الجمعة - 03 أيار 2024

إعلان

ديوكوفيتش... جهود فاشلة لدخول القلوب وحصاد مستمر للألقاب

المصدر: "أ ف ب"
ديوكوفيتش. (أ ف ب)
ديوكوفيتش. (أ ف ب)
A+ A-
لطالما رافق الجدل مسيرة الصربي نوفاك ديوكوفيتش، غير أن نجم كرة المضرب نادراً ما يولي أهمية لهذه المسألة، فهو دوّن الأحد اسمه في تاريخ سجلات الكرة الصفراء بعدما بات أول لاعب يحقق 23 لقباً في بطولات "الغراند سلام" بفوزه برولان غاروس.
 
بعد بطولة أوستراليا مليئة بالأحداث، خلق ديوكو مرة أخرى جدلاً على صعيد دبلوماسي هذه المرة في باريس من خلال إعادة التأكيد على أن "كوسوفو كانت قلب صربيا" عندما وقعت الاشتباكات هناك. كما استخدم رقعة غامضة على صدره في المباراة وقدّم شرحاً استفزازياً. 
 
قال ديوكوفيتش الذي سيستعيد الإثنين المركز الأول في التصنيف العالمي للاعبين المحترفين من الإسباني كارلوس ألكاراز: "عندما كنت طفلاً، أحببت الرجل الحديدي "أيرون مان". لذلك يستخدم فريقي تقنية النانو الرائعة التي تسمح لي بتقديم أفضل ما لديّ. هذا هو سر مسيرتي". 
 
أصبحت قائمة الجدل والعثرات والمواقف التي أسيء فهمها طويلة جداً، بحيث لا يأمل ديوكوفيتش في أن يقترب يوماً ما من شعبية الإسباني رافاييل نادال الذي فك ارتباطه معه بعدد الألقاب الكبرى بفوزه في رولان غاروس والسويسري روجيه فيدرر، خارج صربيا والبلقان حيث يتم تقديسه.
 
أشار ببساطة في رولان غاروس بطريقة ساخرة إلى: "من الواضح أنني لن أشارك في بطولة غراند سلام بعد الآن من دون حدوث جدل"، مع التأكيد من أنه وجد "الدافع" هناك.
 
 من حيث المبدأ، هذا الرجل المتأهل وأب لطفلين لديه كل شيء ليكون أيقونة حيّة: لطيف، محترم، بتصرف الجميع، فكاهي، وطني مع الانفتاح على بقية العالم، ذكيّ، مثقف، متعدد اللغات، ومع ذلك!.
 
وخلال مسيرته على ملاعب كرة المضرب تعرض ديوكوفيتش لصيحات الاستهجان من قبل أقلية من المشاهدين. لذا تطرح الاسئلة التالية: هل هو جامد كثيراً؟ هل يمكن توقع تحركاته؟ هل يحب الدفاع؟ هل هو فكاهي أكثر من اللازم؟ أم متكبر أكثر من اللازم؟ ربما ببساطة هو قوي جداً. 
 
"الحقيقة هي أن 90% من الوقت، إن لم يكن أكثر، ألعب ضد منافسي وأيضاً ضد الملعب. أنا معتاد على ذلك، لكنني إنسان، لديّ مشاعر، وأحياناً أشعر بالانزعاج عندما يتم استفزازي"، قال ذات مرة في بطولة ويمبلدون. 
 
جهود فاشلة
ورغم ذلك، فقد بذل الصربي جهوداً جبارة لعكس هذا الاتجاه، على سبيل المثال عن طريق إرسال إشارات الامتنان إلى المدرجات بعد كل انتصاراته أو من خلال مخاطبة الجماهير المحلية بلغتها الأم (الفرنسية والإيطالية والألمانية والإنكليزية).
 
حصل على دعم الجماهير في نهائي بطولة الولايات المتحدة المفتوحة عام 2021، حيث بعد فوزه ببطولات أوستراليا المفتوحة ورولان غاروس وويمبلدون، خسر أمام الروسي دانييل مدفيديف وكان قاب قوسين من تحقيق الألقاب الأربعة في "الغراند سلام" في عام واحد في إنجاز تاريخي.
 
لكن لحظات الإعجاب هذه مع الجماهير كانت عابرة، اذ بعد عدة أسابيع أثار جدلاً بسبب مسألة عدم حصوله على اللقاح الإجباري المضاد لفيروس كورونا لدخول أوستراليا مرة أخرى ولم يعارض ديوكوفيتش سوى عن طريق الصمت الذي بدا غامضاً في البداية، ثم أصبح مزعجاً. 
 
عدة مرات اُحبطت جهوده بمبادرات مؤسفة، مثل تنظيم دورة في يوغوسلافيا السابقة في خضم جائحة كورونا تحولت إلى مركز للوباء.
 
كما تم استبعاده من دور ثمن النهائي في بطولة الولايات المتحدة المفتوحة عام 2020 بعدما رمى الكرة من دون قصد باتجاه أحد حكام الخط (حكمة) تعبيراً عن غضبه. كما رمي مضربه في بطولة الماسترز الختامية عام 2016 وتكرر هذا المشهد مرات عدة في دورات أخرى.
 
حصاد مستمر
وفي وقت فشل في دخول القلوب، نجح في حصد العديد من الألقاب في حصاد مستمر من دون توقف، حيث في سن الـ 36 عاماً حقق معظم أحلامه والتي كانت دائماً عالية: في السابعة، أعلن في مقابلة أجراها في التلفزيون الصربي أنه يريد أن يصبح الرقم واحد في العالم. 
 
فاز ديوكوفيتش بـ 23 لقباً في البطولات الأربع الكبرى (الرقم القياسي للرجال، بفارق لقب عن الرقم القياسي المطلق للأوسترالية مارغريت كورت)، وبـ 94 دورة، منها 38 لماسترز الألف، وهو رقم قياسي، و6 ألقاب في بطولة ماسترز الختامية حيث يتشارك الرقم القياسي مع فيدرر. وسيبدأ الإثنين أسبوعه الـ 388 في صدارة الترتيب العالمي للاعبين المحترفين، في رقم قياسي آخر في سجله المثقّل بالانتصارات.
 
أما من ناحية مكاسبه المالية، فهو بالطبع في أوج هذه النجاحات مع ما يقرب من 170 مليون دولار جمعها فقط من "جوائز مالية" (الجوائز التي توزعها البطولات)، وذلك من دون احتساب عائدات الإعلانات وغيرها.مصير سعيد لم يضمن له منذ الولادة.
 
ذلك لأن ديوكوفيتش، المولود في بلغراد في 22 أيار 1987، لم يترعرع في شرنقة. في سن الثانية عشرة، هرباً من قصف الناتو أثناء الحرب في البلقان، أمضى خلال شهرين ونصف الشهر، أمسياته في الملاجئ هرباً من الغارات الجوية وأيامه، في ملعب لكرة المضرب، لأن المدرسة كانت مغلقة. 
 
بذلت عائلته، التي كانت تُدير مطعماً للبيتزا في منتجع صغير للتزلج، تضحيات مالية كبيرة لإرسال "المعجزة" إلى مدرسة لتلقين أصول كرة المضرب في ألمانيا لمدة ثلاث سنوات، قبل أن يصبح محترفاً في عام 2003. 
 
وصفة نجاحه الرياضي هي مزيج من المكونات الواضحة مثل الموهبة والعمل الجاد، ومكونات أكثر رواجاً (نظام غذائي خالٍ من الغلوتين للمقاومة، واليوغا من أجل المرونة والاسترخاء العقلي) وغيرها من العناصر الغريبة إلى حد ما: غرفة الأوكسجين من أجل التعافي، معلّم روحاني، وزيارة "هرم" غامض في البوسنة من أجل "الطاقة"، الكثير من الحبوب لـ "طحن" منافسيه في ملاعب الكرة الصفراء.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم