الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

التصلّب اللويحي... العلاجات الحديثة قلبت المقاييس!

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
كيف نجحت العلاجات في التخفيف من حدّة المرض؟
كيف نجحت العلاجات في التخفيف من حدّة المرض؟
A+ A-
اجتازت الأبحاث والمساعي الطبّية شوطاً كبيراً في مرض التصلّب اللويحي. صحيح أنْ لا علاج يشفي كلياً من المرض، لكن ما من شيء مستحيل في المستقبل. قلبت العلاجات الحديثة المقاييس في تجميد تطوّر المرض وتحسين حياة المريض، والتوعية ضرورية للكشف المبكر والتدخّل السريع ضمانة لعدم تدهور حالة المريض.
ينبغي التوقّف عند هذا المرض، والحديث عن أبرز العلاجات الحديثة التي أحدثت فرقاً بين الماضي والحاضر.
يؤكّد الاختصاصي في الأمراض العصبية والدماغ البروفسور سلام كوسا لـ"النهار"، أنّ التطوّر الذي شهده مرض التصلّب اللويحي من ناحية العلاجات لم يشهده أيّ مرض آخر من أمراض الدماغ والأعصاب. ففي التسعينيات كان علاج الكورتيزون الوسيلة المتّبعة لعلاج المرض، لكن الجهود والأبحاث أثمرت ظهور وتطوير أدوية جديدة تساعد في التخفيف من تطور المرض.
صحيح أننا لم ننجح بعد في إيجاد علاج يَشفي من مرض التصلّب اللويحي، إلا أنّنا قطعنا شوطاً كبيراً في العلاجات الحديثة، التي أثبتت فاعليتها وقدرتها على تجميد المرض والتخفيف من مضاعفاته وسرعته في التطوّر.
وفق كوسا، "يتطور المرض تدريجياً ونخشى أن يُسبب إعاقة عند المريض. وفي حال حدوث ذلك نفقد كلّ الأسلحة التي تساعدنا لمواجهة المرض. لذلك، تبرز أهمية العلاجات الحديثة التي أحدثت فرقاً في حياة المريض، وأهمّها:
* علاج بالأقراص: صحيح أنّ العلاج كان موجوداً سابقاً، إلا أنّ فاعليته وطريقة عمله في تجميد المرض اختلفت.
* علاج بالعروق: يدخل المريض إلى المستشفى ونعطيه العلاج لمدة أيام ونراقبه قبل الخروج.
لكن المفارقة الجديدة في هذه الأدوية والعلاجات أنها تُعطى لمدّة قصيرة لا طيلة السنة، ويتكرر العلاج في السنة الثانية. وقد تمرّ فترة طويلة قبل أن يُضطرَ إلى الخضوع للعلاج".
 
"قوّة هذه الأدوية أنها لا تخفف المناعة بطريقة مستديمة بل تخففها بطريقة متقطّعة. وعليه، نُعطي المريض الدواء الذي يُعدّل من مناعة الجسم، ويوقف دخول الخلايا الالتهابية التي كانت تضرب الخلايا الدماغية. ومن ثم يُعيد الجسم تكوين خلايا سليمة، وهذه قوّة العلاجات التي لم نعد نُضطرّ إلى إعطائها طيلة الوقت، بل لفترة زمنية محددة كفيلة بتحسين صحّة المريض".
ويبدي كوسا تفاؤله بهذه العلاجات التي أحدثت تغييراً سواء في طريقة تناولها أو مدّتها، بالإضافة إلى فاعليتها في تجميد المرض وضمان عدم تطوّره بشكل سريع وتدريجي.
وأهمّ ما علينا معرفته، أنه سابقاً كنّا نلجأ إلى أدوية ملطّفة immunomodulateur لها أعراض وآثار جانبية خفيفة، وذات فاعلية خفيفة أيضاً. أما اليوم فأصبح لدينا أدوية immunosuppresseurs تخفف من مناعة الجسم. ويجب مراقبة المريض عند قرب عند إعطائها، لأنّ أعراضها الجانبية تكون أقوى، إلّا أنّ فاعليتها تكون أكبر.
إذاً، بفضل هذه الأدوية استطعنا أن نطيل من عمر المريض أكثر، وربما قد ننجح في المستقبل في إيجاد أدوية تشفي
من هذا المرض بشكل كامل.
 
وعن نسبة المصابين بالتصلّب اللويحي في لبنان، يشير كوسا إلى أنه "يقدر اليوم نحو 2000 إلى 2200 حالة تخضع للعلاج في لبنان. ما يعني أنّ نسبة عدد المصابين بالمرض تترواح بين 60-65 شخصاً من كلّ 100 ألف شخص. وتعدّ هذه النسبة متوسطة مقارنة بدول أخرى، كما يُعرف أنه كلما اقتربنا من خط الاستواء والدول الحارّة تكون نسبة الإصابة بهذا المرض أخفّ".
ويشرح كوسا أهمّ أسباب الإصابة قائلاً: "حتى الساعة ما زالت أسبابه مجهولة، وما نعرفه هو حدوث خلل في الجهاز المناعي عند المصابين بالتصلّب اللويحي. العامل الوراثي ضيئل جداً، فيما تؤدي الأسباب البيئية دوراً في مخاطر الإصابة ومنها نقص الفيتامين د، والبدانة والإصابة بأنواع من الفيروسات في سنّ الطفولة، والتدخين...".
 
يُصيب هذا المرض الفئة العمرية بين 20 و40 ولكنه أكثر شيوعاً عند النساء من الرجال. ولأنه من الأمراض المناعية الذاتية، يفرز الجسم خلايا التهابية تضرب وتهاجم خلايا الجسم السليمة، ومن بينها خلايا أعصاب الدماغ والنخاع الشوكي. وحسب منطقة الإصابة وبؤر الالتهاب يظهر العارض، وهذا ما يفسر اختلاف العارض بين شخص وآخر، ويمكن إدراجها ضمن العلامات التحذيرية التالية:
* الإصابة في منطقة النظر: مشاكل في البصر وعادة تكون في عين واحدة.
* الإصابة في منطقة التوازن: فقدان في التوازن.
* الإصابة في منطقة الإحساس: شعور بالوخز والخدر.
* الإصابة في النخاع الشوكي: يؤدي إلى شلل في منطقة من الدماغ.
* مشاكل في المثانة والتبوّل.
* إرهاق وتعب.
وفي غالبية الحالات، يعاني المريض نكسة أو هجمة، إذ يعاني الشخص عارضاً صحّياً من هذه العوارض، وقد يزول بعد أيام من دون أن يعالجه وخصوصاً في بداية الإصابة. ولكن إذا لم يُعالَج وتُشخّص حالته الطبّية بشكل صحيح، فإنّ ذلك سيسبب إعاقة المريض، إذ يتطور المرض تدريجياً وتكون خيارات العلاج وإمكانيتها في تحسين حالته قليلة وضئيلة.
"لذلك نشدد على أهمية تشخيص المرض في أولى مراحله، لأنّ التأخير في العلاجات والتدخّل قد يؤثر على فاعلية العلاجات ونتائجها الإيجابية، ويتعذّر علينا تحسين حالته".

ويختم كوسا متوجهاً برسالة: "ليس كلّ من يعاني تخدّراً أو تنميلاً في يده أو ساقه مصاباً بالتصلّب اللويحي. وحده الطبيب قادر على تشخيص الحالة. لذلك طبيب العائلة كفيل بإرشاد الشخص إلى الطبيب المختصّ وفق حالته. أما الأهمّ أنّ مرض التصلّب اللويحي ليس مخيفاً، وقد قلبت العلاجات الحديثة المقاييس على الرغم من تعذّر إيجاد علاج يشفي من المرض حتى الساعة. ولأنّ المعلومات المتداولة كثيرة وغير دقيقة في كل المواقع، ننصح بالاطلاع على كلّ التفاصيل الطبّية من خلال جمعية خاصة تُعنى بالتصلّب اللويحي، وأن يكون المريض جزءاً منها من خلال انتسابه إليها، فهي تساعد في التعامل مع مرضه واحتوائه على كل الصُعد".

 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم