الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

بعد ولادة الطفلة آية من أول عملية زرع رحم في لبنان... الأم حامل مرة ثانية "نعمة مزدوجة أشكر الله عليها"

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
حامل بطفلها الثاني بعد خضوعها لأول عملية زرع رحم في لبنان والشرق الأوسط
حامل بطفلها الثاني بعد خضوعها لأول عملية زرع رحم في لبنان والشرق الأوسط
A+ A-
13 كانون الأول 2020 تاريخ محفور في قلب ريهام شحادة وزوجها، هي التي انتظرت طويلاً وانكسرت كثيراً وتحطمت آمالها في أن تصبح يوماً أماً، تحقق حلمها المستحيل في لبنان. إنجاز طبي أبطاله أطباء وفريق طبي عملوا جاهدين لإنجاح أول عملية زرع رحم في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط، وما اختبرناه من فخر وفرح بعد نجاح أول ولادة طفل بعد عملية زرع رحم في فرنسا على يد البروفيسور اللبناني جمال الأيوبي، يتكرر اليوم ببشرى جديدة. ريهام، الأم التي انجبت اول طفلة من أول عملية زرع رحم في لبنان حامل بطفلها الثاني وأشهر قليلة تفصلنا عن فرحة جديدة .
محطات عديدة اجتازتها ريهام لتصل إلى يوم الحلم، في 21 حزيران 2018 خضعت ريهام لزرع الرحم في لبنان، وفي 30 أيار 2019 خضعت لعملية تلقيح الجنين. وفي 13 كانون الأول حملت ريهام أمومتها بين يديها واحتضنتها في عند الخامسة إلا عشرة. تواريخ يصعب عليها أن تنساها كما يصعب على القطاع الطبي اللبناني أن ينساها. وجوه كثيرة كانت خلف هذا الإنجاز الطبي الذي طبع بصماته في العالم، وعلى رأسها الدكتورة رندا عاقوري.

تتحدث ريهام شحادة، المرأة الأولى في الشرق الأوسط التي أنجبت أول طفلة بعد عملية زرع رحم في لبنان، لـ"النهار" عن خبر حملها الثاني قائلةً "لقد كان عليّ السفر بمفردي من الأردن إلى لبنان دون زوجي وابنتي، كان موقفاً صعباً أن أتركها إلا أنني فضلت عدم المجازفة لحمايتها من الفيروس خصوصاً في ظل الظروف الصحية التي تعصف بكل الدول. لم يكن سهلاً أن ابتعد عنهما لأحاول فرصة الحمل مرة جديدة. وبالفعل خضعتُ لتلقيح البويضة في 15 تشرين الأول 2020، وبعد مرور 12 يوماً علمتُ انني حامل. لم يكن عليّ سوى تناول بعض الأدوية كأي عملية طفل أنبوب وهي تجهيزات عادية اختبرتها سابقاً مع طفلتي الأولى آية".
لا تُخفي ريهام فرحتها وما شعرت به، لا تنكر أنه صحيح "أن خبر حملي ليس الأول، وأن آية كانت فرحتنا الأولى عندما وُلدت وزينت حياتنا بوجودها وضحتكها وحركاتها الطفولية، إلا أن ما شعرتُ به عند سماع خبر حملي مرة جديدة يصعب وصفه في كلمات "شعور ما بينوصف".
 

تؤكد ريهام أن "ما تعيشه اليوم أكبر نعمة، ولم تتصور أنها ستعيش كل هذه اللحظات السعيدة والجميلة، ما كنتُ عليه قبل خضوعي لعملية زرع رحم ليس كما بعده. حياتي انقلبت رأساً على عقب، وفرحتي ستتحوّل بعد أشهر قليلة إلى فرحتين، نعمة مضاعفة وحلم الأمومة يتحقق مرة أخرى. لم أكن أتوقع بحياتي كلها أن أختبر كل هذه النعم والفرحة التي أعيشها في حياتي، أشعر أحياناً أني أعيش حلماً ويكفيني أن أنظر إلى عينيّ إبنتي حتى أدرك حجم الفرح والامتنان الذي يسكن داخلي."
تفكر ريهام بكل شيء وتحسب للمدى البعيد، لا تريد المجازفة أكثر، تعرف قيمة كل نعمة حصلت عليها، تشير إلى أنها "لن تقدم على محاولة ثالثة، لا أريد المخاطرة فالأدوية التي اتناولها قد يكون لها آثار جانبية على المدى الطويل. أريد أن أهتم بصحتي حتى أستطيع الاهتمام بهما، لذلك لن أفكر في الإنجاب مرة ثالثة وأنا ممتنة على كل شيء.
 

تعرف ريهام جيداً أن نعمة الأمومة التي اختبرتها لم تكن لتتحقق لولا سند ودعم عائلتها (والديها) "لن أنسى فضلهما عليّ، وكل الناس التي كانت إلى جانبنا، "الحمدلله ". لقد ساندني والدي نفسياً ومادياً، أما والدتي فكانت سندي وقوتي نفسياً وجسدياً (بوهبها رحمها) ومعنوياً. حتى زوجي لم يتركني للحظة وتخطينا كل الصعوبات منذ بداية مشوارنا، وكان أهله يدعموننا ولم يتركونا للحظة. شاكرة كل شخص وقف إلى جانبي ودعمني في هذه المحنة وصولاً إلى ما نحن عليه اليوم. كما أشكر مركز بلفو الطبي الذي وقف إلى جانبنا منذ بداية الطريق، وبفضله أنا اليوم أحضن ابنتي الأولى وفي انتظار الولادة الثانية".
وتختم قائلة: "أعجز عن وصف سعادتي، فابنتي آية تملأ منزلنا ضحكات وفرحاً، وإبني الذي يكبر في أحشائي سيضاعف هذه السعادة التي نتنعم بها. عندما استرجع شريط حياتي، لا أصدق كل ما مررتُ به، وربما أراد الله أن يكافئني على تعبي وعلاجاتي الطويلة التي دامت لأكثر من 5 سنوات التي لم تجد نفعاً بل على العكس دمرتني وحطمتني وكسرت أحلامي وآمالي. لكن مراسلة إلى تواصل فموعد غيّرت حياتي للأبد وقطعت أشواطاً حتى اجتزنا عملية زرع الرحم التي كتبت لي فصولاً جديدة ونهاية سعيدة لم أكن لأحلم بها".
 

كيف يشرح الطب حالة ريهام؟ وماذا يقول للنساء؟
يشرح البروفسور في الجراحة النسائية والتوليد والرئيس الفخري لقسم الأمراض النسائية والتوليد في مستشفى ومركز بلفو الطبي جوزف عبود أن "المريضة كانت تعاني من رحم طفولي أو تولد الفتاة دون رحم أو مهبل، ولكن بوجود المبيض الذي يعمل بشكل طبيعي. ولا يمكن معرفة هذه الحالة الطبية إلا بعد أن تلاحظ الفتاة غياب الدورة الشهرية وبالتالي تكشف الصور الصوتية عدم وجود الرحم. وفي هذه الحالة لا يوجد علاج لهذه المشكلة الصحية سوى بزرع الرحم."
ويضيف أنه "من المهم لكل امرأة أن تعرف أنه لنجاح هذه العملية يجب أن يكون لديها مبيض. خضعت المريضة أولاً لسحب البويضات وتمّ تلقيحها ببذرة زوجها وتجميد الأجنة في المختبر. أما الشرط الثاني الذي يجب أن يتوافر لإجراء جراحة زرع الرحم أن تكون الواهبة لها صلة قرابة بالمريضة (والدتها- شقيقتها- أو غحد قريباتها) والتأكد من تطابق الأنسجة كما هي الحال مع زرع الرئة وعدم وجود أي جفاف في الشرايين عند رحم الواهبة".
 

تفاصيل الجراحة
وعن عملية زرع الرحم، يشرح عبود أنه "بعد التأكد من كل الفحوصات والصور، نجري عملية الزرع من خلال تحضير المريضتين الواهبة والمتلقية في غرفتين منفصلتين، حيث يعمل الفريق الطبي الأول على استئصال الرحم الذي يعتبر أكثر صعوبة، وتستغرق العملية حوالى 12 ساعة، في حين يعمل الفريق الطبي الثاني على زرع الرحم الذي يستغرق نحو 6 ساعات. وبعد اجراء الجراحة، تخضع المريضة إلى علاج بالمضادات لتفادي رفض الجسم للرحم، ونحرص على استخدام أدوية لا تؤثر على نمو الجنين لاحقاً في الرحم".
وأشار إلى أنه "بعد عملية الرزع تخضع المريضة لخزعة كل اسبوعين في عنق الرحم للتأكد من فعالية العلاج الدوائي وعدم رفض الجسم للرحم. وبعد مرور 11 شهراً والتأكد من صحة سير الأمور بشكل طبيعي ودون خوف من الرفض، تمّ تلقيح المريضة بالجنين (بعد سحب البويضة وتلقيحها مع بذرة زوجها) ونجح الحمل من التجربة الأولى بعد 7 أيام على التلقيح. وكان الحمل جيداً ولم نواجه أي مشاكل او مضاعفات، وخلال الأسبوع الخامس والثلاثين من الحمل، ولدت طفلة جراء عملية قيصرية تزن 2.6 كيلوغرامين بصحّة جيدة. ولم تحتج الطفلة إلى couveuse، وهي من الأطفال القلائل الذين ولدوا بعد عملية زرع رحم في العالم ولم يحتاجوا إلى رعاية صحية بعد الولادة.
متى يجب استئصال الرحم؟
وعن ضرورة استئصال الرحم بعد مرور 5 سنوات، يوضح عبود أن "الرحم ليس من الأعضاء الرئيسية التي لا يمكن العيش بدونها مثل الرئة، وبالتالي بعد اجراء عملية زرع الرحم بهدف الإنجاب يمكن استئصاله وتفادي العلاجات الطويلة والدائمة لضمان عدم رفض الجسم له. على سبيل المثال الذي خضع لزرع رئة عليه الخضوع لعلاج مناعي دائم ولا يمكن العيش من دونه، في حين يمكن للمرأة بعد انجاب طفل او طفلين استئصال الرحم والتوقف عن تناول الأدوية التي سيكون لها تأثير ومضاعفات جانبية على المدى الطويل".
ويختم عبود قائلاً إن "كل امرأة تعاني من رحم طفولي أو عدم وجود رحم، أو التي استأصلت رحمها بعد نزيف من ولادتها الأولى أو سرطان، ولديها مبيض يعمل بشكل طبيعي، يمكنها أن تخضع لعملية زرع رحم شرط توافر الواهبة وتطابق الأنسجة".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم