السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

أصدقاء المصالح

المصدر: النهار - هدى غازي
"كان يا مكان ولم يعد أحد كما كان" "عندما تنتهي المصالح يُصبح الحلو مالح"
"كان يا مكان ولم يعد أحد كما كان" "عندما تنتهي المصالح يُصبح الحلو مالح"
A+ A-
"كان يا مكان ولم يعد أحد كما كان"
"عندما تنتهي المصالح يُصبح الحلو مالح"
"خلصت المصلحة راحت المرحبا"
أقوال متداولة لطالما سمعناها، وما هي إلا عصارة مواقف أثبتت صحّتها عبر السنين، وقد حذّرنا أصحابها وغيرهم ممّن لسعتهم الثقة العمياء بالمقرّبين وجعلتهم يتفادون التقرّب من الآخرين خوفاً من الوقوع في غياهب العلاقات المفخّخة. وبالرغم من أنّ الثقة هي جسر الحياة الرّصين، فقد يكون أحياناً أفدح خطأ ترتكبه بحقّ نفسك إن غرست بذورها في تربة فاسدة؛ فالوفاء - يا سادة - عملة نادرة، تكشف معدنها التجارب والاختبارات، حين تحاصرك الغيوم وتمطر عيناك بأثقال الهموم، فيمسح دمعك مَن أحبّك لشخصك، ويرحل عنك الممثّلون.
فالمشاعر الزائفة لا تبقى طويلاً، ومَن هجرك في حزنك لن تحتاجه في فرحك.
الصديق هو من أحبّ لك الخير، وبادلك الوفاء بالوفاء، ووقف بجانبك في الشّدّة والرّخاء.

" من لم يشرب من بحر التجربة يموت عطشاً في صحراء الحياة "
لذلك، فإنّ قواعد التعامل تختلف بعد تخرّجك في مدرسة التجارب، ووقود وعيك يزداد عند كلّ محطّة يسلكها قطار حياتك. وتفادياً لشظايا الخيبات المتوقّعة والحمولة غير الضروريّة بتنا نفرز ثمار الصداقات، فنحتفظ بالناضج والصحيّ منها، ونرمي خلف ظهورنا ما نتن وغسلت مكياجه أمواج التقلّبات.

كم من صديق أصبح عدوك!
وكم من قريب أضناه علوّك!
في دروب حياتنا المتعرّجة نمرّ بفترات صعود وهبوط، نبني علاقات طيّبة مع أناس رصيدها الحبّ والمساندة، ونكشف عن نفوس مريضة أصابها خلل الغيرة والحسد والتعالي، فغاب عنها الخير والسّلام، وسيطر عليها الأذى فحرمها الابتسام.

ولا يُمكننا أن نُنكر أنّ الأصدقاء الحقيقيّين هم نعمة الحياة؛ فقد يكون الصديق بمثابة الأخ والابن والأب؛ والصداقة المتينة المبنيّة على الصدق والوفاء والنية الصالحة يسودها الاستقرار العاطفي والتوافق الفكري، وتتجرّد من نقمة المصالح، ولا تنقطع مدى العمر على غرار الصداقات الوهمية التي تتغذّى على المنفعة، ولا ترتكز على القيم، وتمسّها نزعات الشرّ من حسد وغيرة وعتب مفرط. فهذا النوع من الصداقات يُسبّب الضغوطات والإحباط تدريجيّاً، ويتلاشى مع المحن ومتغيّرات الزّمن، وزواله حتميّ لا مفرّ منه.
وبالرّغم من اختلاف أوجهها، فإنّ الصّداقة من أسمى العلاقات الإنسانيّة المرتبطة بالسّعادة، وصداها يؤثّر في مختلف مجالات الحياة، خاصّة النفسيّة والاجتماعيّة منها.
وكما يُقال، هي الوجه الآخر غير البرّاق للحبّ، ولكنّه الوجه الذي لا يصدأ؛ زُرعت بالمحبة، وسُقيت بماء المودّة، لا توزن بميزان ولا تقدّر بأثمان، ولا بدّ منها لكلّ إنسان.
لذلك، إن اخترت صديقاً فاختره بإتقان، وحصّن صداقاتك من البهتان كي ترسو بك إلى برّ الأمان .


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم