الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

قانون مجحف وجراحات لا تندمل... جرحى يناشدون ووزارة الصحة توضح!

المصدر: النهار
الحريق الذي أعقب الزلزال.
الحريق الذي أعقب الزلزال.
A+ A-
شئنا أم أبينا ما قبل 4 آب ليس كما بعده؛ وماذا تنفع الساعة التي تذرّع بها البعض لرفض العديد من مستندات ضحايا انفجار المرفأ بسبب عدم وضوح ساعة الاستشهاد فيها، أكان الساعة السادسة مساءً أو صباحاً؟! هذا التاريخ المشؤوم حفر مآسي وأوجاعاً وعاهات لا يمكن تناسيها. قد تخون الذاكرة بعض الناس إلا أن جرحى الانفجار وأهالي ضحايا المرفأ لن ينسوا ما خلّفته هذه الفاجعة في حياتهم.
يصعب على بعض جرحى انفجار بيروت استكمال حياتهم، هم الذين ما زالوا يخضعون لعمليات جراحية ومتابعات طبية وعلاجات لا تنتهي، منهم من خسر قدميه، ومنهم نظره وآخرون أيدهم... بعضهم ما زال يلملم جراحاته ويحاول الوقوف مجدداً، يتمسك بالجلسات الفيزيائية والعلاجية لاسترجاع حركته ولو بشكل بسيط.
هؤلاء يعيشون الموت كل يوم، يُكابرون على آلامهم وأوجاعهم، ويحاولون الوقوف مجدداً، إلا أن الدولة توجه لهم صفعة معنوية ورمزية في التعامل معهم وإيجاد أجوبة والأهم إحقاق الحق.
برأي رئيس لجنة أهالي الضحايا ابرهيم حطيط، في مؤتمره اليوم، أن "القانون أجحف بحق من أُصيب بإعاقات دائمة أو شبه دائمة، حيث أعطاه حقّ الطبابة بدون منحه أي راتب يُعوّض عليه"، موضحاً أنه "إذا أراد أحد جرحى المرفأ أن يُعالج يجب أن يذهب إلى نفس المستشفى التي نُقل إليها عند إصابته يوم الانفجار لأن وزارة الصحة لم تُعمم أسماء الجرحى على المستشفيات".
في حين وصفت اللجنة ما حصل مع سائر الجرحى في الانفجار بـ"المعيب جدًا"، كاشفةً أن "الضمان الاجتماعي يُغطي كلفة علاج جرحى المرفأ بنسبة 100%، لمدّة شهرين فقط أمّا من لديه علاج مستمرّ فليس بيده حيلة".
 

مشاكل عديدة يواجهها جرحى انفجار بيروت، فالذي أصيب ببتر أطرافه أو فقدان بصره كيف يعتاش؟ ومن لديه رحلة علاج طويلة كيف يؤمّن تكاليف علاجه التي تتخطى الشهرين خصوصاً أن الضمان الإجتماعي لا يغطي سوى 60 يوماً؟ وما حقيقة الملابسات حول كلفة الاستشفاء وتغطيتها من وزارة الصحة؟ وهل هناك من استفاد من هذه الخدمات في حين يدفع البعض الآخر ثمن المراقبة وغياب الشفافية في التعامل مع هذا الملف؟
تؤكد وزارة الصحة لـ"النهار" أنه "ليس شرطاً أن يتوجه جرحى الانفجار إلى المستشفى الذي استقبله يوم الانفجار، وبإمكانه متابعة علاجه في أي مستشفى يختاره خصوصاً أنّ لحظة الانفجار اضطر كثيرون للذهاب إلى مستشفيات بعيدة عن سكنهم نتيجة عدم استيعاب المستشفيات القريبة لأعداد الجرحى. صحيح أن الوزارة لم تعمم أسماء الجرحى على كل المستشفيات لكن يكفي على الشخص القدوم إلى الوزارة والتعريف عن نفسه بأنه جريح انفجار حتى يستحصل على كتاب من وزير الصحة يُمكّنه من المعالجة في أي مستشفى يختاره".
مضيفةً أن "هذا ما يحصل بالفعل، وما زلنا نتلقى جداول بأسماء الجرحى من المستشفيات متعلقة بعلاجات مرضى انفجار بيروت. لذلك لقد تكفلت وزارة الصحة بالجراحات التي أجريت في السابق، ونادرة الحالات التي يتوجب عليها بعد الخضوع لجراحات نتيجة الإنفجار، في حين كل الإجراءات والمتابعات الطبية وفحوصات مخبرية وشعاعية هي على نفقة الوزارة وفق التعميم رقم 124 الصادر عن وزارة الصحة".
 

علماً أن لجنة أهالي الجرحى لم تتواصل مع وزارة الصحة، وقد اتصلت الوزارة بالمرضى للتأكد من صحة البيانات والمعلومات التي قدّمتها المستشفيات عبر جداولها، وبالرغم من أن بعض المستشفيات أخذ من الناس كلفة الطبابة او الرعاية الطبية إلا أن الوزارة اتخذت إجراءً داخلياً داخل الوزارة.
وطلبت وزارة الصحة "لكل جرحى الانفجار التوجه إلى الوزارة لتوضيح أي معلومة مغلوطة او غامضة، والأهم للحصول على كتاب يُخول المريض تلقي العلاج ومتابعة الإجراءات الطبية على نفقة الوزارة وفي أي مستشفى يختاره".
في المقابل، يتحدث جوزف غفري لـ"النهار" (56 عاماً) عن معاناته التي ما زال يعاني منها بالرغم من مرور أكثر من 6 أشهر على الانفجار، يقول: "كنتُ في منطقة الأشرفية عندما دوى الإنفجار، وجدت نفسي مرمياً على الأرض بعد أن وقع الحائط عليّ ما أدى إلى بتر ساقي بالإضافة إلى كسور في كتفيّ. لقد خضعتُ لـ 3 عمليات في قدمي في مستشفى رزق، وما زلتُ أعاني من التهابات تمنعني من إجراء عملية الـprothese لوضع قدم إصطناعية".
ما زال أمام جوزف رحلة علاج طويلة، عليه أن يخضع لجراعة في ساقه قبل أن يستكمل العملية الجراحية لكتفيه. حسب قوله: "في الجراحة الأولى تكفلت وزارة الصحة بكل التكاليف، أما في الجراحتين الأخريين غطت التعاونية كلفة الإستشفاء والجراحة بنسبة 85% أما 15% فكانت على حساب وزارة الصحة. في حين يتحمل كلفة الجلسات الفيزيائية على نفقته الخاصة".
وعما إذا راجع وزارة الصحة بهذا الموضوع، يُجيب: "لقد تواصلتُ مع الصليب الأحمر وكاريتاس واليونيسف ولم ألقَ تجاوباً من أحد. علماً ان هناك بعض الأشخاص "الذين لم يتعرضوا لأي خدش تقاضوا من كاريتاس مبلغ 300 دولار على 3 أشهر، في حين لم ينظر إليّ أحد من هذه الناحية.
مضيفاَ: "لم أتواصل بعد مع وزارة الصحة بالنسبة إلى جراحة كتفيّ حتى أنتهي من جراحة ساقي. وبعد أن أنتهي من تركيب القدم الإصطناعية وأسترجع قوتي وصحتي، سأتحضر لإجراء الجراحة المتعلقة بكتفي.ليست سهلة عملية العظم".
وختم بالقول: "عملتُ 36 عاماً في وزارة الإتصالات ولم أتلقَ اي اتصال من الدولة، اليوم أعمل يومين فقط في الأسبوع نتيجة ظروفي الصحية، ولكن طريقة التعامل معنا لا يمكن وصفها إلا بالمعيبة، "عيب، عنجد عيب".
 
تفادياً للألم
أما الشابة نيكول نقولا فتؤكد لـ"النهار": "لقد أُصبت بالإنفجار نتيجة تواجدي في الجميزة، إنما كنت بعيدة".
خضعت نيكول لجراحتين، واحدة في رقبتها وأخرى في يدها. تشدد على أن "الوزارة غطت كل التكاليف ولم أتكلّف شيئاً. وأثناء تواجدي في المستشفى، وصل مندوب الوزارة لتفقد الجرحى وملأت استمارة. ولم أدفع سوى العلاج الفيزيائي على نفقتي الخاصة، لذلك لا أجد مشكلة في الموضوع خصوصاً أنه لم يعدّ لدي أي اجراء طبي او جراحة تفرض عليّ المتابعة المستمرة. لقد تكفلت الوزارة خلال الجراحتين ومن ثم خرجتُ من المستشفى ولم أعد بحاجة إلى العودة والمتابعة."
وعما يجري مع أهالي وجرحى الإنفجار، لا تُخفي نيكول مشاعرها وطريقة تعاملها مع المسألة، تقول: "لقد قررتُ عدم متابعة أي شيء لأن الموضوع منهك ومتعب نفسياً. لقد عانينا بما فيه الكفاية في ذلك النهار وما زلنا نلملم جراحاتنا ومخاوفنا، اتخذتُ قراراً بعدم متابعة كل ما يتعلق بانفجار بيروت، ولا ثقة لديّ بالتوصل إلى أي شيء. على أمل ألا يكون الحل الذي ينتظرنا الهجرة من لبنان."

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم