الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

نوبار أفيان: لم نلاحظ عوارض جانبية خطيرة لدى 30 ألف شخصٍ شاركوا في اختبار اللقاح

المصدر: "النهار"
نوبار أفيان.
نوبار أفيان.
A+ A-
 
زينة طراد
 
نوبار أفيان هو مؤسّس شركة Flagship Pioneering التي ساهم من خلالها في إنشاء العديد من الشركات ومنها "موديرنا" التي يتولى حالياً رئاسة مجلس إدارتها. يتذكّر أفيان مسيرته المهنية على مدار 30 عاماً من العمل في مجال الهندسة البيوكيميائية، حيث كرّس حياته للابتكار وتحويل الاختراعات إلى مبادرات ومشاريع قابلة للحياة. فقد ساهم في إنشاء خمسين شركة ونال نحو مئة براءة اختراع!
 
في شباط الماضي، أعلنت شركة "موديرنا" الأميركية أنها ابتكرت نوعاً جديداً من اللقاح المتطور للوقاية من "كوفيد 19"، من خلال استخدام تقنية مستحدَثة لم تُستعمَل من قبل لدى الإنسان، وتُعرَف بتقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) التي تقوم على حقن الشخص بجُزيء قادر على حمل الخلايا على توليد دوائها الخاص. بحسب أفيان، المهندس المتخصص في الكيمياء الحيوية، تصل نسبة فاعلية اللقاح mRNA-1273 إلى 94.1 في المئة، حتى إنه يؤمّن حماية دائمة قد تمتد لفترة 120 يوماً: "إنها نتيجة ممتازة. وحفظه أسهل مقارنةً باللقاحات الأخرى، إذ يمكن حفظه في درجة حرارة الغرفة لمدة يوم واحد، وفي البراد لمدة 30 يوماً، وعند درجة حرارة 20 تحت الصفر لمدة ستة أشهر". وهذه ميزة مهمة مقارنةً باللقاح المنافس الذي أنتجته شركة "فايزر" والذي يحتاج إلى درجة حرارة 70 تحت الصفر لحفظه. إنه لقاح معجزة إذا صح التعبير، وقد أثار مخاوف لا سيما في ما يتعلق بالآثار الجانبية التي يمكن أن تزيد عند تلقّي الجرعة الثانية. يعلّق أفيان في هذا الصدد: "إنه رد فعل شائع في حالة عدد كبير من اللقاحات، وفقاً للمسؤول عن المختبر. لم نلاحظ عوارض جانبية خطيرة لدى 30000 شخص شاركوا في اختبار اللقاح".
 
شركة "موديرنا" رائدة في تقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال التي تمنحها ميزة تنافسية واضحة سوف تتيح لها ابتكار حلول علاجية أخرى، إلى جانب اللقاح الحالي الذي يتصدّر الأخبار حول العالم. الشركة هي في الواقع بمثابة جسر بين التكنولوجيا الحيوية والتكنولوجيا البحت. وعندما يتكلل أحد منتجاتها بالنجاح، تستطيع استخدام التكنولوجيا نفسها لتطوير المنتج التالي مع نسبة نجاح عالية جداً؛ هنا تكمن روعة استراتيجيتهم التجارية. إنه تنظيم فريد من نوعه في علوم الحياة حيث لا تكون البرامج عادةً مترابطة في ما بينها.
 
في عام 2011، أراد أفيان على رأس "موديرنا" ابتكار وسيلة لحقن جزيء في جسم الإنسان يدفع خلايا المريض إلى توليد علاجها الخاص. ولهذه الغاية، قرر الاستعانة بالعالِم الكيميائي الأحيائي ستيفان بانسل من مرسيليا. اعتمدت الشركة مقاربة ثورية من خلال تقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال الذي تنتفي معه الحاجة إلى صنع بروتينات: ففي هذه الحالة، جسم الإنسان هو الذي يصنع البروتينات بتحفيز من الحمض النووي الريبوزي المرسال. وبعد تسع سنوات، في عام 2020، وضعت "موديرنا" بروتوكولاً أتاح لها ابتكار اللقاح للوقاية من "كوفيد 19". يمكن تطبيق تقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال على مختلف الأمراض، مثل السرطان والألزهايمر وفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)... فهي عبارة عن جُزيء ينقل المعلومات. إذا نجح الجزيء في اختراق الجسم البشري، لا شيء يستطيع إيقافه. وفي حال تكللت هذه التقنية فعلاً بالنجاح، سوف تشكّل مفصلاً أساسياً في عالم الطب.
 
يتحدث أفيان عن أصوله: "عاشت عائلتي تجربة المنفى على مر ثلاثة أجيال. اضطُرّ جدّاي الأرمنيان إلى الفرار من تركيا إلى بلغاريا، البلد المجاور الذي كان أليفاً بالنسبة إليهما. أبصر والدي النور في بلغاريا، ولكن عندما وصلت إليها الشيوعية، انتقل إلى اليونان ثم إلى لبنان الذي لم تطأه قدماه سابقاً. كان مهندساً معمارياً، إلا أنه اضطُرّ إلى خوض غمار جديدة في مجال استيراد وتصدير المواد البلاستيكية في بيروت حيث ولدت. كانت أعماله تسير جيداً، لكنه ترك لبنان هرباً من الحرب الأهلية. كان عمري 13 عاماً، وكنت الولد الأصغر سناً في عائلة من ثلاثة أبناء. وقد انتقلنا للإقامة في مونريال. واليوم أنا مواطن أميركي. وزوجتي آنّا، وهي أيضاً عالِمة كيميائية أحيائية، من الجنسية السويدية".
 
في 11 كانون الثاني 2020، أعلنت الصين عن التسلسل الجيني للفيروس، فاحتاجت "موديرنا" إلى بضعة أيام فقط لوضع البروتوكول المناسب. وبعد 42 يوماً، اقترحت لقاحاً في قارورة صغيرة يمكن حقنه في جسم الإنسان، مسجِّلةً بذلك رقماً قياسياً عالمياً، ثم انطلقت التجارب السريرية للتأكد من فعاليته ومأمونيته. يقول أفيان إنه سوف يتلقّى اللقاح بنفسه "ما إن يصبح ذلك ممكناً"، مضيفاً أن "ابنه وبناته الثلاث ينتظرون اللقاح بفارغ الصبر!".
 
قبل بضعة أيام، أُقيمت في مرسيليا ندوة علمية بالغة الأهمية بعنوان Méditerranée du futur، وشارك فيها ديدييه راولت، الطبيب المتخصص في الأمراض المعدية، وستيفان بانسل، الرئيس التنفيذي لشركة "موديرنا"، للحديث عن الأوبئة.
وقد ألقى راولت الذي يحظى بالدعم المطلق لرئيس منطقة جنوب فرنسا، رينو موزوليه، مداخلة في الجلسة الافتتاحية اعتبر فيها أن "مَن يدير القطاع العلاجي في العالم في المرحلة الراهنة ليسوا الأطباء ولا الدول، بل الصناعة الصيدلانية".
 
وكشف بانسل، وهو أيضاً من مرسيليا، عن مسار حملة التلقيح المرتقبة مشيراً إلى أن الأشخاص المتقدمين في السن والعاملين في القطاع الطبي والأشخاص المصابين بأمراض خطيرة سيحصلون أولاً على لقاح "موديرنا" بين أواخر العام الجاري والفصل الأول من سنة 2021. وتوقّع أن يجري "تلقيح غالبية البالغين الراغبين في الحصول على اللقاح بحلول حزيران المقبل"، مضيفاً: "من المرتقب أن يحصل المراهقون على اللقاح خلال الصيف المقبل، وسوف نكون أمام عودة طبيعية إلى مقاعد الدراسة في السنة الدراسية 2021-2022". يتوقّع بانسل عودة الحياة إلى طبيعتها "خلال الصيف، حيث سنتمكّن مجدداً من تبادل القبل، ورؤية الأصدقاء، والسفر من دون الخشية من نقل العدوى إلى الآخرين".
 
-ترجمة نسرين ناضر
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم