السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

توقف قلبها مرتين... وفاة الطفلة ميرال بعد رحلة البحث عن سرير في العناية الفائقة!

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
الطفلة ميرال الجندي.
الطفلة ميرال الجندي.
A+ A-

لم تصمد الطفلة ميرال الجندي إبنة الـ5 أشهر طويلاً أمام الحرارة المرتفعة، توقف قلبها مرتين قبل أن تنجح الجهود الطبية في إنعاشها. لكن في بلد مثل لبنان حيث يُقاوم قطاعه الطبي للصمود، يبدو أن غياب أسرّة عناية فائقة للأطفال تقتل أجساداً صغيرة لا ذنب لها.

باتت هذه الواقعة تتكرر، ما تشهده مستشفيات لبنان يصعب حصره في بعض القصص، وجع، موت وتقاعس مسؤوليات. أسئلة كثيرة وهواجس أكبر، وما كان يعتبر مصدر أمان لمعالجة أوجاعنا، تحوّل إلى مصدر يهدد حياتنا. من المسؤول عما وصلنا إليه؟ ولماذا يتقاذف
الجميع المسؤولية عوض زيادة أسرة العناية الفائقة للأطفال لتفادي هذه المأساة المستمرة؟

بالأمس ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بقصة ميرال الجندي، هذه الطفلة التي فارقت الحياة. لم تكن المعلومات المتداولة صحيحة بكل تفاصيلها، إلا أن فاجعة الموت حلّت على هذه العائلة. خسارتها لا تعوض، لكن صرختها لإنقاذ أطفال آخرين قد يواجهون المصير نفسه نتيجة غياب أسرّة كافية لهم في العناية الفائقة.

يروي عمّها زياد الجندي تفاصيل ما جرى مع ميرال منذ أن مرضت حتى استسلامها ورحيلها، يقول لـ"النهار": "عانت طفلتنا من حرارة مرتفعة وسخونة عادية ككل الأطفال، تواصلت العائلة مع طبيبها الذي وصف لها الأدوية، إلا أن حالتها لم تتحسن. وبعد 3 أيام، توجه بها والداها إلى طوارئ مستشفى الخير في المنية، كانت حالتها سيئة وتعاني نقصاً في الأوكسجين. وبعد توقف قلبها مرتين، تمنوا على الأهل نقلها إلى عناية فائقة للأطفال لمتابعة حالتها الطبية الطارئة".
 

 
ما يدعو للاستغراب أن قضاء بأكلمه لا يوجد فيه سوى مستشفى طرابلس الحكومي الذي يوجد فيه غرف عناية فائقة للأطفال. كيف يمكن لهذا المستشفى في محافظة الشمال أن يتابع كل حالات الأطفال الحرجة؟ ولماذا لا يوجد أكثر من عناية فائقة خاصة للأطفال في الشمال؟
 
لم يكن على والديّ ميرال سوى الاتصال لتأمين سرير لها في مستشفى طرابلس الحكومي. وبعد وعدٍ من الأخير في تأمين سرير لها في اليوم التالي، إلا أنه اعتذر عن قدرته على استقبالها بحجة عدم وجود سرير. يؤكد عمّها زياد أنه "بقيت ميرال في طوارئ مستشفى المنية منذ 1130 مساء الأحد حتى الثانية من يوم الإثنين. لم تشفع كل اتصالات ومحاولات فعاليات المنطقة في ادخالها إلى مستشفى طرابلس، وبعد الاتصال بوزير الصحة، تمّ تأمين سرير لها في مستشفى الكرنتينا في بيروت. هذه الساعات الطويلة التي
قضتها الطفلة من دون رعاية طبية خاصة لحالتها، جعل وضعها الصحي يتدهور أكثر".

كانت حرارة الطفلة ميرال تتأرجح صعوداً ونزولاً، وكذلك نسبة الأوكسجين. وفق عمّها "أدخلت أخيراً إلى غرفة العناية المشددة عند الساعة الثالثة والنصف تقريباً نهار الاثنين. لكن لم تصمد هذه الطفلة أكثر من 24 ساعة، لنتبلغ أنها توفيت، وأن جسدها الصغير لم يتحمل أكثر. رحلت ميرال وتركت خلفها أسئلة كثيرة، لماذا رفض مستشفى طرابلس الحكومي استقبالها؟ وهل يعقل أنه لم يتمكن من تأمين سرير لها خصوصاً أنه على معرفة بحالتها الحرجة؟ ولماذا لا يوجد في الشمال سوى مستشفى واحد فيه عناية متخصصة للأطفال؟"
 

 
لدى عائلتها الكثير لتقوله، وحسب ما أكد عمها أن "وزير الصحة وعدهم في فتح تحقيق بما جرى ومعرفة سبب رفض مستشفى طرابلس الحكومي استقبالها. كل ما تتمناه عائلتها اليوم أن تحصل على أجوية تخفف ولو قليلاً من حرقة قلبها على طفلتهم الصغيرة. ما ذنبها أن تدفع ثمن تقاعس المستشفى وغياب الأسرة الخاصة بالعناية المشددة، ذنبها الوحيد أنها في لبنان، في بلد التناقضات والفوضى والذل".
لم ترد مستشفى طرابلس الحكومي على اتصالنا المتكرر، لم يجب علينا أحداً لمعرفة تفاصيل ما جرى والسبب الحقيقي وراء عدم استقبالهم للطفلة.
 
قصة ميرال تُذكرنا بقصة الطفلة جوري التي كُتب عليها الرحيل أيضاً بعد تعذر إيجاد سرير في العناية المشددة للأطفال. المأساة تتكرر، الموت يخطف أطفالاً لا ذنب لهم سوى أنهم عانوا مضاعفات في حالتهم الصحية. ماذا ننتظر بعد حتى يقرر المعنيون زيادة وتوسيع أقسام عناية مركزة للأطفال متخصصة في متابعة ومعالجة هذه الحالات الحرجة؟ متى نتوقف عن تبادل المسؤوليات والاتهامات ونسعى إلى تحسين القطاع الصحي وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان؟ هل من يعي خطورة ما وصلنا إليه في لبنان؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم