مع العودة إلى الحياة الطبيعية، تراجع معدل التشدد في الإجراءات الوقائية، خصوصاً ان معدلات الإصابة بكورونا في لبنان تراجعت بشكل ملحوظ. ووفق ما يبدو واضحاً أن ثمة أشخاصاً لا يزالون يتشددون في إجراءات الوقاية من تباعد واستخدام كمامة والحد من اختلاط اجتماعي خوفاً من التقاط العدوى، فيما يبدو آخرون أكثر تساهلاً في النظرة إلى اليفروس والإجراءات الوقائية منه.
أما الاستهتار فواضح أيضاً لدى البعض الذين باتوا ينفون وجود الفيروس وكأن انخفاض معدلات الإصابة يعني أن الفيروس لم يعد موجوداً ويمكن التخلي عن اي إجراءات وقائية. فأي سلوكيات صحيحة يُفترض أن تتبع في لبنان في هذه المرحلة التي تراجع فيها معدل الإصابات بكورونا وتكثفت حملات التلقيح، لكن لا يزال الفيروس موجوداً في حياتنا وهذا ما لا يمكن أن ننكره؟
هل أصبح ممكناً التخلي عن الكمامة والإجراءات الوقائية في هذه المرحلة؟
استناداً إلى توصيات الـCDC أصبح من الممكن للأشخاص الذي تلقوا اللقاح أن يتخلوا عن الكمامة في الأماكن العامة. كما يمكن لهؤلاء التخلي عن الكمامة أثناء الوجود ضمن مجموعة من الأشخاص الذين تلقوا القاح جميعاً أثناء الوجود في الداخل. لكن السؤال المطروح هنا، هو ما إذا كان هذا الواقع ينطبق على لبنان. فهل يمكن اللبنانيين التخلي عن الكمامة بالمطلق بعد تلقي اللقاح؟
وفق ما يوضحه طبيب الأمراض الجرثومية في مستشفى الحريري الدكتور بيار أبي حنا أن الوضع في لبنان مختلف تماماً عما هو عليه في الولايات المتحدة الأميركية حيث أنه لا يمكن تطبيق هذه القاعدة. ففي الولايات المتحدة تخطت نسبة التلقيح الـ 60 في المئة من مجموع المواطنين، فيما لم تتخطَّ في لبنان الـ 13 أو 14 في المئة. وحتى في الولايات المتحدة ثمة انتقادات لهذه التوصيات من هيئات صحية أخرى لاعتبار أن الوقت لا يزال مبكراً لذلك.
برأي أبي حنا، لا يزال الوقت مبكراً للتخلي عن الكمامة والتخلي عن الإجراءات الوقائية لأن معدلات من تلقوا اللقاح في لبنان لا تزال منخفضة جداً، لكن ما من مانع طبعاً التخلي عن الكمامة عند وجود مجموعة من الاشخاص الذين تلقوا اللقاح في مكان ما، وإن لم تصدر توصيات رسمية بذلك.
ويشير إلى أنه بحسب ما تبيّن إلى اليوم إن خطر التقاط العدوى أو نقلها ينخفص جداً لدى من تلقي اللقاح. فيبقى ذلك ممكناً لكن بنسبة أقل بكثير مقارنة بمن لم يتلقّ اللقاح، خصوصاً في ما يتعلّق بلقاحات فايزر ومودرنا وأسترازينيكا (بنسبة أقل) وحتى سبوتنيك، فيما ثمة علامات استفهام حول لقاح سينوفارم ومعدل فاعليته لدى الكل.
`وبالتالي كون معدل التقاط العدوى ونقلها يخف، يمكن التخفيف إلى حد ما من الإجراءات الوقائية عند تلقي اللقاح، شرط التصرف بحكمة ومنطق. إنما يبدو واضحاً أن الأمور اصبحت أكثر سهولة اليوم في ما يتعلّق بالعودة إلى الحياة الطبيعية.
هل ينطبق ذلك على كافة الاشخاص؟
يبقى الاشخاص الذين يعانون ضعفاً في المناعة ومن هم في سن متقدمة ويعانون مشاكل مناعة أكثر عرضة للخطر ومن الضروري أن يكونوا أكثر حرصاً في الإجراءات الوقائية، حتى بعد تلقي اللقاح لكونهم قد يكونون أقل تجاوباً مع اللقاح. لكن في كل الحالات، من المتوقع الوصول إلى مرحلة أفضل بعد مع زيادة معدلات التلقيح، شرط الحرص اليوم على الإجراءات الوقائية تجنباً لموجة جديدة من الفيروس.
كما يدعو ابي حنا إلى سلوكيات تستند إلى المنطق يمكن فيها التصرف والخروج بمزيد من الراحة لكن دون التخلي عن الكمامة إلا بوجود أشخاص كلّهم تلقوا اللقاح. أما في الحالات الباقية فلا يمكن التخلي تماماً عن الكمامة في كل الأوقات بعد تلقي اللقاح.
انخفضت معدلات الإصابة بكورونا بشكل ملحوظ في لبنان، ما السبب الأساسي لذلك؟
السبب الرئيسي، بحسب أبي حنا، وراء الانخفاض الكبير في عدد الإصابات هو في انحسار الموجة التي انتشرت في موسم الشتاء وأدت إلى هذا الارتفاع الكبير الذي شهدناه في عدد الإصابات. ومن الواضح ان تغيير الطقس لعب دوراً إضافياً في تراجع عدد الإصابات حيث أن الناس أصبحوا يخرجون ويلتقون خارجاً بمعدلات أكبر ما يخفف من خطر التقاط العدوى ونقلها.
من جهة أخرى، وإضافة إلى حملة التلقيح ترتفع معدلات من أصيبوا بالفيروس إلى أكثر من 40 في المئة بحيث أصبح المعدل أقرب إلى المناعة المجتمعية، بشكل أو بآخر. لكن في ما يتعلق بالحماية الناتجة من الإصابة بالفيروس، يشدد أبي حنا على أن العلم لم يعط كلمته النهائية في هذا المجال.
صحيح أن من يصاب قد يكتسب مناعة خلال أشهر إلا أن اللقاح يبقى ضرورياً لحماية فضلى أكثر فاعلية تدوم لوقت أطول. علماً أنه في فرنسا تعطى جرعة واحدة من اللقاح لمن أصيب بالفيروس، إنما في لبنان تعطى جرعتين من اللقاح الذي يعتبر ضرورياً بشكل خاص لمقاومة السلالات المتحورة للفيروس بفاعلية كبرى، مقارنة بما يحصل عند الإصابة بالفيروس والتي قد لا تؤمن هذه الحماية فعلاً.