الأربعاء - 01 أيار 2024

إعلان

خونة القضيّة

المصدر: النهار - كريس تشوبوريان
بعد مرور مئة وثمانية أعوام على الإبادة الجماعية التي ارتكبتها السلطنة العثمانية في حقّ الشعب الأرمنيّ، لا يبدو أنّه تغيّر الكثير للأسف
بعد مرور مئة وثمانية أعوام على الإبادة الجماعية التي ارتكبتها السلطنة العثمانية في حقّ الشعب الأرمنيّ، لا يبدو أنّه تغيّر الكثير للأسف
A+ A-
بعد مرور مئة وثمانية أعوام على الإبادة الجماعية التي ارتكبتها السلطنة العثمانية في حقّ الشعب الأرمنيّ، لا يبدو أنّه تغيّر الكثير للأسف، بل بدّل المجرمون وشركاؤهم أزياءهم التنكّريّة فقط… الباشا تحوّل إلى رئيس دولة، الجاسوس أو المخبر كَبُر دوره ليصبح عميلاً برتبة رئيس حكومة، المجازر والجرائم أصبحت تُرتكب بوساطة دمىً بزيّ رؤساء دولة.
بالفعل، عندما أدرك الباشا أنّه من الصعب جدّاً إسكات الشعب الأرمنيّ المجروح، حتّى لو بعد أجيالٍ ثلاثة، قرّر الاستثمار بخونة للقضية ولدماء الشهداء.
بدأت العمليّة عام ٢٠١٨، حين أتى الحراك الشعبيّ بزعيم المعارضة وقتها، رئيساً لحكومة أرمينيا. كالأفلام تماماً، يختار حكّام الأرض شخصيّة ضعيفة، انتهازيّة، وصوليّة، ليجعلوا منها عبداً لهم، كي تنفّذ أجنداتهم، طمعاً بمنصبٍ كان يحلم به منذ زمنٍ. لم يبقَ اليوم من ذاك الشخص الذي كان متوّجاً نفسه زعيماً على المعارضين، سوى شخصيّته الحقيقية، عميلاً راكعاً تحت أقدام مشغّليه.
اكتملت أرضية مشروعهم، عام ٢٠٢٠، حين اندلعت الحرب بين آرتساخ وأذربيجان. فبعد ٤٤ يوماً من الصمود والقتال للحفاظ على الأرض والوطن، قرّرت الدمى، وبشخطة قلمٍ، التنازل عن جزء من أراضي جمهورية آرتساخ، متناسية دماء الضحايا الذين سقطوا، ولاسيّما الشباب الذين فدوا الوطن بحياتهم. دخل القاعة منحنياً أمام أسياده المشغّلين، ليوقّع بخنجرٍ ورقة التخلّي عن القضية والوطن. فبعدما كان الأرمن يطالبون، منذ أكثر من مئة عامٍ، بالأراضي التي انسُلخوا عنها من قبل السلطنة العثمانية، أتى هذا التوقيع ليضيف إلى مطالبهم أراضي آرتساخ، ويزيد في أنفسهم القليل من الإحباط والكثير من الإصرار.
بعدها، بدأ المجرمون تنفيذ مشروعهم الكبير: تقريب الشعوب لضياع القضية في مهبّ النسيان!
راهن الأتراك، على أنّ كسر الزجاج شيئاً فشيئاً، سيجعله بلا قيمة، وبالتالي عند الانكسار التامّ لن يتأثّر أصحابه كثيراً فستمرّ العمليّة بلا أضرار، لكنّهم نسوا أنّ الزجاج يجرح، من حيث لا يدري، مَن يعتقد أنّه يتحكّم به جيّداً.
فبدأ الأتراك ينظّمون لقاءات مع العميل، مصوّرين بذلك تقارب الدولتيْن، لكن في الحقيقة ليست اللقاءات والمصافحة سوى مشهد صاحبٍ يتكلّم مع كلبه ويصافحه بعد أداء دوره جيّداً.
من ثمّ جاءت مباراة في كرة قدم مثلاً لترطّب العلاقات بين الشعبيْن في إطار الروح الرياضيّة، تنفيذاً لخطّة احتلال الأوطان بالطرق السلميّة، عبر تقريب الثقافات والفنون والرياضة.
لا شكّ فيه أنّ عدداً من الأرمن انجرّ إلى هذا المخطّط وتوهّم بوعود "زعيمه"، واعتقد أنّ بعد مئة وثمانية سنوات ستموت القضية، لكن بقي الشرفاء أوفياء لأجدادهم الشهداء، يذكّرون في كلّ مناسبة إجرام الأتراك ومرتزقته.
محظوظون وعملاء خونة القضية لأنّنا نعيش في زمن حقوق الإنسان، حيث لا يمكن لأحد أن يحاكمهم محاكمة شعبيّة، كما كان الفدائيّون يأخذون بثأر القضية أمام لاعدالة الأنظمة. نعم، زمن حقوق الإنسان، الذي يسمح بحصار آرتساخ منذ أكثر من أربعة أشهر، في ظلّ سكوت المجتمع الدوليّ ومنظّماته… مهزلة هذا الزمن!
في علم السياسة، هؤلاء أداة، ينتهي تاريخ صلاحيتهم مع انتهاء مهامهم… أو بعد إفشال مخطّتهم من قبل المناضلين الشرفاء.
بعدها سيندم مشجّعوه السابقون وسيجرّهم العميل إلى لائحة العار، لائحة تجّار دماء أجدادهم الشهداء.



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم