الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

اللبناني... "عينو لبرّا"..

المصدر: النهار - كاتيا سعد - الامارات
أتأسّف على أن يصل لبنان بفعل حكّامه وشريحة من شعبه
أتأسّف على أن يصل لبنان بفعل حكّامه وشريحة من شعبه
A+ A-
وأنا أتابع الأحداث في لبنان، وبورصة العملة اللبنانية مقابل الدولار، والكهرباء، والمحروقات، والمواد الغذائية، ناهيك بالتأكيد عن سوء الأوضاع الذي يصلك خبره بطريقة النكتة... خطر على بالي: "ونتساءل لماذا اللبناني ينظر دائماً إلى الخارج؟". ولماذا "يتغزّل" دائماً بحكومات دول أخرى؟ ذلك لأنّه وجد في الخارج ما لم يتمكّن من الشعور به في وطنه، بغضّ النظر عمّا نجده نحن كمغتربين في زوايا الحياة الاغترابية. اليوم الشعب "بإمو وأبو، عينو لبرّا"، وهذا بات وكأنه حقاً من حقوقه.
أتأسّف على أن يصل لبنان بفعل حكّامه وشريحة من شعبه، إلى هنا، إلى هذا الانحدار على جميع الأصعدة، الى هذا السواد النفسي في روح اللبنانيين، إلى حالات انتحار تدخل في جدول يومياته، إلى تسارع عجلة السرقة، إلى انتحال شخصيات، إلخ.. لدرجة أنّ البعض يبرّرون أعمال السرقة، بالقول "العالم بدها تعيش، ما بتنلام". أتأسف أن يصبح طموح الشعب بأكمله أن تأتي الكهرباء ساعة أو ساعتين متتاليتين خلال النهار؛ أن يتمنى ألا يمرض أحد أفراد العائلة ليس فقط لأنّ الصحة مهمة بل لأنه قد لا يحصل على الطبابة المناسبة أو الدواء... أتأسف على أنّ وطناً بات ينعى أبناءه، أكثر ممّا يزفّهم ؛ ويستيقظ على وضع أسوأ مما كان عليه قبل نومه... أتأسف على شعب تقمّص شخصية "الماديّ" مُجبراً، فبات يراقب الليرة والدولار أكثر مما يراقب شؤون أسرته... أتأسف على شعب يتحسّر على عمر كان عليه أن يعيشه مرتاحاً، ولكن بات مفعماً بالهمّ والضيق... أتأسف على شعب بات يحصر تفكيره في الشؤون الداخلية، يتابع تطبيقات خاصة بالعُملة والبنزين، ويتواصل مع الصرّافين.
إن نظرنا حولنا سنجد أن العديد من الدول في حالة هيجان سياسي وأمني واجتماعي، وعلى الرغم من ذلك ما يزال اللبناني يقول "بيضلّ أحسن من اللي عم نعيشو.. أصلاً مش عايشين". وما أصعب أن تصل بك الحال إلى أن تسمع أهلك يقولون: "شو بدك ترجع تعمل هون"، بعد أن كانوا يتمنون عودتك... ما أصعب أن تكون أنت كمغترب ترغب بالعودة إلى لبنان، ثم تضطرّ إلى أن تبقى مكانك أو تنتقل إلى بلد اغترابي جديد.
وصل لبنان حدّ الفلتان العنيف، طبقة حاكمة غير مؤهّلة لا من قريب ولا من بعيد أن تعتلي أيّ منصب، وبعض أصحاب المصالح الذين لا يشفقون على أحد ويتلاعبون بالأسعار على هواهم. اليوم لبنان لم يعد جريحاً، بل معنّف؛ واللبناني وهو ينظر إلى الخارج ليس خائناً، وإنما يبحث عن متنفس له، وإن كان ضئيلاً. هناك دائماً أمل بأن تتحسّن الأمور، وأن تعود عين الخارج إلى لبنان... وإن حدث، فهل سيكون على أيامنا؟ أشكّ، ولكن المعجزات موجودة!!














الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم