الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

تقنياً... هل يمكن إيقاف تطبيقات الدولار في لبنان؟

المصدر: "النّهار"
ابراهيم مخزوم
ابراهيم مخزوم
الدولار المفقود (مروان عساف)
الدولار المفقود (مروان عساف)
A+ A-
 
  
بعد نحو عامٍ ونصف عام على بدء الأزمة الإقتصادية اللبنانية وبدء ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل العملة الوطنية، تخطى سعر الصرف هامش الـ10 آلاف ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد في السوق السوداء الأسبوع الماضي في حين لا يزال سعر الصرف الرسمي 1515.
 
تفاقم الأزمة الإقتصادية دفع بالدولة للتحرك طبعاً، فتلك الدولة التي فشلت في إدارة أبسط الأزمات، وجدت أنّ سبب الأزمة التي تمر بها البلاد تطبيقات سعر صرف الدولار على الأجهزة الذكية، وأعلنت التحرك لإيقاف هذه التطبيقات والمواقع، فهل تعلم الدولة اللبنانية أنّ هذه الخطوة غير ممكنة تقنياً؟ أم أنّها تحاول إخراج تمثيلية تتمحور حول مساعيها الزائفة لوقف تدهور العملة الوطنية؟

وأعلن مدير عام "أوجيرو" لبنان ، عماد كريدية عبر "تويتر" بأنّ الشركة تمكّنت من حجب المواقع الإلكترونية التي تتداول سعر الصرف، لكنّ حجب التطبيقات تعذّر عليها وطلبت من الجهات القضائية أن تراسل متجر "غوغل بلاي"
وموقع "فايسبوك" لحذف هذه التطبيقات والصفحات لمخالفتها القوانين والقرارات القضائية.
 
 
من الناحية التقنية، هذه الخطوة غير فعّالة بدرجةٍ كبيرة نظراً إلى أنّ "آلية عمل هذه التطبيقات بسيطة وتطويرها لا يكلّف سوى بضع مئات من الدولارات" بحسب المدير الإقليمي في شركة "سيسكو" للأمن السيبراني، فؤاد الصلح. هذا الأمر يعني أنّ نشوء هذه التطبيقات عملية سهلة للغاية وقد تحدث في غضون ساعات من حجب مثيلاتها، لذلك "إذا حجبنا تطبيق X على سبيل المثال، غداً سيظهر تطبيق آخر"، هذا إذا تجاوبت الشركتان مع مطالب الدولة اللبنانية في المقام الأول.

وقال الصلح في حديثٍ سابق لـ"النّهار" إنّه يمكن إنتقال التطبيق من مضيف إلى آخر أو إجراء تغيير بسيط في برمجته وإعادته إلى العمل، مؤكداً أنّ "الآليات غير فعّالة بشكلٍ قاطع لمحاربة تطبيقات الدولار في لبنان، إذ إن الجمهور سيجابه الدولة للوصول إلى المعلومة". وحول آخر المستجدات، يقول: "هناك بعض الحلول في مجال الأمن السيبراني، لكنّها تكلف عشرات ملايين الدولارات ولن تأتي بالنتائج المرجوة"، وفي حالةٍ مماثلة، الأجدى بالدولة أن تضع جهودها في مكانٍ آخر إذ يختم الصلح كلامه قائلاً: "ما يحدث الآن مهزلة".

فضلاً عن هذا، سبق وأشار المحامي بول مُرقص، مؤسس منظمة "Justicia" الحقوقية لـ"النّهار" إلى أنّ صدور تشريع خاص لهذه التطبيقات يجاري التطور التقني الذي وصلنا إليه اليوم أصبح مطلوباً في ظل غياب تشريعاتٍ صريحة وواضحة تبيح وقفها حتى الساعة. وقال إنّه "يصعب ضبط هذه التطبيقات لأسبابٍ تقنية عديدة. أنشأ هذه التطبيقات محترفون تقنيون لديهم إلمام بالأسواق المالية وليسوا هواةً. يُرجَّح أنّ هذه التطبيقات نشأت في بلادٍ آسيوية لا في لبنان، ووراءها نفوذ مالي أو سياسي أو الاثنان معاً".
وكشف مُرقص بأنّه يمتلك "معلومات تفيد بأنّ نقابة الصرّافين سعت جاهدةً إلى مطالبة السلطات القضائية والأمنية المختصّة بضبط هذه التطبيقات حفاظاً على الحدّ الأدنى من استقرار سعر الصرف، ولم تفلح الجهود".

إذاً، الخطوة التي اتخذنها الدولة اللبنانية شكلية أكثر منها عملانية، وهي عملية إلهاء مفادها أننا نسعى جاهدين للسيطرة على الأزمة الإقتصادية. خطوة تطرح الكثير من علامات الإستفهام، هل السبب الأساسي لسعر صرفٍ تضاعف 7 مرّات تطبيقاتُ تداول الأسعار أم خطط اقتصادية فاشلة؟ أم أنّ هذه الخطوة "فشة خلق" بهذه التطبيقات في حين لا نستطيع التحرّك؟ فإذا كانت الدولة اللبنانية لا تعلم أنّ خطوتها "مهزلة" ولن تأتي بنتائج، فتلك كارثة، وإن كانت تعلم، فالكارثة أكبر، وتليق بمعايير دولتنا الكريمة.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم