السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

الباحثة في تكنولوجيا الفضاء التونسيّة رانيا توكابري لـ"النّهار العربي": مشاركتي في مشروع "قرى القمر" شرف لي وللمرأة التونسيّة والعربيّة

المصدر: "النهار"
الباحثة العالمة رانيا توكابري.
الباحثة العالمة رانيا توكابري.
A+ A-
روعة قاسم
 
في عالمنا العربي نساء سطرّن أسماءهن بحروف من ذهب، فكان النجاح والتفوق والتألق حصادهن بعد مسيرة طويلة من التعب والكد والعمل والتعلم. الباحثة والعالمة في علوم الفضاء التونسية رانية توكابري واحدة من اللواتي استطعن أن يرفعن أسماءهن مع كبار الباحثين والباحثات في علوم تكنولوجيا الفضاء. وهي حالياً تشارك في التحضير لمشروع القرى القمرية الذي تعده كبريات الشركات ووكالات الفضاء العالمية، وربما تكون أول رائدة فضاء تونسية وعربية. وتروي توكابري لـ"النهار العربي" في هذا الحديث الخاص قصة نجاحها بكل تحدياتها ومصاعبها:
 
* برنامج "قرى القمر" هو المشروع الفضائي لإعادة غزو القمر برعاية وكالة الفضاء الأوروبية، لو تحدثيننا عن هذا المشروع وما هو دورك فيه تحديداً؟
- مهمة "القرى القمرية" أو ما يسمى Artemis "أرتيميس" وهي التسمية الأصلية لهذا المشروع، تنجز بمشاركة وكالة فضاء عالمية وشركات خاصة من كل العالم، وستنطلق المهمة بإنشاء محطة قمرية تسمىLunar Gateway وذلك بمشاركة وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" ووكالة الفضاء الأوروبية "ايسا" ووكالة الفضاء الكندية. مهمتي مع باقي أعضاء الفريق العلمي تتمثل بإنشاء الحاسوب الأساسي للمحور الذي سيضم رواد الفضاء من العالم كله، وتصميم وحدة تخزين البيانات أو ما يسمى بالـ"ماس مموريز"، والتي ستكون ضمن الحاسوس الأساسي. وفي الأثناء سننشئ robots سيأخذ بيانات على سطح القمر، وننشئ مخابر صغيرة على سطحه، وسيكون إرسالها على مراحل طيلة العشر أو العشرين سنة المقبلة.
 
* ما أهمية أن تكوني امرأة تونسية وعربية يتم اختيارها لمشروع هام ورائد ومتقدم؟ ولماذا تم اختيارك تحديداً؟
- اختياري للمشاركة في مشروع "أرتيسميت" كان على أساس بحوثي العلمية. وأعتبر أن هذا الاختيار شرف لي وللمرأة التونسية والعربية. وهذا سيفتح المجال أمام العديد من النساء والفتيات العربيات اللواتي يطمحن للدخول إلى عالم الفضاء. وتمّ اختياري حيادياً بالاعتماد على البحوث التي قمت بها، وانطلاقاً من تكويني العلمي والمهني والمقالات التي نشرتها ومشاركاتي العلمية، وكان هذا الاختيار ضمن فريق كبير يجمع علماء حول العالم.
 
* وهل تم تحديد موعد أول رحلة فضائية ضمن هذا المشروع، وهل ستشاركين ضمن البعثات القمرية؟
- تاريخ الرحلة لا يزال غير محدد، بما أن المشروع لا يزال في بدايته، أما اختيار المشاركين في هذه الرحلة فلم يتم بعد.
 
* لو تحدثيننا عن مسيرتك العلمية بداية من التعليم الابتدائي وحتى الجامعي العالي.
- بدأت دراستي في تونس في جامعة INSAT وواصلت دراساتي العليا في فرنسا وألمانيا، حيث نلت الماجستير في الأنظمة المدمجة لتطبيقات الفضاء وتكنولوجيات الاتصال بين الأقمار الاصطناعية، ثم في الولايات المتحدة، وأنا حالياً أعد الدكتوراه في الأنظمة المستقلة بالمهمات القمرية والمهمات في المريخ.
 
* أنت خريجة التعليم التونسي قبل أن تكملي دراستك في ألمانيا، برأيك ما الذي ينقص التعليم التونسي حتى يصبح فاعلاً وحاضناً للكفاءات العلمية لا طارداً لها؟
- في الواقع، أنا أعتبر نفسي محظوظة لأني بدأت دراستي في تونس، لأن التعليم التونسي في مجالي الرياضيات والفيزياء جيد جداً. ولما واصلت دراستي العليا في فرنسا وألمانيا كانت المباشرة سهلة بالنسبة لي مقارنة بزملائي الأوروبيين، لأن تكويننا التونسي النظري المتعلق بالتكوينات الرياضية هو على قاعدة صلبة. ولكن من وجهة نظري، النقص في التعليم التونسي يكمن تحديداً في مجال تكنولوجيا الفضاء، فأنا أعتبره غير متطور بما فيه الكفاية. ولكن أعتقد أنه ما دام هناك أقمار اصطناعية انطلقت في تونس من سنة 2021 سيكون هناك تطور في هذا المجال، وسيكون هناك دعم من وزارة التعليم العالي لإدماج مجال الفضاء في الاختصاصات التونسية.
 
* يردد البعض أنك لو بقيت في تونس لما حققت كل هذا النجاح في مجال علمي استثنائي وصعب فماذا تقولين؟
- كان طموحي أن أشتغل في مجال ليس موجوداً في تونس، وهو مجال الفضاء. فمن الطبيعي جداً أن لا أكتفي بالبقاء في تونس بل أحاول أن أطمح لتطوير ذاتي وعلمي في بلدان أخرى. صحيح لو بقيت في تونس لما كنت قد دخلت مجال الفضاء، ففكرة الذهاب إلى بلدان أخرى متطورة في هذا المجال هي مهمة جداً، لأن ذلك سيمنح طالب العلم الخبرة والتقنية اللازمة في وقت أقصر. فتبادل المعارف والخبرات مهم جداً، وهنا أؤكد أن من واجب البلدان العربية والأفريقية أن تطور هذه المجالات لتستقطب علماء وباحثين من كل دول العالم لكي تكون المعرفة تامة بصفة ناجعة.
 
* ما هي طموحاتك المستقبلية وأهم مشاريعك القادمة؟
- أهدافي أو مشاريعي في الفترة القادمة هي مواصلة بحوثي في تطوير الأنظمة المستقبلية لمهمات القمر ومهمات المريخ، وذلك سيكون مباشرة ضمن مشروع Artemis الذي سيسهل لنا الذهاب إلى القمر وبناء مستوطنات فيه. ومن بين المشاريع الأخرى التي أطمح إليها هو تطوير مجال الفضاء في تونس والوطن العربي وفي أفريقيا، وجعله مجالاً يؤّثر مباشرة في اقتصاد البلدان.
 
* برأيك هل يستطيع الإنسان أن يتأقلم مع العيش على القمر، بخاصة من الناحية النفسية؟
- في الوقت الحالي، يقوم عديد العلماء ببحوث لفهم قدرة الإنسان على العيش على سطح القمر لفترة طويلة. أنا شخصياً قمت بهذه المهمة عبر محاكاة البقاء على سطح القمر لمدة أسبوعين، وتأكد لدي أن العزلة ليست سهلة. ولكن العلماء والمهندسين يحاولون أن يوفروا مستوطنات ملائمة لعيش الإنسان على سطح القمر، ويحاولون أن يهيئوا أماكن خضراء تؤسس المستوطنة، وأن يكون هناك تعامل يومي بين رواد الفضاء بشكل يمكنّهم من تحمّل العيش لفترة طويلة في عزلة تامة.
 
* ما هي رسالتك إلى المرأة التونسية والعربية عموماً وما هو سرّ النجاح وتحقيق الأحلام برأيك؟
- رسالتي إلى المرأة التونسية والمرأة العربية هو أن تشتغل من أجل تحقيق طموحاتها وأحلامها، وألا تكتفي بأن تكون مجرد أحلام فقط، بل يجب أن تسعى إلى تحقيق ذاتها. وأعتقد أن كل مرحلة تهيئنا لمرحلة أخرى، والفشل أو التعثر في إحدى المراحل يجب أن يعطينا القدرة والقوة على تحمل الأصعب. والمهم أن نستفيد من تجاربنا الخاصة وتجارب غيرنا، ونحاول أن ننظر دائماً نحو الأفضل. ورسالتي إلى المرأة العربية هي ألا تتأثر بقوى الرجوع إلى الوراء في أي مجتمع، نحن في سنة 2022 ومن حقنا ومن واجبنا أن نطمح لتغيير وقائع وأحكام معينة نمطية، وأن نشارك مباشرةً وبصفة ناجعة في تطوير قدراتنا وإمكاناتنا، من بينها مجال التكنولوجيات بصفة عامة وتكنولوجيات الفضاء خاصة.
 
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم