث العلاجات
 
يحتلّ سرطان الرئة المرتبة الثانية على قائمة الإصابة بالسرطان في لبنان، وفق الاختصاصي في أمراض الدّم والأورام في الجامعة الأميركية في بيروت، البروفسور عرفات طفيلي، الذي يقول إن "نحو 70 في المئة من المرضى يُشخّصون بسرطان الرئة في المرحلة الثالثة أو الرابعة نتيجة عدم ظهور أعراض أوليّة. أمّا الأعراض التي ترافق المراحل المتقدّمة من المرض فتتمثّل بالسعال، ضيق التنفس، خسارة الوزن من دون سبب...".
 
تاريخياً، كان علاج سرطان الرئة في حالاته المتقدّمة يتمثّل بالعلاج الكيميائيّ، قبل أن يبدأ العمل بالعلاجات الموجّهة التي تستوجب أولاً دراسات جينات الورم. وفي حال وجود خطأ في أحد الجينات يمكن اللجوء إلى العلاج الموجّه الذي أظهر فاعليّة جيّدة أفضل من العلاج الكيميائيّ.
في السنوات الثماني الأخيرة، ظهر العلاج المناعيّ الذي يعمل على تقوية الجهاز المناعي، وأعطى نتائج إيجابية، سواء كعلاج فردي أو كعلاج موازٍ مع العلاج الكيميائيّ.
 
هذه العلاجات جميعها متاحة ومتوافرة في لبنان، وتستخدم منذ سنوات. أما الجديد اليوم فيتمثّل بالأدوية السرطانية التي كانت تُستخدم في المراحل المتقدمة، والتي أظهرت فاعلية واضحة في المراحل الأولى للمرض. وهنا تكمن أهمّية هذه الدراسات التي كشفت مدى فاعلية هذه الأدوية في المراحل الأولى، لتزيد من نسبة الشفاء.
 
ماذا عن نسبة الشفاء؟
 
يؤكد البروفسور طفيلي أنه في المراحل المبكرة تعطي العلاجات الحديثة نتائج إيجابية ونسب شفاء عالية، فيما تساعد هذه العلاجات في المراحل المتقدمة على إطالة عمر المريض.
أما النقطة الإيجابية التي يجب التوقف عندها فهي أن هذه العلاجات، وفق الدراسات العلمية، أظهرت تأخّراً في عودة المرض، وهذه نتائج مرضية وننتظر دراسات أخرى للكشف عن مدى فاعلية هذه العلاجات في تطوير حالات الشفاء.
 
هل نحن مقبلون على دواء يشفي من السرطان؟
 
يتحدث البروفسور طفيلي عن مدى فاعلية بعض الأدوية السرطانية في إطالة العمر، وفق ما ظهر في السنوات الماضية، بالاستناد إلى التجارب على الحيوان، ثم على البشر للمرضى الذين هم في مراحل متقدّمة جداً من الإصابة، خصوصاً عند المرضى في المراحل الأولى والمبكرة من المرض. ويسعى العلماء إلى الوصول إلى أدوية واعدة جداً تزيد من نسبة الشفاء.
 
 
سرطان الثدي: أكثر أنواع السرطان انتشاراً في لبنان
 
يحتلّ سرطان الثدي المرتبة الأولى في العالم، وفي لبنان، من حيث الانتشار، وتُصاب امرأةٌ من كل 8 سيدات بسرطان الثدي في حياتها، وفق الاختصاصي في الأورام في المركز الطبي في مستشفى الجامعة الأميركية، الدكتور حازم عاصي، فيما ربع حالات السرطان في لبنان تقريباً هي لسرطان الثدي.
 
واللافت أن 80 في المئة من حالات سرطان الثدي هي لنساء ليس لديهن تاريخ عائليّ مرضيّ، و20 في المئة تعود إلى الوراثة العائلية أو إلى خطأ في الجينات الوراثيّة، علماً بأن نسبة الإصابة بسرطان الثدي في لبنان شبيهة بالنسب الموجودة في الدول الأوروبية وأميركا الشمالية، ويعود السبب إلى عوامل عديدة.
 
لا يخفي عاصي أنه "بفضل حملات التوعية أصبح اكتشاف الإصابات بسرطان الثدي يتمّ في المراحل الأولى. وعندما نتحدّث عن مرحلة أولى وثانية يكون العلاج الأساسي هو العمل الجراحيّ، من دون الحاجة إلى العلاجات الكيميائية وغيرها. ومن المهم معرفة أن نحو 50 في المئة من سرطان الثدي لا تحتاج إلى علاج كيميائيّ".
 
وعن أبرز علاجات سرطان الثدي اليوم، يؤكّد عاصي أن لدينا نحو 5 علاجات مختلفة مكمّلة بعضها لبعض حسب كلّ حالة، وحسب خصائص الورم البيولوجية، منها العمل الجراحي، العلاج الشعاعي المكمّل للعمل الجراحي، العلاج الكيميائي، العلاج الهرموني (60-70 في المئة من أورام الثدي يكون لديها ER positive في مستقبل الإستروجين، وبالتالي تستفيد هذه الحالات من العلاج الهرموني)، والعلاج البيولوجي أو الموجّه، ويُعدّ من العلاجات المتطوّرة لسرطان الثدي. ويُعتمد هذا العلاج للحالات التي يكون فيها البروتين HER2 positive، وأخيراً العلاج المناعيّ الذي يُعدّ من العلاجات الحديثة في السنوات الأخيرة، وتستفيد من هذا العلاج حالات سرطان الثدي triple negative.
 
 
أما في المراحل المتقدّمة، التي تشكّل ما بين 15 و20 في المئة، حيث لا شفاء تامّاً فيها، فيكون الهدف تحويل سرطان الثدي من مرض قاتل إلى مرض مزمن. والعلاجات لمثل هذه الحالات تكون كيميائيّة، وهرمونيّة، ومناعية، أو موجّهة. وللأسف، هناك العديد من الأدوية سُجّلت في أميركا إلا أنها لم تُسجّل بعد في لبنان، حيث لم نسجّل في السنوات الثلاث الماضية أيّ دواء جديد للسرطان.
 
كذلك يُشير عاصي إلى فحوص الحمض النووي للورم في المراحل الأولى من المرض (مختبرات متخصّصة في أميركا) التي تساعد على معرفة ما إن كان المريض بحاجة إلى علاج كيميائيّ أم لا. وفي المراحل المتقدمة، يساعد هذا الفحص على اختيار العلاج والدواء المناسبين لكلّ ورم سرطانيّ (ويُسمّى الطبّ الموجّه). لكنّ لهذا الفحص في المراحل الأولى تكاليف إضافية وآلاماً نفسيّة وجسديّة على المريض.
 
 
أورام الجهاز الهضمي ثالث أنواع السرطان انتشاراً في لبنان
 
تؤكّد اختصاصية الأورام السرطانية في الجهاز الهضميّ الدكتورة سالي تمراز أن "سرطان الجهاز الهضمي ينقسم إلى عدة أنواع، لأنه ليس نوعاً واحداً، بل الأكثر شيوعاً في لبنان هو سرطان القولون والمستقيم، ثم الأورام السرطانية الأخرى الأقلّ شيوعاً مثل سرطان المعدة والمريء، وأورام الكبد والبنكرياس (الأخيرة أورام نادرة)".
 
تشير تمراز إلى أن العلاجات متوافرة لكلّ أنواع الأورام في الجهاز الهضمي، ونلاحظ تقدّماً كبيراً ودراسات حديثة تظهر نتائج إيجابية ومبشّرة للمرضى مقارنة بالسنوات الماضية. وسجّلت العلاجات الحديثة نسبة شفاء عالية في المراحل الأولى من المرض، وإطالة للحياة في المراحل المتقدّمة.
وبما أن لكلّ حالة خصائصها وطريقة علاجها، فمن المهمّ أن نعرف وفق تمراز أنه "عندما نتحدّث عن العلاج الكيميائيّ، يكون المرض نوعاً ما منتشراً (في المرحلة الثالثة أو الرابعة من سرطان القولون)، بينما لا نحتاج إلى إعطاء العلاج الكيميائي في المراحل الأولى من السرطان.
 
ثورة طبّية
أما عن العلاجات الحديثة في سرطان القولون، فتشدّد تمراز على أهمية العلاج المناعي الذي غيّر حياة مرضى كثيرين، وأطال حياتهم، وأحياناً زاد نسبة الشفاء لديهم. وتجدر الإشارة إلى أن 5 في المئة من مرضى سرطان القولون يستجيبون للعلاج المناعيّ نتيجة الخلل الجينيّ، وعاد إليهم الأمل اليوم.
 
كذلك شهدنا تطوّراً في علاج سرطان الكبد، ولا سيّما في علاج الأشعّة، وتسكير الشريان الذي يغذّي الكتلة السرطانيّة، ممّا يؤدّي إلى وفاة الخلايا السرطانية. وقد أظهرت الدراسات الحديثة مدى فاعلية العلاج المناعيّ والعلاج الموجّه للمرضى الذين لديهم ورم في الكبد. وقد أعطت نتائج إيجابية وأملاً في إطالة أمد الحياة، فيما العلاج المناعيّ ليس له أيّ دور في سرطان البنكرياس لغاية اليوم. ومع ذلك، شهدنا تطوّراً في العلاجات الكيميائيّة المتطوّرة التي تطيل عمر المريض، بعدما كان المريض في الماضي يموت خلال 5 أشهر تقريباً.
 
أما بالنسبة إلى الأورام السرطانية في المعدة والمريء، فالتركيز يكون على العلاجات الكيميائيّة إلى جانب الجراحة لضمان عدم معاودة المرض. وفي المراحل المتقدّمة، أظهرت الدراسات أنّ العلاج المناعيّ، بالإضافة إلى العلاج الكيميائي، يساعد على إطالة العمر.
 
 
أمراض الدم الخبيثة والأمل المنتظر
 
تتعدّد أمراض الدم الخبيثة، بما فيها سرطان الدم وأورام الغدد الليمفاوية والوَرَم النقويّ المتعدِّد... هذا ما تشرحه اختصاصية أورام الدم والسرطان الدكتورة نور مقلّد في حديثها.
 
وتشير مقلّد إلى أننا أمام تطوّر هائل في علاجات أمراض الدم الخبيثة، وأهمّها العلاجات الموجّهة، التي تعمل على أخطاء جينيّة معيّنة. وقد يترافق العلاج الموجّه مع العلاج الكيميائيّ في بعض الأمراض.
 
صحيح أن لبنان كان من الدول التي واكبت العلاجات السرطانية الحديثة، إلا أنّ الأزمة الاقتصادية وفقدان الأدوية أثّرا بطريقة أو بأخرى على بروتوكولات العلاج. وتشدّد مقلّد على أن المشكلة الأساسية أن "هذه العلاجات مكلفة جداً، والوصول إليها يتطلب تعاوناً من كلّ الجهات المعنيّة".
 
وعن أبرز العلاجات الحديثة، تتحدّث مقلّد عن العلاجات الموجّهة المناعيّة التي تعمل على تحفيز الجهاز المناعيّ، والتي أثبتت فاعليتها في أنواع عديدة من أورام الغدد الليمفاويّة.
 
وتقول "أما النوع الثاني من العلاج الحديث فهو غير متوافر بعدُ في لبنان، ونسعى كمركز طبيّ للحصول عليه، وهو نوع من العلاج المناعيّ، ويُسمّى Car T therapy، ويستخدم خلايا مناعيّة من المريض بعد تعديلها حتى تتمكّن من محاربة الخلايا السرطانيّة. كذلك شهدنا تطوّراً في عملية زرع نقي العظم (من المريض نفسه أو من متبرّع)، ونحصل اليوم على نتائج إيجابية ملموسة".
 
وتعترف مقلّد بأنه نتيجة الأبحاث والعلاجات الحديثة المتواصلة أصبحت السيطرة أفضل على أمراض الدم الخبيثة، وصارت احتمالات الشفاء أعلى حتى في بعض أنواع السرطان الصعبة.
 
 
 
تثقيف المجتمع
تشرح الاختصاصية في أمراض الدم والأورام، ومسؤولة برنامج الوقاية والحدّ من مرض السرطان في المركز الطبي للجامعة الاميركية في بيروت، الدكتورة هبة مقدّم، عمل هذا البرنامج في توعية وتثقيف المجتمع حول هذا المرض، وأهمّية الوقاية منه والكشف المبكر لخفض نسب الإصابة وزيادة نسب الشفاء.
 
تؤمن الدكتورة مقدّم بأن الوقاية خير من ألف علاج. وبالتالي، يحرص البرنامج على تنظيم نشاطات دورية وشهرية للحديث عن مختلف الأورام الخبيثة التي يمكن أن تُصيبنا. وجرت العادة أن لكلّ مرض شهراً للحديث عنه عبر نشاطات حيّة أو افتراضيّة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا البرنامج هو الأوّل من نوعه في لبنان، ويرتكز بشكل أساسي على زيادة التوعية بجميع أمراض السرطان، ولا سيّما الأكثر شيوعاً منها كسرطان الثدي، والرئة، والقولون، والبروستات لدى الرجال.
 
كذلك، ينظّم البرنامج حملات توعية للكشف المبكر عن مرض السرطان بواسطة صور أشعّة معتمدة عالمياً لمراحل عمريّة محدّدة (مثلاً صورة الثدي mammography لما بعد سنّ الـ٤٠، وصور الأشعة للرئتين ct scan low dose للمدخّنين، وإجراء منظار القولون للرجال والنساء فوق عمر الـ٤٥). وقد أثبتت الدراسات أن هذه الإجراءات الطبية قد تكشف المرض في مراحله الأولى بما يعزز نسب الشفاء بفرص عالية بل قد يساعد أحياناً على توقّي الإصابة به.
 
ويشجّع البرنامج على لقاحات قد تحمي من بعض أنواع السرطان (مثلاً: لقاح سرطان عنق الرحم، الذي يُعطى للفتيات بعد عمر الـ٩ سنوات). ويحذّر البرنامج من مضارّ التدخين، ويحثّ على تركه لكونه مسبّباً رئيسيّاً لعدد كبير من الأمراض المختلفة، منها سرطان الرئة والحنجرة وغيرهما.
 
 
 
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم